الحب الشديد للفتاة أثر عليّ نفسيًا وعلى حياتي

0 206

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين:

فقد ابتليت بالحب منذ أكثر من أربع سنوات، ويعلم الله أنني أخاف الله، وأخاف الله في الفتاة، وأريد الزواج منها، ووصلت إلى مرحلة وكأنه مرض نفسي التعلق بها، وهي الآن تعيش في بلد مجاور، وحاول أهلها كثيرا أن يقطعوا علاقتي بها، ولكن عبثا، وأهلها يريدون تزويجها وهي ترفض, وأنا حالتي ساءت كثيرا في العمل، وفي حياتي الخاصة، وأصبح الاكتئاب يلف حياتي، هذا وصف مختصر جدا، وأرجو أن تساعدوني فيما ابتليت.

بارك الله لكم، والسلام عليكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد .. حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد:

أهلا بك في موقعك إسلام ويب، وإنا سعداء بتواصلك معنا، ونسأل الله أن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبخصوص ما تفضلت بالسؤال عنه فإننا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:

أولا: نحن نتفهم تماما ما تتحدث عنه، ونود أن نبين لك أمرا هاما، الحب -أخي- المفضي للزواج لا حرج فيه، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لم ير للمتحابين مثل النكاح) وهذا يدل على أن وقوع هذا الحب كان قبل الزواج، وقد ورد كذلك في الأثر أن مغيثا كان يمشي خلف زوجته بعد فراقها، وقد أصبحت أجنبية عنه، كانت دموعه تسيل على وجنتيه، فقال صلى الله عليه وسلم: (يا عباس، ألا تعجب من حب مغيث لبريرة، ومن بغض بريرة مغيثا!) ثم قال لها: (لو راجعته) فقالت بريرة: أتأمرني؟! فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنما أنا شافع) قالت: لا حاجة لي فيه. وعليه فإذا تولد عن الحب نكاح؛ فلا حرج من ذلك.

أما إذا كان الأمر على ما ذكرت من رفض أهل الفتاة لك خاطبا، أو حالت دونك الحوائل؛ فإن هذا أمر محرم شرعا، وهو ضرر عليك وعلى الفتاة: أما الضرر عليك لأن الشيطان سيعظم حبها في قلبك، ويدفعك إلى ما حرم الله عز وجل بذلك، ويصرفك عن هذا الخوف الذي تستشعر به اليوم، وإذا انجرفت في هذا الاتجاه ستخسر دينك ونفسك، وأما الضرر على الفتاة فهو يقودها إلى العقوق والقطيعة بينها وبين أهلها، وهذا أمر محرم شرعا.

ثانيا: إننا نريد منك -إن كنت قادرا على الزواج- أن تدخل وسطاء صالحين، وأن تتعرف على الموانع التي لا يقبلك أهل الفتاة لأجلها، وأن تعالجها إن كانت أمورا سلبية.

ثالثا: إذا لم تكن قادرا على الزواج، أو تأكدت أن الخطبة أضحت مستحيلة بعد أن استفرغت الجهد؛ فلا تعلق قلبك -أخي- بما حرم الله، ولا تعذب نفسك، واترك الفتاة وحالها، ويعينك على تركها ما يلي:

أولا: الإيمان بالقضاء والقدر، لا يخفاك -أخي الحبيب- أن كل شيء قدره الله على ابن آدم قبل أن يخلق الله السموات والأرض، فعن عبد الله بن عمرو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (فرغ الله تعالى من مقادير الخلق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء). فالمرأة إن كانت في علم الله لك؛ فستكون، وإن لم تكن لك فلو جلست العمر كله لن تكون، هذا قدر الله، والمؤمن يدرك أن قدر الله نافذ.

ثانيا: الخير والشر والحسن والقبح أمر لا نستطيع أن نحيط به إحاطة تامة، فقد يتمنى المرء الخير يراه خيرا وهو شر، وقد يرى الشر شرا وهو خير ولا يدري، وقد قال الله عز وجل: {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون} وما تدري لعل في زواجك منها شرا صرفه الله عنك، أو لعل الله ادخر لك من هي خير منها دينا وخلقا، فارض بقسم الله، ففيه الخير، وفي غيره الهلكة والعذاب.

ثالثا: اقترب من ربك أكثر، وعلى قدر اقترابك من الله سيهون الله عليك الأمر جدا، فإذا اكتمل حبك لله؛ هان عليك كل محبوب سواه، واعلم أن الحب الذي وسمته بالبلاء مصدره الشهوة، والشهوة تضعف وتقوي بالقرب من الطاعة أو البعد عنها، قال تعالى: {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات} فاقترب من ربك وستجد الخير في ذلك.

رابعا: كثرة الدعاء إلى الله، واللجوء إليه، والاحتماء به، فالدعاء سهم صائب إذا خرج من قلب صادق مع الصبر وجدت أثره في قلبك وفي حياتك.

خامسا: المرء بإخوانه وإخوانه بدونه، فتخير -أخي- من أهل العلم والفضل والصلاح من تثق في دينهم، والزمهم؛ فستجد خيرا من وراء ذلك.

نسأل الله أن يرفع عنك هذه الغمة، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.

والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات