تعرضت أختي لصدمات نفسية عديدة في حياتها مما أصابها بانهيار شديد

0 555

السؤال

السلام عليكم
بارك الله فيكم على هذا المنتدى الرائع والمتميز.

أستشيركم في أمر أختي التي كانت طالبة نجيبة في قسم الطب وعلى مشارف إنهاء دراستها، وفي ليلة كانت مناوبة في المستشفى، وفي غرفة العمليات أصيبت بانهيار نتيجة التعب والسهر والحفظ والدوام الليلي، وكذلك من المشاكل التي تحدث مع صديقاتها بالسكن والمستشفى، وضغط الوالدة عليها للزواج بشخص لم تكن مقتنعة به، وبعد هذا الانهيار عالجناها بالرقية وطب الأعصاب، ومن ثم تزوجت، ولكن عدم تفاهمها مع الزوج وأهله، وعدم تفهمهم لرغبتها في إتمام دراستها، وضغوطات عائلته، أصيبت بانهيار آخر، فبدأت تحطم الأشياء بمنزل زوجها لتنفس عن الضغط، فطلقها، فانهارت تماما، وبعد إدراكها ورؤيتها لورقة الطلاق التي كتب فيها أن زوجته مريضة نفسيا، وأنها تعاني من نوبات عصبية، أصيبت بانهيار آخر، ومنذ ذلك الحين وهي تعيش في عالم ليس عالمنا، فهي تتأرجح بين فترات تكون فيها خاملة ومرهقة، وتنام أياما متتالية دون استيقاظ، ما عدا للأكل القليل أو قضاء حاجتها، وتعاني من التبول اللاإرادي، كما أنها تبقى بدون أخذ حمام لشهر أو أكثر، وترتدي ملابس غير متناسقة، ولا تجلس مع العائلة، ولا تتكلم مع أحد.

الشيء الذي أقلقنا أنها أحيانا أخرى تصبح في منتهى الحيوية، وترقص بدون سبب، وتضحك بدون سبب، وتتكلم كلاما غير مفهوم، إذ أنها تنتقل من كلام إلى كلام دون ارتباط في المعنى، وعندما نسألها؛ تجيب بموضوع آخر خارج السياق.

تأتيها نوبات على فترات تتراوح بمعدل مرة في الشهر أو الشهرين، وتتمثل في انهيارها التام، بحيث تهلوس بكلام غير مفهوم، وتقول لنا بأنها تسمع أصواتا، وتعاني من وساوس بخصوص الكهرباء والغاز، وتحرص على إطفائها، وقد تبقى بدون نوم ليومين متتاليين، وخلال النوبة تبحث عن أي منفذ للخروج من المنزل، وفي بعض الأحيان تتحدث عن أشخاص تفكر في السفر إليهم، ولكنها لا تعرف هؤلاء الأشخاص ولا نعرفهم.

هي الآن تتعالج لدى طبيبة أعصاب، وأعطتها دواء ترانكزان، ولكنها لا تريد أن تتناوله، وتقول أنا طبيبة وأعرف الآثار الجانبية للدواء، ولكنها لا تمانع من أخذه أثناء النوبة عندما تكون بغير وعيها.

البعض نصحنا بعشبة القديسين، والبعض نصحنا بالطبيب النفسي، والبعض الآخر نصحنا باللجوء إلى راق جيد، لان ما بها سحر حسب قول بعض الأقارب.

الرجاء أن تنصحونا وترشدونا للحل المناسب وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نزيهة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله العافية لهذه الأخت، وأشكرك على ثقتك في إسلام ويب واهتمامك بأمر هذه المريضة، والتي لا شك أنها تحتاج للمساعدة.

هي تعاني من علة واضحة جدا، ووصفك الجميل جعلني أقول وبكل ثقة أن هذه الفتاة تعاني من اضطراب وجداني ثنائي القطبية من الدرجة الأولى.

نوبات الانقطاع والإهمال والانسحاب هذه هي النوبة الاكتئابية في إطباقها الشديد، أما النوبات الأخرى، نوبات التفاعل الاجتماعي السلبي، وظهور الحيوية الزائدة، والرقص، وكثرة الكلام، والانشراح الذي هو غير مسبب، هذه هي نوبة الهوس، وما يأتيها من ظنانيات بسيطة ووساوس هو مصاحب لحالة الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية.

أيتها الفاضلة الكريمة: هذه الحالة تعالج عند الأطباء النفسيين، وعشبة القديسين لا تفيد، بل قد تضرها، فلا تعطوها إياها، والرقية الشرعية لا شك أنها مفيدة، لكن العلاج الطبي يصل لمرحلة الوجوب في حالة هذه الفتاة، لأنها صغيرة في السن، وهي طبيبة، والحالة يمكن أن تعالج.

قطعا هي سوف ترفض العلاج لأنها لا تملك البصيرة الكاملة، والأمر ليست الآثار الجانبية للأدوية فقط، لكن يعرف أن الأطباء هم أسوأ المرضى من حيث الالتزام بالعلاج.

أيتها الفاضلة الكريمة: الذي أنصح به هو أن تذهبوا بها إلى طبيب أو طبيبة نفسية، وأنا متأكد أن الطبيب أو الطبيبة النفسية سوف يقومون بفحصها فحصا دقيقا، وتأكيد التشخيص الذي ذكرته، ومن ثم يضعون لها الخطة العلاجية التي تقوم على أساس: حسن التواصل معها، وبناء الثقة، وهذا هو الأمر الضروري الذي سوف يشجعها على تناول العلاج باستمرار.

هي محتاجة لمثبتات المزاج، ومضادات الذهان في نفس الوقت، وربما تحتاج لجرعات صغيرة للأدوية المضادة للاكتئاب، لكن في فترات متقطعة، والعلاج الأساسي سيكون مثبتات المزاج، مثل: عقار (كربونات الليثيوم Lithium carbonate)، أو (صوديوم بربوينت sodium powerpoint)، أو عقار (تجراتول Tegretol) والذي يسمى علميا باسم (كاربامزبين Carbamazepine)، أو عقار (لاميكتال Lamictal) والذي يعرف علميا باسم (لاموتريجين lamotrigine).

أما مضادات الذهان فهي مثل الـ (سوركويل Seroquel)، ويسمى علميا باسم (كواتيبين Quetiapine)، وكذلك الـ يعرف تجاريا باسم (زبراكسا Zyprexa)، ويعرف علميا باسم (اولانزبين Olanzapine)، تعتبر هي الأفضل لعلاج مثل هذه الحالات.

أرجو الحرص على علاجها لأنها إن تركت وأطبق عليها المرض، هذا ربما يجعل الشفاء والتعافي صعبا بعض الشيء، والحمد لله الآن توجد أدوية متميزة تعالج مثل هذه الحالات، وفي حالة الفشل التام بعدم اقتناعها بالعلاج أعتقد دخولها للمستشفى للطب النفسي، وهذا ليس بعيب، وحتى إن اضطر الطبيب أن يعطيها إبرا كل أسبوع مثلا، هذا أيضا أحد الوسائل العلاجية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات