تحول السحر إلى علة نفسية..كيف السبيل للخلاص منها؟

0 342

السؤال

السلام وعليكم ورحمة الله وبركاته

كنت أعاني من السحر المأكول والمشروب، وقد تخطيته - بفضل الله -، بعد أربع سنوات من المعاناة.

كانت تحدث لي أمور غريبة، مثل: أن أستمع لأصوات، وأن أرى خيالات، وكنت أقلق من القرآن الكريم في بعض الأحيان، لقد رقيت نفسي بالرقية الشرعية منذ شهر، وجلست مستمعة فتكلم خادم السحر، ثم رقيت مرة أخرى، وشفيت - بفضل الله -.

أشعر بأن حالتي تطورت لحالة نفسية، فما زلت أظن بأنني لا زلت مسحورة، أو أنني ملبوسة من الجن، مع أن السحر الذي تم عمله لي، كان بهدف تعطيل دراستي، وكان يرافقه سحر الجنون.

أشعر الآن بأنني قد شفيت من السحر - بفضل الله -، لكنني لا أستطيع تخطي ما حدث لي، ولا زلت أظن بأنني ما زلت مسحورة، وأشعر بأنني حتى لو اجتهدت ودرست، فإنني لن أصل، فأقوم وأرمي كل شيء، وأظل في حالة من القلق والقنوط، علما بأنني أصبحت أسمع القرآن دون أي أعراض للسحر أو الجن.

بانتظار ردكم، ومساعدتكم، وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت، وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء، وأن يوفقك في دراستك، وأن يجعلك من الصالحات القانتات، وأن يرد عنك كيد شياطين الإنس والجن، إنه جواد كريم.

بخصوص ما ورد برسالتك - ابنتي الكريمة الفاضلة -، فأحمد الله تبارك وتعالى أن عافاك الله، وصرف عنك هذه الأمور التي ذكرتها، من سحر وغير ذلك من الأمور التي عطلت حياتك، وأصبحت الآن في وضع أفضل - بفضل الله تعالى ورحمته -، إلا أنك تقولين بأنك تظنين أن حالتك أصبحت حالة نفسية، حيث إنك تقتنعين أنك ما زال بك بعض السحر أو الجن، رغم أنك تقرئين القرآن، ولا تجدين شيئا مما كان يحدث عند الرقية في أول الأمر.

أحب أن أقول لك: إن هذا الأمر لا يستبعد، ولذلك أتمنى كل ما جاءتك هذه الأفكار، أن تحاولي أن تهمليها تماما، وألا تفكري فيها، وأن تعتبريها أشياء تافهة، حقيرة، لا قيمة لها، ولا وزن، حتى تستطيعي - بإذن الله تعالى - أن تتخلصي منها.

أنا أرجو - بارك الله فيك -، إهمال هذه الأفكار السلبية، ثم بعد ذلك عليك بالمذاكرة والاجتهاد، حتى وإن كنت تشعرين بعدم الرغبة، أنت تحتاجين إلى مقاومة، وإلزام نفسك، وإجبارها على المذاكرة؛ حتى تخرج من حالة الفتور التي مرت بك عندما كنت في فترة العلاج؛ لأن نفسك الآن - يا بنيتي -، ألفت عدم المذاكرة، واستراحت لهذا الأمر، فالنفس البشرية بطبيعتها لا تحب التكليف أصلا، ولا تحب أن تفعل أي شيء يعود على الإنسان بالنفع، ولذلك هي أشد الأعداء، وأخطر أعداء الإنسان، ومن هنا كان النبي - صلى الله عليه وسلم -، دائما يستعيذ بالله منها قائلا: (ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا).

أنت عليك - بارك الله فيك - بالاستعاذة من شر نفسك بنفس الطريقة، وأن تقولي: (اللهم ألهمني رشدي وقني شر نفسي، اللهم أعني ولا تعن علي)، ثم بعد ذلك تجبري نفسك على المذاكرة، بأن تجعلي لك وقتا للمذاكرة، وقتا محددا للمذاكرة تحددينه، حتى تتحول المذاكرة عندك إلى عادة، عادة كعادة النوم، وعادة الطعام، وعادة الكلام، هكذا، حتى نتغلب على هذه الحالة التي مرت بك سابقا، لأنه فعلا لا يلزم أن تكون هذه أعراض أو آثار سحر متبق، ولكن قد يكون الأمر أمرا نفسيا كما ذكرت أنت في رسالتك، وهذا يحتاج أنك تقاومين هذه الأفكار السلبية، وتحاولين احتقار هذه الأفكار، ثم تفعلين عكسها، بأن تنظمي وقتك كما ذكرت لك، وتحديدي وقتا معينا للمذاكرة، وتذاكري في هذا الوقت، حتى وإن لم تفهمي شيئا، فإنك في أول الأمر سوف تعانين بعض المعاناة، ثم بعد ذلك تتغلبين على المشكلة.

بجوار هذا الأمر السلوكي، تحتاجين إلى دعاء وإلحاح على الله تبارك وتعالى، بأن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يفتح عليك فتوح العارفين بحكمته، وأن يحبب إليك المذاكرة والدراسة، وأن يجعلك من المتميزات والمتفوقات.

إضافة إلى ذلك، أتمنى أن تواصلي الاستماع إلى الرقية الشرعية، فإن فيها خيرا كثيرا، وإذا كان الراقي أو المعالج قد أعطاك برنامجا للعلاج، وهو ما يعرف بالتحصين بعد القراءة، أتمنى الالتزام به - بارك الله فيك -، مع الإكثار من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وثقي وتأكدي، أن هذه المسألة في طريقها إلى الحل، ولكن الذي أتمناه منك: ألا تستسلمي لهذه الأفكار، لأن استسلامك لها معناه أنك ما زلت مؤمنة بأنك مريضة، والشيطان يستغل هذه الفرصة مع نفسك الأمارة بالسوء، حتى يتم إضعاف مستواك العلمي، وبالتالي لا ترغبين في المذاكرة، فتتحولين إلى إنسانة فاشلة، وهذا هو هدف من أهم أهداف الشيطان، أن يقضي على طموح المسلم وعلى تميزه.

إذا أنصحك - بارك الله فيك - بما سبق أن ذكرته لك، وأسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير، وأن يشرح صدرك للذي هو خير، وأتمنى أيضا أن تطلبي الدعاء من والديك ومن أحبابك والصالحين، عسى الله تبارك وتعالى أن ينفعك بدعائهم، لأن دعاء المسلم لأخيه بظهر الغيب لا يرد، ودعاء الوالدين والصالحين مستجاب.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات