السؤال
السلام عليكم
أشكر كل من ساهم ببناء هذا الموقع البناء، وجزاكم الله خير الجزاء.
أنا شاب بعمر 24سنة، أعاني من حالة خوف شديدة في الليل، وخصوصا في آخر الليل عندما أكون وحدي.
هذه حالة الخوف عندي منذ أن كنت بالصغر، لا أعلم سببا محددا لها، وكل ما أتذكره كنت مع أطفال نلعب مع بعضنا خارج المنزل، وكان أهلي لا يريدون أن أخرج فصنعوا كذبة وقالوا: ترى أولاد جيراننا يأكلون الناس!
بينما نحن نلعب خارجا أتى ولد جارنا ركضا يريد أن يخيفنا لندخل داخل المنزل، وبينما هو يجري نحونا إذ بكل من حولي من الأطفال هربوا ولم يبق سواي، فخفت خوفا شديدا وهربت وأنا أبكي.
لا أعلم، ربما يكون هذا سببا للخوف؟ وكنت لا أنام أبدا وحدي، وكنت أذهب لأنام قبل الناس لكي لا أشعر بخوف، ولا أنام إلا بجوار أمي.
لا أذهب للمسجد إلا مع أحد، ولا أفعل شيئا أبدا إلا أن يكون معي أحد بالليل، وعندما أتممت السابعة عشرة بدأت أتغلب على هذه المشاكل، وتحسنت بما يقارب 70٪، ولكن الخوف لم يزل موجودا، أي عندما أرى مقطعا مريبا أخاف، ولا أنام لوحدي إلا عندما أنساه.
صرت أحس بأن حالتي انتكست، فلا أستطيع النوم لوحدي أبدا، وأشعر بخوف، وجسمي يتعرق، وأصبح كأنني في حالة سكر، فأريد أن أنام ولكن لا أستطيع! ماذا أفعل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد العزيز حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
قطعا المخاوف مكتسبة ومتعلمة، والتجربة التي مررت بها في أثناء الطفولة هي مثال حي، ومثال حقيقي لما يمكن أن تكون المخاوف متعلمة ومكتسبة.
ما كان يذكره الأهل قطعا يمثل جرعة تخويفية كبيرة جدا، وفي أثناء الطفولة عقل الطفل لا يفرق بين الحقيقة والخيال في كثير من الأحيان، وما يأتي من الوالدين – على وجه الخصوص – دائما يعتبر أمرا مهما ومسلما به لدى الطفل، ويجب الانتباه إليه والأخذ به.
الجرعة التي تلقيتها كانت جرعة كافية جدا لأن يحدث لديك ما تعانيه من خوف في أثناء الليل وعدم النوم لوحدك، والحمد لله تعالى، أنت تخلصت من المشكلة لدرجة كبيرة.
المطلوب منك – أخي الكريم – الآن هو أن تحقر فكرة الخوف هذه، وأن تعرض نفسك للنوم لوحدك، واجعل أذكار النوم هي رفيقك وأنسك، أذكار النوم عظيمة جدا وباعثة على الطمأنينة والأمان.
عليك – أخي الكريم – حتى في أثناء النهار أن تتصور أن هنالك – أي في الوقت الذي أنت فيه تعيشه في فترة النهار - هنالك أناس قد أقدم عليهم الليل في مشارق الأرض ومغارب، فالليل والنهار يتناوبان، ابن هذا الشعور – أيها الفاضل الكريم – وسوف تجده أيضا يخفف عليك كثيرا هذا الخوف الليلي.
طبق تمارين الاسترخاء فهي مفيدة جدا، ولتطبيقيها ارجع لاستشارة بموقعنا تحت رقم (2136015) وحاول أن تخرج في أثناء الليل، مثلا اذهب وصل صلاة العشاء في مسجد يكون بعيدا من بيتك نسبيا، ويا حبذا لو ذهبت راجلا، وفي الطريق سبح واذكر الله، وهذا يبعث فيك طمأنينة كبيرة.
أيها الفاضل الكريم، تحقير فكرة الخوف من النوم لوحدك، والقيام بما هو ضد هذه المخاوف، والتواصل الاجتماعي بصفة عامة يحسن كثيرا إزالة المخاوف، لأن المخاوف حتى وإن كانت موجهة نحو موضوع واحد إلا أن كثيرا ما تكون شاملة ومتعددة، والمخاوف ليست جبنا، إنما هو سلوك مكتسب.
لا بأس أيضا من أن تتناول أحد الأدوية البسيطة المضادة للمخاوف والقلق، وأعتقد أن عقار مثل (تفرانيل Tofranil) والذي يعرف علميا باسم (امبرمين Imipramine) بجرعة خمسة وعشرين مليجراما يوميا لمدة شهر سوف يكون كافيا جدا.
أنت لا تعاني من مرض حقيقي، والموضوع بسيط، لكن لا تدعه يتراكم، لا تدعه يقوى، قم بفعل الضد، وطبق ما ذكرته لك، وأنت - إن شاء الله تعالى – بخير وسوف تظل على خير.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.