السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إني أحبك في الله دكتور محمد، وأسأل الله أن يجزيك خير الجزاء على ما تقدمه للمسلمين.
دكتور محمد: أنا منذ الصغر وأنا شخص حساس جدا، وتنتابني وساوس دينية ودنيوية؛ مما يسبب لي عدم الارتياح.
تعرضت لمشكلة تتعلق في صعوبة النوم؛ مما سبب لي مشكلة حتى في عملي، فصرت أفكر في ذلك كثيرا، وسببت لي الحزن والهم، عندها قررت الذهاب لطبيب نفسي، فشرحت له المشكلة؛ فوصف لي دواء الأنافرانيل بجرعة 10 ملم، وريمرون نصف حبة بعد العشاء، ومراجعة بعد أسبوعين.
عند المراجعة قال لي: توقف عن الريمرون، وواصل الأنافرانيل بجرعة 10 ملم، وحدد لي مراجعة لكني لم أذهب، واصلت العلاج وأحسست بتحسن بسيط، لكن التحسن الواضح كان بعد أن رفعت الجرعة إلى25 ملم.
واصلت على العلاج لمدة تقريبا 8 شهور، وتحسنت فيها كثيرا, لكن من خوفي من الأدوية, وتأخر الحمل عند زوجتي؛ قررت ترك العلاج؛ خوفا من أن يكون تأخر الحمل بسبب الدواء، تركته منذ ثلاثة شهور.
لكن الآن أحس بخوف عند الذهاب للنوم، خوفا من عدم النوم مبكرا؛ لأن عملي يتطلب الاستيقاظ مبكرا؛ مما يسبب لي قلقا سائر اليوم وحزنا.
فما هي مشورتكم؟
بارك الله فيك.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأحبك الله الذي أحببتنا فيه، ونسأل الله أن ينفع بنا جميعا.
أيها الأخ الفاضل الكريم: أريدك أن تتخذ قرارا الآن، وهو أن هذه الوساوس يجب أن تهزم، ويجب أن تعالج، ويجب أن تزال، والوساوس يمكن أن تعالج، ويمكن أن تزال، ويمكن أن تفتت وتهزم، لا بد أن تبني قناعاتك بأهمية علاجها، وأتمنى ألا يستدرجك الوسواس؛ ليجعلك توسوس حول العلاج نفسه، فالعلاجات الدوائية سليمة، ومضمونة النتائج -إن شاء الله تعالى– والتطبيقات السلوكية ليست صعبة، لكن تتطلب أن يجعلها الإنسان منهجا في حياته.
ويا أخي: النقطة الأولى هي التغيير المعرفي أو التغير المعرفي، من خلال تفهم طبيعة الوساوس، وأنها متسلطة ومستحوذة وملحة، وإذا فكر فيها الإنسان كثيرا أو حللها، أو قام بإخضاعها للمنطق، هذا يزيد من إلحاحها واستحواذيتها، لذا والمنطق يقول: أن الذي يحقرها ولا يناقشها، ويستبدلها بفكر مخالف، هذا -قطعا- يصل إلى قناعة تامة: أن هذه الوساوس بالفعل سخيفة وحقيرة، ومن ثم تبدأ في التلاشي من تفكيره.
والوساوس الدينية على وجه الخصوص أتت لأفضل القرون، اشتكى منها بعض الصحابة –رضوان الله عليهم– للرسول -صلى الله عليه وسلم– ونصحهم بألا يعيرها الإنسان اهتماما أبدا، بأن يتجاهلها، وقال: (فليستعذ بالله ولينته) وهي -إن شاء الله تعالى– من صميم الإيمان، فقال: (ذاك صريح الإيمان) وقال: (الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة).
والمهم -يا أخي- هو صرف الانتباه عن الوسواس، وأن تسير حياتك بصورة عادية جدا، أن تكون متفائلا، أن تكثر من التواصل الاجتماعي، أنت لديك أشياء جميلة وطيبة في حياتك لا بد أن تستشعرها دائما، هذا لا يعطي مجالا للوسواس.
والوسواس يجعل الإنسان يعيش في نوع من الحزن في بعض الأحيان، والكدر، وهذا يضعف النوم ويؤدي إلى اضطرابه.
أخي الكريم: الأدوية معظمها سليمة وفاعلة، وأنت ما دمت استفدت على جرعة الـ (أنفرانيل Anafranil) وهي خمسة وعشرون مليجراما فهذا أمر جميل؛ لأن بعض الذين يعانون من الوساوس يحتاجون إلى مائتي مليجرام يوميا من هذا الدواء، وأنا أؤكد لك: أن هذا الدواء لا دخل له في موضوع الإنجاب، نعم قد يؤخر القذف المنوي قليلا عند بعض الرجال، لكنه لا يسبب العقم.
الصحة النومية يمكن تحسينها من خلال ما ذكرته لك سلفا، يضاف إلى ذلك أن يكون النوم مبكرا، وأن تمارس الرياضة، وأن تتجنب النوم النهاري، وأن تحرص على الأذكار، وألا تتناول الشاي والقهوة بعد الساعة السادسة مساء.
عقار (ريمارون REMERON) الذي تناولته عقار رائع جدا لتحسين النوم، خاصة النوم الناتج من قلق واكتئاب نفسي.
لكن أنا أرى ما دمت استفدت من الأنفرانيل فيمكنك أن تتناوله، وابدأ بخمسة وعشرين مليجراما ليلا لمدة أسبوعين، ثم اجعلها خمسين مليجراما، أعتقد أن هذه أبسط جرعة يمكن أن تستفيد منها بصورة فاعلة، وهي في ذات الوقت تحسن النوم، استمر على هذه الجرعة لمدة أربعة أشهر، ثم اجعلها خمسة وعشرين مليجراما يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسة وعشرين مليجراما يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول هذا الدواء. وتوجد أدوية أخرى بديلة كثيرة مثل الـ (بروزاك Prozac) والذي يسمى علميا باسم (فلوكستين Fluoxetine) ومثل الـ (زيروكسات Seroxat) والذي يعرف علميا باسم (باروكستين Paroxetine) ومثل الـ (زولفت Zoloft) أو الذي يعرف باسم (لسترال Lustral) والذي يسمى علميا باسم (سيرترالين Sertraline)، لكن أنت استفدت من دواء معروف وبسيط وسهل الاستعمال.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.