السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ولد أختي الصغير عمره 4 سنوات، دائما عصبي ومنزعج لا يحب أحدا أن يشاركه، أو يلعب معه في ألعابه، اشتريت له قبل فترة جهازا لوحيا ومع ذلك يطلب أجهزة الآخرين، أيضا كلامه بذيء جدا، فيكف أتعامل معه؟
ملاحظة: الزوجين منفصلين للعلم، ويعيش مع والدته، ( أختي )، ولكم مني خالص الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على الكتابة إلينا نيابة عن أختك، وبموضوع سلوك طفلها الصغير.
أولا: لا شك أن هناك علاقة بين سلوك الأطفال عادة وبين ظروف الأسرة والعلاقة بين الوالدين، فمهما كانت ظروف الطلاق مناسبة إلا أن الأطفال لا شك يتأثرون من هذا الانفصال.
والأمر الثاني: أن الأصل في طفل في هذا العمر اليافع أن يسهل علينا تربيته وحسن توجيهه بالطريقة التي نريد، وكالعجينة، وذلك من خلال حسن الفهم للمهمة المطلوبة منا، بالإضافة إلى الاستيعاب والتدبر والمعرفة في عصر أصبحت العلوم فيه متيسرة للجميع، وأريد أن أطمئنكم أن هناك أمل كبير ومضمون من حسن تدبير التعامل مع هذا الطفل، ولكن لا بد لهذا من أمرين مطلوبين.
الأول: أن نتعلم مهارات تربية الأطفال والتعامل معهم، وما هي احتياجاتهم في كل مرحلة، وكيفية تلبية هذه الاحتياجات، وسواء تم هذا التعلم من كتب تربية الأطفال، أو من خلال دورات تدريبية متخصصة للآباء والأمهات في مهارات تربية الأطفال والتعامل معهم، أو ما نسميه "تدريب الوالدية" وقد أصبحت مثل هذه الدورات متوفرة في كثير من البلاد العربية.
والثاني: التحلي بالصبر والهدوء أثناء التعامل مع الأطفال، والابتعاد عن الشدة والتعنيف، فهذا لا يزيد الطفل إلا عنادا وصعوبة.
وطبعا من الصعب جدا أن نشرح هنا كل شيء في مهارات تربية الأطفال فهي كثيرة جدا، وبدلا من أن أقدم لكم سمكة، كما يقول المثل الصيني، فالأفضل أن أدلكم على طريقة صيد السمك، بمعرفة أن نتعلم كيفية تربية الأطفال من خلال هذه الكتب، أو الدورات المتخصصة.
ومن الطبيعي في هذا العمر أن يحاول الطفل التهرب من أي طلب يطلب منه، ليس لمشكلة سمع عنده؛ وإنما لأنه يريد أن يأخذ "حريته" فيما يفعل أو لا يفعل، وخاصة مع غياب والده.
من المفيد أن نعرف أن السبب الأكبر للمشكلات السلوكية عند الأطفال هو الرغبة في جذب الانتباه لنفسه، انتباه الكبار من حوله وخاصة أحد الوالدين.
وفي قواعد التربية وعلم النفس أن السلوك الذي نعززه ونوجه انتباهنا إليه يتكرر مع الوقت، بينما السلوك الذي نتجاهله ونتصرف وكأنه لم يحصل يخف ويختفي مع الزمن، إلا أن معظم الآباء، وبحسن القصد، بدلا أن يعززوا السلوك الإيجابي نجدهم يعززون السلوك السلبي كعناد الطفل؛ لأن من طبع الإنسان الالتفات إلى السلوك السلبي وليس الإيجابي، والنتيجة الطبيعية هي تكرار هذا السلوك وهذا العناد؛ لأنه يأتي للطفل بالكثير الكثير من الانتباه، ولو حتى رافقه الضرب أو العتاب أحيانا، بينما يتجاهلون، وبنية حسنة أيضا، السلوك الجيد، كأن لا يلاحظوا مثلا بأن طفلهم يتعاون معهم أحيانا، ولا يكون عنيدا، ولذلك يقل عنده هذا السلوك مع مرور الأيام مع أنه هو السلوك الذي نريد أن نراه.
وبهذا الشرح أظن أنه قد أصبح واضحا ما هو المطلوب منكم من أجل تعديل سلوك طفلكم، وهو تعزيز السلوك الحسن والمقبول، وصرف النظر كليا عن السلوك السلبي وغير المقبول.
حفظ الله طفلك من كل سوء، وأعانك على حسن تربيته.