السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة، عمرى 27 سنة، وغير متزوجة، أعاني من المس وأعراضه منذ فترة طويلة، ومنذ أربع سنوات وأنا أذهب لجلسات الرقية الشرعية؛ كي أشفى من هذا المرض، وخلال تلك السنوات تعرضت للكهرباء والضرب، فكل شيخ كانت لديه طريقة، حتى أنني ذهبت إلى دكتور أمراض نفسية وعصبية؛ كي يقوم بتشخيص حالتي، إذا كانت حالة نفسية أم أنه مس؟ وقد أكد كلام الشيوخ الذين ذهبت إليهم أنه مس.
خلال تلك السنوات: كنت كثيرا ما أتعرض لأعراض المس؛ من اعتداءات وأنا نائمة، وكوابيس، وغيرها من الأعراض التي لا حصر لها، ولقد التزمت ببرامج علاج كثيرة، وكنت أشعر بتعب شديد عند القيام بها، ولكن لم يكتب الله لي الشفاء حتى الآن، ولكني في العام الماضي ذهبت لشيخ، وكان أول شيخ يقوم بتحديد حالتي بطريقة تفصيلية؛ حيث إنه أكد لي أن المس الذي أعانى منه، هو بسبب سحر، وأن السحر الذي حل بي، هو سحر أمراض وتفريق، علما أنه شيخ يرقي على منهج القرآن والسنة، وهو شيخ يشهد له بالصلاح، وأحسبه عند الله أنه كذلك.
انقطع العلاج بالجلسات؛ لظروف سفري، ثم رجعت الآن للبلد الذي يتواجد فيه الشيخ، وسوف أذهب إليه مرة أخرى عما قريب، ولكني خائفة، أحيانا يوسوس لي الشيطان أنه لا فائدة من الجلسات، وأن لي سنوات أتعالج دون فائدة. ولكني أحاول أن أقوم بطرده، وأن أحسن الظن بالله، وألا أيأس، ولكن المرض والابتلاء اشتد علي، وخوفي يزيد اليوم تلو الآخر، وأنا أريد أن أكون بكامل قوتي؛ كي أنتصر على عدو الله الذي يؤذيني، فماذا أفعل كي أقوي إيماني، وكي أستوفي شروط العلاج؟
شيء آخر: هل عندما أذهب للشيخ كي يرقيني أكون خرجت من ضمن السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب؛ لأنهم لا يسترقون، لكنني أذهب للرقية؛ من باب الأخذ بالأسباب، ولكي أتطهر من المس، فأنا لا أستطيع أن أحكي تفاصيل المعاناة التي أعانيها معه، حتى أنني كدت أن أفقد عقيدتي، فكنت أميل إلى القراءة في اليهودية، والبحث فيها، وعن صلاتها؛ كي أطمئن، وكان أحد الشيوخ قد قال لي: إن الجني الذي يؤذيني، هو يهودي.
أنا أعلم أن الله على كل شيء قدير، ولكن أفيدوني ماذا أفعل؟ وهل أذهب للرقية أم أستعين بالله وحده.
أوصيكم بالدعاء لي بظهر الغيب، وجزاكم الله عني الفردوس الأعلى.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مسلمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، نسأل الله -جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى- أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء، وأن يرد عنك كيد الكائدين وحقد الحاقدين وظلم الظالمين واعتداء المعتدين، كما نسأله -تبارك وتعالى- أن يرد عنك كيد شياطين الإنس والجن، ويحفظك منهم كما حفظ عباده الصالحين وأولياءه المقربين.
بخصوص ما ورد برسالتك -أختي الكريمة الفاضلة-، فإنه مما لا شك فيه أن الذي تعانين منه ليس بالأمر الهين، وإنما هو أمر عظيم حقا؛ لأن الشيطان –لعنه الله– لا يريد أن يجعل للمسلمين فرصة لكي يتمسكوا بدينهم أو يستقيموا على هدي نبيهم -صلى الله عليه وسلم-؛ ولذلك عندما عجز الشيطان عن منعك عن الطاعة، بدأ يستعمل هذه الوسائل المتعددة المتنوعة؛ حتى يفسد عليك حياتك، ويفسد عليك مزاجك، ويفسد عليك دنياك وآخرتك؛ ولذلك جاء في آخر الأمر –الشيطان- ليزين لك اليهودية والصلاة بطريقتها، والاطلاع عليها، وغير ذلك؛ فكل هذا إن دل على شيء، فإنما يدل على كيد الشيطان لك، وحرصه على إضلالك وإفسادك.
