أصاب أحيانًا بضعف تركيزي وقدراتي العقلية.. كيف أجعل تركيزي قويًا؟

0 219

السؤال

السلام عليكم.

دخلت الجامعة وتخصصت في كلية هندسة البترول، والتي لا أحب العمل فيها، ولكني دخلت حتى أتخرج وأعمل في وظيفة تدر علي المال فقط، ولكن بعد سنوات من العمل والتخرج اكتشفت خطأ قراري؛ لأني أكره عملي يوما بعد يوم، ولا أكترث له، كيف أحب ما أعمل؟ لأنه أصبح أمرا واقعيا ( حيث إن هواياتي وإعادة اكتشافها وترك العمل الحالي لي أمر أصبح شبه مستحيل؛ لأني مسؤول عن بيت وأسرة الآن ).

لم أكن متفوقا منذ الصغر، ولكني في المرحلة الثانوية تفوقت، ودخلت كلية الهندسة -والحمد لله-، ولكن منذ الصغر وأنا أعاني من شيء غريب، أحيانا تكون قدراتي العقلية خارقة من ذاكرة وتركيز وانتباه وأجد سهولة في فهم أي شيء، وأحيانا أخرى - وهي الغالبة - أجد صعوبة في الفهم، وتدنيا في القدرات العقلية، ولكن في كلا الحالتين أنا لا أطيق الجلوس الطويل والاستعداد لبذل وقت طويل في فهم، أو مذاكرة أي مسألة من المسائل.

هل من حل لأجعل حالة التركيز هي الغالبة، وأتغلب على حالة عدم الصبر هذه؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حسين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على التواصل معنا بهذا السؤال على هذا الموقع، ولا شك أنك تشعر بصعوبة هذا الوضع الذي تجد نفسك فيه.

لا بد من التوضيح بأن الحل الأمثل أن يكون الإنسان يعمل في مهنة أو عمل مما يحب ويرتاح إليه، فهذا أدعى للعطاء والإبداع، إلا أننا نعلم أيضا أن هذا غير متيسر للجميع، وفي كل الظروف والأوقات، فكثير من الناس يمتهن مهنة معينة غير التي يحب ويتمنى، إلا أنه يتفهم أن هذه المهن إنما هي لكسب الرزق والتواصل مع الناس، بينما اهتمامه وميله في مجال آخر، ولا حرج في هذا.

لقد درست هندسة البترول، وهو تخصص مطلوب في كثير من البلاد، ومنها دول الخليج، فأمامك عدة خيارات. وعادة عندما نواجه مشكلة ما في حياتنا، فأمامنا ثلاث خيارات:

فالأول: أن يغير هذه المشكلة بالكلية، وإلا فيمكنه تغيير موقفه من هذه المشكلة، وإذا عجز عن كل ما سبق فيمكنه أن يحاول التعايش معها.

فانظر في وضعك واسأل نفسك، ما هي الأمور التي يمكنك الآن تغييرها، فمثلا هل تجد أن مما يمكنك عمله تغيير مهنتك، بالرغم من وجود الأسرة والالتزامات المادية وغيرها؟

ولكن ما العمل إذا لم تستطيع القيام بهذا وتغيير العمل، فهنا يمكنك اللجوء للحل الثاني، وهو محاولة تغيير نظرتك لهذا الأمر، فقد يكون هناك تفسير إيجابي لبعض جوانب العمل في مجال هندسة البترول، ولا بد أن هناك بعض الجوانب الإيجابية في هذا العمل الذي أنت فيه، ومن أقلها أنه أفضل من عدم العمل، وأن تكون عالة على الآخرين، بالإضافة لأمور أخرى لا شك موجودة.

والخطوة الثالثة والأخيرة، أن تنظر في عملك هذا، فإذا كنت تستطيع تغييره أو حتى تغيير رؤيتك له؛ لأنك قد لا تري أي شيء إيجابي فيه، فيمكنك هنا محاولة الخيار الثالث، وهو التعايش مع هذا العمل على علاته....

وكم منا من يجد نفسه في ظروف غير مريحة وليست من اختياره، إلا أنه لا يستطيع تغييرها ولا يرى فيها أي وجه إيجابي، فنحاول هنا التعايش والتأقلم مع هذه الظروف، وكل منا عنده في حياته مثل هذه الأمور التي علينا جميعا التعايش معها.

والتعايش لا يعني أبدا التسليم أو القبول بها على الدوام، وإنما تقبلها ولو مؤقتا، ريثما نستطيع فعل شيء تجاهها، فعندها يمكن أن نعود للخطوة الأولى، ونحاول تغيير هذا الشيء الذي لا نرتاح له.

إن مما يعينك على تغيير شروط هذه المهنة، ويحسن من إمكانية قيامك بالتغيير مستقبلا هي العناية بنفسك، بكل جوانب هذه العناية والرعاية، كالمحافظة على الصلة بالله تعالى، وحسن العلاقة الأسرية، والنوم المناسب والتغذية المتوازنة الصحية، والجد والانكباب على العمل وتنمية مهاراتك المتجددة، والنشاط الرياضي، والتواصل مع الأصدقاء... هذه كلها أمور تحت سيطرتك وإرادتك، والعناية بها الآن ستساعدك في الغد على فعل ما تعجز عنه اليوم.

أعتقد أنك إن توصلت لقناعة معينة بخصوص عملك ومهنتك، فأنت ستلاحظ تحسنا واضحا في تركيزك وانتباهك، فضعف التركيز والانتباه قد لا يكون إلا عرضا للمشكلة الأولى.

أرجو أن يكون في هذا ما يفيد، والله يوفقك، وبانتظار سماع أخبارك الطيبة.

مواد ذات صلة

الاستشارات