كيفية نصح الزوجة التي لا تصلي

0 808

السؤال

السلام عليكم.
زوجتي لا تصلي، فكيف أقنعها بالصلاة؟ لقد حاولت مرارا وتكرارا ولكن لا جدوى.

وإذا استمر الحال هكذا وأصرت على موقفها فما العمل؟ علما أنها من أهل محافظين على الصلاة، وقد كانت تصلي عندما تزوجنا، إلا أن حجتها الآن هي الكسل.

أرجوكم أفيدوني ما العمل؟ لقد صبرت كثيرا ، أريد وضع حد لهذه المشكلة.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله العظيم أن يصلح لنا ولكم الذرية، وأن يعيننا جميعا على ذكره وشكره وحسن عبادته وبعد:

فإن الصلاة عبادة لا تسقط عن الإنسان ما دام فيه نفس يتردد، وهي أول ما يحاسب عليه الإنسان من عمله فإن صلحت صلح سائر العمل، وهي الميزان في الدنيا والآخرة، وكان السلف إذا أرادوا أن ينظروا في دين إنسان يسألون عن صلاته أولا.

وأرجو أن تبحث عن مدخل حسن إلى قلب هذه الزوجة؛ لأن الخطأ في التوجيه يعطي الفرصة لعدونا الشيطان، ونقترح عليك أن تقول لها أنت فيك صفات طيبة ومن أسرة طاهرة، ولكن هذه الصفات الجميلة تحتاج إلى إكمالها بالمحافظة على الصلاة، واختار الوقت المناسب لبذل هذا النصح، وأرجو أن يكون ذلك بعيدا عن الناس، وعن أطفالكم كذلك، فإن الفرق كبير بين النصيحة والفضيحة، وأحسن من قال:
فإن خالفتني وعصيت أمري *** فلا تجزع إذا لم تعط طاعة
تعهدني بنصحك في انفراد *** وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين الناس لون *** من التوبيخ لا أرضى استماعه

وعليك أن تبين لها خطورة التقصير في أداء هذا الركن العظيم من أركان الإسلام، والصلاة هي الفارقة بين المؤمن والكافر، (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)، وهي وصية النبي صلى الله عليه وسلم الأخيرة لأمته، ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، وكما قال عمر رضي الله عنه: (إن أهم أموركم عندي الصلاة فمن حافظ عليها فهو لما سواها أحفظ، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع)، (ومن حافظ على الصلاة كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لما يحافظ عليها لم تكن له نورا ولا برهانا ولا نجاة يوم القيامة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف) وهؤلاء والعياذ بالله هم أئمة الكفر والضلال.

وأرجو كذلك أن تبين لها شؤم المعاصي وخاصة كبيرة ترك الصلاة وخطورة ذلك على بيتكم وحياتكم وأولادكم قال تعالى: (( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى ))[طه:124].

وليس من الصواب أن تعلن عجزك ونفاد صبرك وخاصة أمامها، ولكن عليك بمواصلة النصح والإرشاد والتدرج في ذلك بأن تبدأ بالخطوات التي ذكرناها من تعليم وتنبيه وتخويف وتحذير وتهديد وهجر وضرب غير مبرح، بل قد يصل الأمر إلى فراق هذه الزوجة، ولكن هذا يحتاج لفقه ودراسة للمصالح والمفاسد، فإذا كان سوف يترتب على ذلك مزيد من الضياع والانحراف، فالصواب أن تصبر وتصابر وتجتهد قال تعالى: (( وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا ))[طه:132]، ونلاحظ هنا دقة التعبير القرآني في كلمة واصطبر، فليس المطلوب هو مجرد الصبر ولكن الزيادة في مبنى الكلمة تدل على زيادة في المعنى، فالمطلوب هو مزيد من الصبر والمصابرة.

وعليك بالتوجه إلى الله واللجوء إليه والحرص على طاعته قال تعالى: (( وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين ))[الأنبياء:90].

وعليك أن تظهر لها عدم الرضا بترك الصلاة، وابحث عن الأساليب المناسبة للتعبير عن ذلك كترك الأكل معها وهجران فراشها، والامتناع عن التحدث إليها، وغير ذلك من الوسائل التي سوف تساعدك بإذن الله في ردها إلى صوابها، وفي المقابل أرجو أن تشجع كل بادرة استجابة ورجوع إلى الله وإنابة.

وطالما كانت تحافظ على صلاتها في بداية حياتكما الزوجية فسوف تعود بإذن الله إلى صوابها، والكسل عذر غير مقبول ولماذا لا تكون كسولة في الأمور الأخرى قال بعض الفقهاء:
خسر الذي ترك الصلاة وخابا *** وأبى معادا صادقا وأيابا
إن كان يتركها لنوع تكاسل *** فقد غطى على وجه الصواب حجابا

ونوصي الشباب أن يحرصوا على البحث عن ذات الدين ولا يكفي أن يكون أهلها متدينون بل ينبغي أن نعرف حرصها على دينها وصلاتها فاظفر بذات الدين تربت يداك.

وإذا أيقنت هذه الزوجة بأنها قد تفقد زوجها وتهدم بيتها إذا لم تحافظ على الصلاة فسوف تستجيب لداعي الخير وتتوب إلى الله.

وأرجو أن تراعي الجوانب النفسية عند تطبيق هذه العقوبات.
لأن بعض الناس عندهم عناد، وقد يدفعها الشيطان إلى الإصرار على المخالفة، ونحن نريد هداية هذه المرأة ولا نريد أن نخرب عليها عشها وحياتها.

وإذا كان في أوليائها من تتأثر بنصحه فيمكن أن تطلب منه نصحها، أو تقول لها إذا لم تحافظي على الصلاة فسوف أخبر فلان؛ لأنني أصبحت لا أطيق تحمل هذه المخالفة، وبين لها أنك لا تحرص على هذا الحل ولكن آخر الدواء الكي حتى لا ينتشر هذا الخبر وتصبح سمعة هذه المرأة قبيحة بين الناس والعياذ بالله.

وأسأل الله أن يصلح لنا ولكم الذرية، وأن يردها إلى صوابها، ومن الله التوفيق والهداية والرشاد.
وبالله التوفيق.


مواد ذات صلة

الاستشارات