لذلك أنا أتمنى أن تواصلي ما أنت عليه من طاعة وعبادة واستقامة على منهج الله، ولا تقصري، ولا تضعفي أداءك؛ لأن الشيطان ينتظر هذه الفرصة، فأنت الآن مع قوة إيمانك تستطيعين أن تصفعي الشيطان بالنعل على وجهه، أما إذا ضعف إيمانك، فقطعا هو سوف يجتاح حصونك، وسوف يزين لك ما يريد دون أن يجد مقاومة تذكر، وقد تقع هذه الشبهات في نفسك، فتقابلين الله –تعالى- على غير عقيدة الإسلام -والعياذ بالله رب العالمين-.
لذا أتمنى –كما ذكرت لك– مواصلة ما أنت عليه من طاعة وعبادة، خاصة الصلوات في أوقاتها، وأذكار ما بعد الصلاة، وخاصة قراءة آية الكرسي، كذلك أيضا أذكار الصباح والمساء بانتظام، وعدم التخلف عنها مطلقا، واجتهدي أيضا في أذكار النوم، وأن تكوني على طهارة، وأن تظلي في ذكر الله –تعالى- حتى تغيبي عن الوعي تماما، مع الدعاء والإلحاح على الله -تبارك وتعالى- بالشفاء.
فيما يتعلق بقضية الرقية: أنا أرى مواصلة الرقية؛ لأن هذا التحسن الطفيف الذي طرأ على حياتك، إنما سببه الأساسي هذه الرقية التي يدفع الله بها عنك بلاء شياطين الإنس والجن.
إذا أقول: لا تتوقفي عن الرقية الشرعية –بارك الله فيك–، حتى وإن كانت الفائدة (التي تبدو لك فيها) قليلة؛ لأنك لا تدرين بأي شيء سوف يعينك الله -تبارك وتعالى- على ما أنت فيه، فأنا أرى مواصلة الرقية عند هذا الشيخ الثقة الذي أشرت إليه، وعدم التخلف عن ذلك مطلقا، والاجتهاد في هذا الأمر.
أرى كذلك –بارك الله فيك– ضرورة أن تستمعي إلى الرقية الشرعية في غير وقت القراءة، لا يكفي فقط مجرد رقية الشيخ، وإنما أنت تحتاجين إلى زيادة مساحة الرقية في حياتك؛ ولذلك أنا أنصحك ضرورة بالاستماع إلى الرقية الشرعية للشيخ محمد جبريل –هذا المقرئ المصري–، وهي موجودة على الإنترنت، تستطيعين أن تكتبي اسمه فيظهر أمامك موقعه، وله رقية قصيرة وكبيرة، وأنصح بالرقية الطويلة التي مدتها تسع ساعات ونصف؛ لأنك تحتاجين إلى قراءة مكثفة، وقد يتعذر على الراقي الوصول لذلك أو القيام به.
لذا أرى -بارك الله فيك- أن تضمي إلى العلاج بالرقية عن طريق الراقي الثقة، الاستماع إلى رقية الشيخ محمد جبريل، وأن تكوني على طهارة معظم الوقت، وأنا واثق أنك سوف تتحسنين.
لا تيأسي من روح الله –تعالى- ولا تسيئي الظن بالله، واعلمي أن الله على كل شيء قدير، وأن هذه الابتلاءات يؤجر العبد وتؤجر الأمة عليها إن صبرت عليها ابتغاء مرضاة الله –تعالى-، بل إن الله قد يبدل سيئات العبد حسنات؛ بصبره على تلك البلايا والمآسي التي قد يتعرض لها، واعلمي أن (النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا).
أما بخصوص ما ورد في السنة أن هناك سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا سابقة عذاب، وأن من صفاتهم أنهم لا يرقون ولا يسترقون، وسؤالك عن موقفك من الحديث، فأحب أن أقول: إن شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- بين أن المراد إنما هي الرقية الشركية أو البدعية؛ لثبوت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يرقي ويسترقي، وهو الأسوة والقدوة الحسنة لجميع المسلمين.
وعليه فأنت -إن شاء الله تعالى- لست ممن يشملهم أمر الرقية؛ لأن فعلك موافق لنص الكتاب والسنة، والله أعلم.
أسأل الله أن يعينك على طاعته ورضاه، وأن يوفقنا وإياك لكل خير، إنه جواد كريم.
هذا، وبالله التوفيق.