السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا امرأة أعيش في الغربة، متزوجة منذ أربعة أعوام، وعندي أطفال، زوجي لا يحبني، ويعاملني معاملة سيئة، فهو يشتمني دائما أمام الآخرين، ويمد يده ويضربني، لا يحترمني أبدا، ولا يراعي مشاعري، يختلق المشاكل في كل ليلة حتى يبدأ الشجار بيننا، علما بأنني حامل، وأنني مريضة، ولكن زوجي يذهب ويتركني وحيدة بين همي وغمي، والدموع التي تغطي وجهي، وتبلل وسادتي.
في كل مرة أعود وأسامحه، رغم كل ما يفعله معي، أعود وأتوسل له حتى يرضى، علما بأنني لا أبوح لأحد، ولا أذكره إلا بالخير أمام الآخرين، صبرت كثيرا، لعل صبري يكون هو مخرجي، ولكن لا فائدة، فقد استغل سكوتي، صار يجرحني بكلامه، ويردد قائلا: (أنت زبالة) - أعزكم الله -، أعلم بأنني لست على قدر من الجمال، فهو لا ينظر لي حينما نكون في الفراش، ويعاشرني مثل ما تفعل الحيوانات - أكرمكم الله -.
لست جميلة في نظره، ولكن كل من يراني، يشهد بجمالي وجاذبيتي الملفتة، باستثناء زوجي الذي يستعر مني حينما أكون معه، وحينما نخرج، لا نكمل سيرنا إلا وقد جعل بيني وبينه مسافة، وتنتهي المسافة بالشتم والكلام الذي لم أسمعه إلا مع هذا الرجل، أنا سيدة محترمه، والجميع يشهد بذلك، هذا الزوج مسح كرامتي في الأرض، فهو يطلب مني أمورا جنسية أخجل من ذكرها، فهو لا يستمتع، ولا يتمكن من القذف إلا بها، ثم ينتهي ويذهب دون لمس شعرة مني، ألا يعتبر هذا نوع من أنواع الظلم والجحود، لقد صبرت كثيرا من أجل صغاري.
موطني الأصلي لا يصلح للعيش، لقد أهملت نفسي، وكرهت الحياة مع هذا الزوج، وكرهت نفسي أيضا، ولا أستطيع البوح لأهلي، فانا لا أريد إشغالهم وإثارة مخاوفهم، كل مرة أطلب منه الطلاق، فيرد بالموافقة، ولكنه لا يطلق، هو لا يريد تطليقي خوفا على نفسه من كلام الناس، لكنني تعبت كثيرا، والشرع أباح الطلاق وحلله، بلغت الثلاثين، ولكنني أشعر وكأنني في الخمسين، علما بأنه ينظر للفتيات ويتلهف عليهن، ويكن أكبر مني سنا، لقد تعبت كثيرا، فهل أخبر أهلي بما يحدث؟ مع العلم بأن طفلي الأول يبلغ من العمر سنتين، وطفلي الثاني يبلغ خمسة أشهر.
أفيدوني، جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ خديجة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت، وفي أي موضوع، ونسأل الله جل وعلا أن يصلح ما بينك وبين زوجك، وأن يصرف عنكم كيد شياطين الإنس والجن، وأن يعوضك خيرا عن هذه المعاملة السيئة، كما أسأله تبارك وتعالى أن يجعل غدك أفضل من يومك، وأن يجعل حياتك القادمة، أفضل من حياتك الحالية والماضية.
وبخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة -، فالذي يبدو أن هذه الحياة فعلا في غاية الصعوبة والمشقة، وكما ذكرت، إن الله تبارك وتعالى قد أحل الطلاق، والله تبارك وتعالى لا يريد للمسلم أن يذل نفسه، سواء كان رجلا أو امرأة، وكون المرأة متزوجة برجل، ليس معناه أنها عبدة عنده، وإنما الله تبارك وتعالى أوصاه بحسن العشرة، وحسن المعاملة، وقال تعالى: {وعاشروهن بالمعروف}، والنبي - صلى الله عليه وسلم -، قد أوصى بذلك أيضا، عندما قال: (استوصوا بالنساء خيرا)، وبين ذلك في السنة أنه (لا يكرم المرأة إلا كريم، ولا يهينها إلا لئيم).
