السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أريد أن أستشيركم في أمر يقلقني، حيث أني فتاة -والحمد لله- من الله علي بالتوبة من الأغاني، ومن مجالس السوء إلى مجالسة الصالحين، والالتحاق بالتحفيظ وطلبي العلم، والحمد لله ونسأل الله الثبات، لكن تعرضت في الآونة الاخيرة إلى مشاكل، وزوجي منعني من الذهاب لمجالس الذكر والقرآن، وفقدت تلك اللذة التي كنت أجدها مع الصالحين.
والآن أنا في جهاد لا أستطيع مراجعة القرآن بمفردي، حاولت وحاولت ولكن سرعان ما أفشل، أحتاج لأحد يساعدني، فقدت لذة حلاوة القرآن، أراجع ولكن ليس كما كنت عليه سابقا، لأني وحدي، فأصبح هما يؤرقني وتركني مع كثيرا من التساؤلات، أليس الله إذا أحب العبد وفقه لمجالس الذكر والطاعة؟ ويسر له مراجعة القرآن وحفظه؟ ولكن أرى تعسرا شديدا عندي، وأحيانا أشك بنفسي أنني لم أصدق مع الله وإلا لما حرمني الله ذلك.
وجهوني جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم بسمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
يسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يرد إليك ما فقدته، وأن يعوضك خيرا على طاعتك لزوجك، وأن يجعل لك مخرجا مما أنت فيه، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك -أختي الكريمة الفاضلة- فإنه مما لا شك فيه أن مجالسة الصالحين وحفظ القرآن الكريم وطلب العلم الشرعي من الأمور العظيمة التي تتمناها كل امرأة مسلمة عاقلة، بل كل مسلم، لأن هذه المجالس وهذه الصحبة هي التي تعين على تحقيق مراد الله تبارك وتعالى، وتيسر للإنسان القيام بالوظيفة التي خلقه الله عز وجل من أجلها، ولذلك أمرنا الله أن نتخير البيئة الطيبة، فطلب منا أن نبحث عن الزوجة الصالحة التي تعين على الطاعة، وطلب منا أن نبحث عن الصحبة الصالحة التي تعين على الطاعة، وطلب منا مجالسة وصحبة الصالحين أيضا {هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدا}، لأن مجالسة الصالحين تتنزل الرحمات، إلى غير ذلك من الأمور العظيمة التي أكرمك الله بها في أول الأمر.
وتقولين بأنه حدثت هناك مشاكل ترتب عليها أن زوجك قد منعك من الذهاب لهذه المجالس. أقول لك: كما ذكرت أنت في رسالتك لعلك أذنبت ذنبا حرمك الله تبارك وتعالى بسببه من هذا، ولذلك يلزمك التوبة النصوح، والاجتهاد في التوبة، والإكثار من الاستغفار، لأنه كما لا يخفى عليك أنه من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق فرجا ومن كل هم مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب. هذا أولا.
ثانيا: اجتهدي على قدر ما تستطيعين، ولا تضيعي هذه الفرصة التي في يدك الآن، وحاولي، والله تبارك وتعالى سيعطيك الأجر على قدر ما تبذلينه من جهد ومشقة، فحاولي – بارك الله فيك – باستغلال الفرص المتاحة، ولا تضيعي فرصة بحجة أنك قد حرمت من الذهاب إلى مراكز التحفيظ، أو مجالس الصالحين، لأن هذا عمل من عمل الشيطان، لكن حاولي أن تستغلي الفرصة المتاحة، لأنه يبقى في أول الأمر وآخره هذا هو عمرك الذي ستسألين عنه بين يدي الله تبارك وتعالى، سواء مع وجود من يعينك على ذلك أو بدونهم، فحاولي ألا تضيعي الفرصة المتاحة، واجتهدي فيها، حتى وإن كان فيها مشقة، ولكن الله تبارك وتعالى سيعطيك الأجر على قدر هذه المشقة، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أجرك على قدر نصبك) وقال: (والذي يقرأ القرآن وهو عليه شاق يتتعتع فيه له أجران).
فإذا - بارك الله فيك – لا تستسلمي أبدا للشيطان، وحاولي أن تستفيدي من الفرصة المتاحة، وأوصيك بقوله -صلى الله عليه وسلم-: (احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز).
ثالثا: لديك فرصة أخرى، وهي البحث عن السبب الذي من أجله منعك زوجك من الذهاب، لأن كل شيء له سبب، من الممكن أن نبحث عن السبب وأن نتخلص منه، فما هي الأسباب؟ ما هي الأسباب التي أدت إلى هذا المنع كانت منطقية أو معقولة أو مقبولة؟ فإذا كانت هناك فرصة أن تصلي ركعتين بنية قضاء الحاجة، وأن تتكلمي مع زوجك، وإذا كنت أنت مخطئة أن تعتذري له، وأن تقبلي رأسه، وأن تقبلي يده – إذا أمكن – وأن تقبلي قدمه – إذا كان ذلك يرضيه – حتى يسمح لك بالعودة.
أما إذا كان خروجك سيرتب على ذلك ضياع حق واجب له أو لأودك، فأرى أن تصبري وأن تحتسبي الأجر عند الله تعالى، وإذا كنت ترين أن الأمر من الممكن أن يتدخل فيه بعض الصالحين من أقاربك أو أولياء أمورك أو أقاربه فلا مانع من الاستعانة بذلك.
إذا لم يتيسر ذلك كله فأنا أقول: عليك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى أن الله يعوضك خيرا، وأن الله لا يحرمك الأجر الذي كنت تحصلين عليه، لأنك ستكونين مأجورة يقينا إذا كنت قد امتنعت طاعة لزوجك وحرصا على مرضاته، فإن الله سيعطيك الأجر كاملا، كهذا المسافر الذي إذا سافر يكتب الله له أجره كما لو كان مقيما، وكهذا المريض أيضا يكتب الله أجره عندما كان صحيحا، فأنت لم تحرمي الأجر، ولكن حاولي، وألحي على الله بأن يفرج كربتك، وأن يعطف قلب زوجك عليك، وما ذلك على الله ببعيد.
هذا وبالله التوفيق.