السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إلى جميع العاملين في موقع إسلام ويب المحترمين، أحتاج في استشارتي المرسلة لكم، جوابا شرعيا، وجوابا طبيا.
أعرف شخص أصيب بالصراع بسبب حادث تعرض له، حيث إنه قد أصيب بهذا المرض بعد مرور سنة ونصف على الحادث، وبعد أن أجرى له الطبيب التحاليل والفحوصات اللازمة، والرنين المغناطيسي، وتخطيط المخ، والأشعة المقطعية، وجد بأن هناك نشاط كهربائي غير طبيعي في المخ؛ هو الذي سبب الصرع.
استفساراتي لكم:
- هل من الممكن أن يكون هذا الشخص مسحورا؟ وهل يمكن أن يكون السحر هو المتسبب في الحادث، والصرع معا؟ علما بأنه يشعر بالراحة ويتفاعل في وقت قراءة الرقية الشرعية.
- هل من الممكن أن يكون سبب الإصابة بمرض الصرع، إصابة الشخص بالعين، أو بسبب السحر؟
علما بأن الأطباء يؤكدون بأن سبب التشخيص، هو وجود نشاط غير طبيعي في المخ، فكيف يمكنني التمييز بين السحر، وبين التشخيص الطبي؟
أخشى على هذا المريض من تأثير الأدوية، ولا أعلم ماذا أفعل، ولكم مني خالص الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.
أيتها الفاضلة الكريمة: أنا أؤمن بالعين، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (العين حق، لو كان شيء سابق القدر سبقته العين فإذا استغسلتم فاغسلوا)، ولقوله تعالى: {وإن يكاد الذين كفروا ليزلقوكم بأبصارهم لما سمعوا الذكر}، وأؤمن بالسحر بأنه يؤثر لكثرة ما ذكر في القرآن: {ومن شر النفاثات في العقد}، وأؤمن بالحسد، لقوله تعالى: {ومن شر حاسد إذا حسد}، لا شك في ذلك، لكن الذي لا أؤمن به هو الخزعبلات والأشياء التي أدخلها الذين يمارسون الشعوذة والأفكار الإيحائية الخاطئة الدائرة في المجتمع.
لا أحد يعطي بدقة واضحة أعراض العين والسحر، كتب الكثير الكثير، ونحن قدوتنا رسولنا -صلى الله عليه وسلم-، والذي حين سحر لم يعرف ذلك إلا بعد أن أتاه الوحي، وقد سحره لبيد الأعصم اليهودي، لذا تفصيل أعراض العين والسحر بالصورة المتداولة الآن بين الناس أضر كثيرا بالناس، ونحن نقول لمن يرى بأنه مسحور، أو معيون، عليه أن يلتزم بما ورد في الكتاب والسنة، وأن يحصن نفسه بالتحصينات المعروفة، ويعرف أن الله خير حافظ، {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله}، وأن يرقي نفسه، أو يذهب إلى من يرقيه من الثقات.
أمر السحر عند هذا الحد يكون قد انتهى، أما في حالة هذا الشخص الذي أصيب بمرض الصرع بعد الإصابة الدماغية: هذا أمر معروف جدا، والنوبات الصرعية قد تتأخر لأنها تكون كامنة، وخلايا الدماغ تحاول أن تقاوم، لكنها قد تفشل في مقاومتها، هذا الصرع الذي يعاني منه هذا الشخص صرع طبي، لا علاقة له بالعين أو بالسحر، ودليل طبيته أن هنالك تغيرات في كهرباء الدماغ، وهنالك موجات معينة تعرف بـ (ألفا) و (بيتا) و (سيتا)، (دلتا)‘ حين يحدث في هذه الموجات تغيرات معينة، يعرف الأطباء من خلالها أن التشخيص هو مرض الصرع، والصرع له أنواع عديدة.
أيتها -الفاضلة الكريمة-: الذي أنصح به هو، أن يذهب هذا الشخص للأطباء من أجل العلاج، لأن التأخير في العلاج له تعبات سلبية جدا، كل نوبة تأتيه دون علاج، سوف تضر بخلايا الدماغ، ولا شك في ذلك.
انصحي وشجعي هذا الشخص ليذهب إلى العلاج، وما جعل الله من داء إلا جعل له دواء، فتداووا عباد الله، علمه من علمه، وجهله من جهله.
نريد لهذا الأخ أن يكون ممن علم دائه، وعلم دوائه ليستفيد، والعلاج نعمة عظيمة، ويجب أن نأخذ بالسبب.
أيتها الفاضلة الكريمة: حين سئل الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (أرأيت أدوية نتداوى بها، ورقى نسترقي بها، وتقى نتقيها، هل ترد من قدر الله شيئا؟ قال: هي من قدر الله).
إذا: القراءة، والرقية، والدواء، كلها من قدر الله، نفر من قدر الله إلى قدر الله، فعلى ضوء ذلك أرجو لهذا الشخص أن يتعالج، أرجو ألا يحرم من العلاج الدوائي، وفي ذات الوقت يكون حريصا على أذكاره، وأن يرقى بالرقية الشرعية، هذا يكفي تماما، وبذلك يكون أخذ بالعلاج الطبي وبالعلاج الشرعي.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.