السؤال
السلام عليكم
الإخوة الكرام القائمين على الموقع، أكتب لكم شكواي، عسى الله أن يجعل على أيديكم الخلاص.
كنت قد أصبت منذ ست سنوات تقريبا بحالة اكتئاب حاد، كاد ينهي حياتي! وقضيت أول عام في معاناة كبيرة جدا، وأنا لا أعلم أن هذا اكتئاب، والعام الثاني ذهبت لطبيب نفسي، قال: إن هذا اكتئاب أحادي.
مررت بحالات نفسية كثيرة جدا، شكوك واضطرابات غريبة في ذاتي، وهلع وإحباطات واضطراب أنية وغيرها، واختفت الآن بنسبة كبيرة جدا، أخذت أدوية كثيرة (سيروكسات وفافرين ليبونيكس افيكسور سيتابرونيكس) وغيرها لا أتذكره، وأنا الآن آخذ عقار (فالدوكسان 25 مج) منذ شهر.
اختلفت عن الماضي بكثير، وتحسنت بنسبة خمسين بالمائة، وأحيانا يزيد التحسن وأحيانا يقل.
اعتدت على المعاناة مع هذا الشيء، ولكن ما يؤرقني كثيرا ويجعلني أفكر في الانتحار أحيانا هو اختلاف نظر عيني لنفسي أو لوجهي بالتحديد، حيث كلما نظرت في المرآة أشعر أني شخص آخر أو أن هناك خللا معينا في ذاتي، والثقة ضعيفة في نفسي لا أدري لماذا؟! مع أني كنت في السابق قويا وواثقا من نفسي، وكنت أحس بلمعة الثقة والقوة النفسية في عيني، مصاحب لهذا الشعور، والألم في الظهر لدرجة أني أحيانا أشعر بشيء يمشي أو يتحرك في ظهري، وكأنني مكبل بأغلال من الحديد.
أنا مهندس تقنية معلومات، وطموح، وتفكيري ليس سلبيا، ودائم التعلم والتحصيل، أحب مجال عملي كثيرا، ولا يلاحظ علي أحد هذا المرض، وأتكلم مع الناس كأنه ليس بداخلي معاناة، ولا يوجد لدي أي اضطرابات عقلية، ولا تفكير، وخروجي من المنزل قل بكثير جدا عن السابق، وأسافر بصعوبة، وآتي إلى المنزل كأنني كنت في غربة.
بارك الله فيكم جميعا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ magdy حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الإنسان حين يصاب بحالة نفسية وتصاحبها بعض الأعراض الغريبة نسبيا يحدث هنا نوعا من الاستغراب في داخل النفس، وهذا يعقد الحالة، كثيرا ما يعرف بأعراض (اضطراب الأنية) بالرغم من أنها علة بسيطة، إلا أنها تجر الناس إلى تفكير سلبي محبط جدا.
أنت أيها الفاضل الكريم: وصفت حالتك بأنها اكتئاب آحادي مع وجود أعراض قلقية، وظهر هذا في شكل اضطراب أنية، وتناولت الكثير من الأدوية، قطعا هذه تجارب ليست سهلة، لا بد أن أعترف بذلك، لكن المبدأ الأساسي والرئيسي هو أن الإنسان يجب ألا يتحسر على الماضي، هي تجارب مررت بها، وجاهدت نفسك، وقابلت الأطباء، وأعطيت لك الأدوية، لكن حالتك لم تتحسن بالصورة التي تريدها.
لا أريدك أن تنظر لهذه الفترة كفترة ظلامية، كفترة سوداوية في حياتك، لا، أبدا.
أنت الحمد لله تعالى، شخص لديك طموح، ولديك الحمد لله وظيفة محترمة، ودائما تحاول أن توسع من مداركك، وتطور من مهاراتك، وهذه كلها أسس رئيسية للتأهيل النفسي.
إذا لا حسرة على الماضي، وبنفس المستوى لا خوف من المستقبل، المستقبل واضح أنه سوف يكون مشرقا بالنسبة لك، المهم الآن هو أن تقف على أرجلك بصورة حقيقية، أن تكون شخصا مثابرا، أن تدفع نفسك نحو النجاح، والنجاح طرقه معروفة، لكن الإنسان بدون وضع أهداف معينة لا أعتقد أنه سوف ينجح، فضع لنفسك أهدافا، وضع الآليات التي توصلك لهذه الأهداف، وكن دائما إيجابيا في تفكيرك، وهذا هو علاج الاكتئاب، ليس أكثر من ذلك.
العلاج الدوائي نعتبره داعما، وأنت الآن تتناول عقار (فالدوكسان valdoxan) والذي يسمى علميا (اجوميلاتين agomelatine) هو دواء جيد جدا، فقط طبق المحاذير المتعلقة بفحص وظائف الكبد، وهي معروفة.
في ذات الوقت وبعد أن اختفت أعراض الاكتئاب لديك بنسبة خمسين بالمائة الآن أرى أن هنالك نوعا من التوجس الوسواسي.
هذا الذي تحدثت عنه من شعور غريب بعض الشيء، مع اهتزاز في الثقة بالنفس، أعتقد أنها أعراض ذات طابع وسواسي قلقي، وفيها مخاوف افتراضية.
أخي الكريم: كل هذا سوف ينتهي تماما، طبق ما ذكرته لك، وبعد مشاورة طبيبك ربما يكون من الأفضل أن تضيف جرعة صغيرة من عقار يعرف تجاريا باسم (سبرالكس Cipralex) ويعرف علميا باسم (استالوبرام Escitalopram) خمسة مليجرام فقط (نصف حبة) تضيفها للفالدوكسان، وأعتقد أن ذلك سوف يفيدك كثيرا.
خمسة مليجرام من السبرالكس يوميا – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – تستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم تجعلها خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناول السبرالكس، لكن تستمر على الفالدوكسان حسب الطريقة التي وصفها لك الأخ الطبيب الذي يشرف على علاجك.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.