ولكن هذا الوضع الذي ذكرته وضع - يا بنيتي - فوق الطاقة، أنا أرى فعلا أن الله كان في عونك حقا على صبرك على هذه الإهانات المتكررة والمتنوعة، ولذلك أرى - بارك الله فيك -، أولا: أن تجلسي مع زوجك جلسة، وأن تجمعي قواك، وأن تتكلمي معه بكل وضوح، بأن هذه الحياة بهذه الطريقة لا تصلح لك، وأنك لست على استعداد لمواصلة هذه الرحلة بهذه الطريقة السيئة، وبيني له أنك قد مللت، وأنه قد وصل بك إلى درجة أصبح من المتعذر عليها أن تستمر معه بهذه الطريقة.
اذكري له وقولي له: (من الممكن أن تذكري لي ما هي الأسباب التي جعلتك تنفر مني هذه النفرة)، وقولي له (أعطني أسبابا، أعطني قرآنا، أعطني قناعات تدل على أني لا أصلح أن أكون زوجة لك، حتى تعاملني بهذه الطريقة، اذكر لي عيوبي التي تراها في حتى أحاول إصلاحها، فإن أصلحتها فالخيار لك، وإن لم أصلحها فمن حقك أن تسرحني، أما أن تعاملني بهذه الطريقة، أنا لا أستطيع أن أصبر على هذه الحال مطلقا؛ لأني فقدت كل قدرة على الاستمرار في هذه الحياة بهذا الذل وبهذه المهانة).
ولا مانع - يا بنيتي - أيضا أن تستعيني بعد الله تعالى بأحد الرجال العقلاء من المركز الإسلامي عندكم في هولندا، وأنا أعرف أن هناك نشاط إسلامي طيب، وعندكم وضع مرتب، من الممكن أن تستعيني بأحد أئمة المسجد إذا تكلمت معه، المهم إذا عجزت مع زوجك قبل أن تطلبي الطلاق، يجب أن تدخلي أحدا للإصلاح بينكما، لعله أن يرتدع عن هذه التصرفات المؤلمة والمؤذية، فإن يسر الله تبارك وتعالى وتم الصلح، وحصل هناك تفاهم، ولو قلل أو خفف من هذه المشاكل يكون ذلك حسنا، وإن استمر على ذلك، فأنا أرى أنك لن تعيشي مرتين - يا بنيتي -، فالإنسان يعيش مرة واحدة في عمره، فعيشي يومك بطريقة صحيحة بعيدة عن هذا الذل والهوان، واعلمي أن الله لن يضيعك، وأن الله لا يضيع أهله، ما دمت مظلومة فسينتقم الله تبارك وتعالى منه، وسيعوضك الله تبارك وتعالى خيرا منه.
لكن إذا استمر على ذلك، لا مانع من إدخال أهلك في الأمر، لأنك الآن أصبحت عاجزة عن حل مشاكلك بنفسك، والأمر أصبح فوق طاقتك، والدليل على ذلك أنك لجأت لهذا الموقع، فمعنى ذلك أنك في حاجة ماسة إلى مساعدة، وأنا أقول: ابدئي بنفسك وحاولي، إن نجحت فيها ونعمت، وإن لم تنجحي فإن وجدت أحدا في بلاد الغربة لديكم يستطيع أن يصلح ما بينك وبين زوجك فحسن، وإلا فأنا أرى أن تخبري أهلك بما تم حتى يشاركوك القرار، وحتى يأخذوا القرار معك، حتى لا تنفردي بالقرار أنت وحدك، ثم تندمي بعد ذلك، وتكون الفرصة قد فلتت من يدك.
استعيني بالله، واعلمي أن الله لن يضيعك، ولا تخافي أي قرار ما دمت ترين أنه الحل، لأن الله تبارك وتعالى لا يقبل لك المذلة، ولا يقبل لك الإهانة، لا من المسلم ولا من غير المسلم.
هذا وبالله التوفيق.