السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أرجو أن تأخذوا رسالتي بمحمل الجد، فأنا شبه ضائعة، فقد كنت في زيارة لجدي الذي كان على فراش الموت، ولكني لم أكن أعلم، وكنت أحسبه مريضا فقط، المشكلة أني زرته ولم أسلم عليه، وهو توفي -رحمة الله-، فهل أعتبر قاطعة رحم؟ رغم أني لم أكن أقصد القطيعة، لكن لا أعلم ما حدث لي، فقد كنت أمر بمشاكل لا يعلمها إلا الله، ولكن كنت أراه من بعيد، وتأتيني أفكار أنه لا يسأل عنا، فهل هي من الشيطان أم من نفسي؟ وهل سأحاسب عليها؟ وهل أنا قاطعة رحم رغم أني زرته قبل مرضه وسلمت عليه؟ وسبب عدم سلامي أني كنت أخشاه، وأني قد أثقل عليه بسلامي، وهل تعتبر مجرد زيارتي بدون سلام صلة؟ وهل أحاسب على نيتي أم من الشيطان؟
كما أنني أقول في نفسي ما فائدة صلاتي وأنا قاطعة لرحمي؟ وهل تقبل توبتي؟ وما شروطها؟
شكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Nouf حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يتجاوز عنا وعنك، ومما لا شك فيه أننا سنأخذ رسالتك بمأخذ الجد، ولن نجيبك إلا بما نراه الجد والنافع، لا سيما إذا كان ذلك في أحكام شرعية فيها الإثم أو عدمه، والذي نأمل منك –أيتها البنت الكريمة– أن تكوني جادة في الوقوف عند حدود الله سبحانه وتعالى إذا استبانت لك، وأن تتداركي ما فات منك من واجبات أو وقوع في منهيات بالتوبة والإصلاح، وهذا أمر يسير -بإذن الله تعالى-.
بخصوص ما ذكرت من عدم تسليمك على جدك:
فإن كنت تقصدين أنك زرته وحضرت إليه في مكانه ولكنك لم تسلمي، فهذا أمر سهل يسير؛ لأن السلام لا يشترط من كل الداخلين، ولا يجب عليهم، فالسلام بأصله سنة، ويكفي في تحصيل هذه السنة سلام واحد، فيكفي عنه وعمن دخل معه.
أما إذا كنت تقصدين أنك لم تزوري جدك أصلا أثناء مرضه؛ فإن ترك هذه الزيارة عقوق، فإن عرف الناس جار بأن زيارة الولد لأبيه وجده أو لأمه وجدته في مثل هذه الظروف من الإحسان والبر المطلوب، وتركه مذموم عند الناس، معبر عن العقوق.
فالخلاصة أن البر والعقوق أمر يرجع فيه إلى العرف، فما تعارف الناس أنه إساءة أو تقصير في حق الوالد فهو من العقوق، وما تعارف الناس أنه ليس تقصيرا ولا إساءة فليس من العقوق.
وعلى كل تقدير فإنه إن حصل منك تفريط أو تقصير ووقعت فيما لا يجوز لك الوقوع فيه؛ فإن إصلاح ذلك يكون بالتوبة، فباب التوبة مفتوح، والله عز وجل يغفر الذنوب جميعا إذا تاب صاحبها منها مهما عظم ذلك الذنب، فقد قال سبحانه وتعالى: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم}، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له).
فإذا كنت قد وقعت في المنهي عن؛ه فالتوبة أن تندمي على ذلك الفعل، وأن تعزمي على عدم الرجوع إليه في المستقبل، فإذا فعلت ذلك فإن الله تعالى سيتوب عليك.
أما قولك: ما فائدة صلاتي وأنا قاطعة رحمي؟
فهذا كلام غير صحيح، فأنت مأمورة بالصلاة، فهي آكد فرائض الإسلام بعد الشهادتين، وهذا من تلبيس الشيطان عليك، ومحاولاته أن يصدك عن الخير وعن القيام بالفرض ويوقعك في الإثم والمعصية، فاحذري من تلبيساته، وقد أحسنت حين توجهت بالسؤال، فإن تلبيسات الشيطان لا يدفعها شيء مثل العلم ومعرفة حدود الله تعالى وما يريده الله تعالى من العبد.
نسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يوفقك لكل خير.