كلما شعرت بألم أو جاء سفر تنتابني حالة خوف من الموت

0 372

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في البداية أشكركم على كل شيء تقدمونه في الصفحة، وأشكرك -يا دكتور- لأنه أصبح من النادر أن نجد من يسمع ويحسن في النصيحة لوجه الله تعالي، لذلك أدعو لكم بدوام الصحة والعافية والسعادة والرضا من الله عز وجل.

أنا فتاة عمري 22 سنة، بطبعي مرحة، ولا أميل للكآبة والحزن أبدا، مثابرة وعملية، أحب الخير، وأسعى لمساعدة الآخرين كثيرا، حتى لو كان ذلك على حساب نفسي، وأخطط لمستقبلي، وأسعى لتطويره دوما، ولكني تعرضت لعدة مشاكل ومع كثرتها تبدلت وتغيرت تماما.

المشكلة الأولى: هي عدم تفاهم أبي مع أمي، وخصام أبي الدائم لها، مع العديد من المحاولات للصلح منا ومن أمي أيضا بكل الطرق الممكنة، ولكن بلا فائدة، فترات الصلح بينهما قصيرة، والخصام يطول وينتج عن ذلك أضرارا نفسية لنا، ونحاول التأقلم على ذلك، مع العلم بأن أبي يحبنا وحنون معنا وكريم.

المشكلة الثانية: هي تعرضنا لحالة من الموت في العائلة، توفي خالي أمامي وكنت أطعمه قبل الوفاة بثوان، كنت أحبه كثيرا رحمه الله تعالى، أنا أدعو له، ومطمئنة عليه؛ لأن الله أنعم علينا بالسكينة والرضا.

المشكلة الثالثة: مرضت أختي الصغيرة، لكنها -والحمد لله رب العالمين- شفيت، لكن مرضها جعلني أكون أقرب إليها أكثر، لدرجة أنني أرى أنها لا تستطيع الاستغناء عني أبدا، فأنا أخاف عليها كثيرا، وأوجهها وأنصحها في كل أمورها، أشعر وكأنها ابنتي، وبعض الضغوط الحياتية الأخرى.

أصبحت أخاف، شعور بالخوف فقط، أخاف أن أموت ليس الخوف من مواجهة الموت أبدا، فأنا مؤمنة -الحمد لله- ولكنه الخوف من أن أموت فيحزن أهلي علي، والخوف أيضا من أي حالة موت، أو فقد لأحد -لا قدر الله- أريد أن نكون معا سعداء.

أصبحت كلما علمت بموعد سفر أصر على إلغاء السفر، وعندما أشعر بألم أخاف أن يصير لي أمر، أقوم بأموري الحياتية، وأسعى لمستقبلي، ولكن بدون سعادة أو بدون شغف، أو حماس، خروجي من المنزل يزيد الرعب، وعندما أكون مع الآخرين أشعر بأنهم لن يروني مرة أخرى، وعندما يظلمني أحد أو يهينني أسامحه فورا حتى لا أكون سببا في عقابه في الآخرة.

الفترة الأخيرة أصبحت أحدث كل أهلي، وأصدقائي وحتى البعيد عني، وكأني أودعهم أصبحت عطوفة وحنونة بشكل كبير، ولم أعد عصبية أبدا مع تأنيب ضميري على كل شيء حسن لم أفعله، كل هذا التغيير يخيفني وكل ذلك -والله العظيم- أفعله بدون إرادتي أنا خائفة، مع إيماني بالله عز وجل والقضاء والقدر، -والحمد لله- لكني لا أعلم لماذا أصبحت هكذا؟!

أريد أن أعود كما كنت، أتمنى أن تساعدوني وأجد حلا، ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ زهور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على التواصل معنا، بهذا السؤال الغاية في الوضوح والشفافية والذكاء، خفف الله عنا وعنك.

يبدو من خلال الأعراض التي وصفت في سؤالك: أن هذه أعراض حالة من الرهاب أو الخوف، الخوف من شيء يحصل لك، سواء كان هذا شيئا واضحا بينا أو شيئا غامضا، ولا شك أن هذه الحالة لها علاقة بالأحداث المتعددة التي تمرين بها من الخلاف بين الوالدين، وحالات الوفاة، وخاصة خالك رحمه الله، ومرض أختك، وأمور أخرى في الأسرة أو خارجها...، وأحيانا نضع هذه الحالة تحت عنوان صعوبات التكيف مع ضغوطات الحياة.

هذا الخوف يمكن أن يصبح شديدا لحد الوسواس القهري، ونذكر أن تعريف الوسواس القهري أنه: مجموعة أفكار أو صور تخيلية، وبحيث إنها تأتي لذهن المصاب رغما عنه، وكلما حاول دفعها عن ذهنه أتته وبشدة.

ويبدو أن هذه كلها سواء الرهاب أو الوسواس إنما هي عرض لحالة من القلق العام، وكما قلت: إن لها علاقة بظروف حياتك؛ سواء ما يقلقك من مشكلات، أو صعوبات صحية، أو أسرية، أو اجتماعية، حيث إن هذه الصعوبات تجعلك قلقة عما يمكن أن يحدث لك، وليس لضعف في الشخصية، أو ما شابه هذا.

حاولي أن تقومي بتمارين الاسترخاء أو التنفس الهادئ، أو صرف انتباهك لأمر آخر غير هذه الأعراض وهذه المشاعر كالرياضة، أو غيرها من الهوايات والأنشطة المفيدة.

ويقوم العلاج بشكل أساسي على مبادئ العلاج المعرفي السلوكي، وهو أفضله.

وبالرغم من فوائد العلاج الدوائي في كثير من الحالات، ولكن يبقى العلاج الأكثر فعالية للخوف أو القلق أو الرهاب هو العلاج المعرفي السلوكي، وهو محاولة تغيير السلوك وعدم الاستسلام للأفكار الرهابية، وقد تحتاجين لتطبيق هذه المعالجة مراجعة إما طبيب نفسي، أو أخصائية نفسية، ويمكن أن يشرف أحدهما على العلاج المعرفي السلوكي بالإضافة للعلاج الدوائي إذا دعت الحاجة.

وأدعوه تعالى أن ييسر لك الخير، ويعينك على تجاوز هذه المرحلة التي أنت فيها، ولا شك أنك ستتجاوزينها خلال الزمن، وسيساعدك إيمانك بالله والتوكل عليه على هذا.

والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات