السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب، عمري 28 سنة، أعاني من التفكير السلبي، واسترجاع الأحداث الماضية، والاصطدام مع الآخرين؛ بسبب الكلام الذي يصدر مني، ويكون تفسيره غير ما يدور في نفسي، أعجز عن بناء العلاقات مع الآخرين بسبب لا أعلم به.
أتصور أحداثا وأنها ستحدث عند الإقدام على ما أمر به من الشرود الذهني، يسيطر علي النسيان، وعدم القدرة على تركيب الجمل في بعض الأحيان، أصبحت أقسو على نفسي، وعدم التصرف على الطبيعة بسبب المعاكسات التي تحدث لي، أصبحت أتصور المؤامرات التي تحدث لي، حتى وإن كان الحديث عاما، لكني لا أنجرف وراءها، وأحاول معاكستها لأثبت لنفسي أني لا أفكر بها، وأنها تهيئات، ولكني بدأت بالتوهان.
بصراحة لا أدري الآن، هل أنا أصف ما يحدث لي أو أني أتهيأ ذلك، وأقسو على نفسي، أو أني إنسان طبيعي مثل بقية البشر، أو أعاني من خلل، أو علة عقلية، احباطات متواصلة، إتكالية في بعض الأحيان، أعجز عن ضبط النفس، في الحقيقة كلها ردات فعل لما أشاهد من تصرفات، ومن كلام يوجه لي وقراءة فكر، ولكن مع كل ذلك لا أظهر للآخرين ذلك، وأصبحت داخل دوامة بنفسي تعيقني عن إتمام مسيرتي الشخصية والمهنية، وحتى الزوجية.
مع العلم أني ملتزم دينيا وأخلاقيا، وشديد الحذر في انتقاء صحبتي، بمعنى أني لا أثق إلا بأشخاص معدودين على الأصابع، قدوتي في الحياة الأنبياء.
منذ سنتين لم أعد أستمع إلا للقرآن، وأحاديث نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، وسيرته وسيرة صحابته رضي الله عنهم، علما أني خريج جامعي بكالوريوس إدارة أعمال، وأعمل بشركة، ولكني لا أثبت على عمل منذ تخرجي بسبب ما يحدث لي، أشعر بأني محارب، وأني كل ما تحركت أصبحت مصدر تهديد للآخرين، بصراحة أرجو أن تساعدوني، وتحددوا لي ما أمر به؟ هل هو مرض؟
لكم جزيل الشكر والامتنان.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ المعتصم بالله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الفكر السلبي لا يفيد أبدا، والفكر السلبي يجب أن يحارب، ويجب أن يهزم، ويجب أن يستبدل بما هو إيجابي، لا بد أن تكون منصفا مع نفسك، ولا بد أن تكون متفائلا – أخي الفاضل الكريم – وأنت رجل -الحمد لله تعالى- ملتزم بدينك، وهذا يجب أن يكون دافعا ومحفزا لك من أجل المزيد من الفكر الإيجابي.
أخي الكريم: ما تعاني منه من شكوك، وسوء تأويل، وعدم ثقة بالآخرين، وشعورك بأنك مستهدف، هذه أعراض مهمة، ولا يمكن تجاهلها، والإنسان حين يفكر بهذه الطريقة وتتسلط عليه هذه الأفكار لا شك أنه يكون في حالة من عدم الاطمئنان، وعدم سكينة النفس؛ مما يجعل ذهنه شاردا، ويكون متوجسا، ومراقبا لمحيطه، وهذا يسبب مشكلة، لذا أرى أن تذهب وتقابل الطبيب النفسي.
هذه الحالة يمكن أن تعالج، وتعالج ببعض الأدوية النفسية البسيطة مثل: عقار يعرف تجاريا باسم (رزبريدال Risporidal)، أو ما يسمى علميا باسم (رزبريادون Risperidone) مثلا، أو عقار يعرف تجاريا باسم (زبراكسا Zyprexa)، ويعرف علميا باسم (اولانزبين Olanzapine) بجرعات صغيرة، أنت تحتاج لأحد هذين الدوائين، أو أي دواء آخر يراه الطبيب مناسبا.
وبالنسبة لنمط حياتك: جاهد نفسك لأن تتواصل مع الناس، احرص على الصلاة مع الجماعة، وهنا – أي حين تكون في المسجد – لا بد أن تثق بمن حولك -أخي الكريم-، وصل رحمك، وانخرط في أي عمل خيري، أو اجتماعي، هذا يزيد من ثقتك في الآخرين، واحرص على أذكار الصباح والمساء، فهي حافظة وحافظة جدا وتبعث فيك الكثير من الأمان والاطمئنان -إن شاء الله تعالى-.
قطعا تناول الدواء سوف يجعل نفسك هادئة وساكنة، وحين تزيل حدة الشكوك والارتياب هذا يؤدي إلى سكينة نفسية، يؤدي إلى حسن في التركيز، ومن ثم تنطلق في الحياة بصورة إيجابية، فيا أخي الكريم: اذهب إلى الطبيب واجعله يصف لك الدواء، وأنا مطمئن تماما أن أمورك سوف تسير على خير بعد ذلك.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.