السؤال
السلام عليكم
شكرا لكم على الإجابة على الاستشارة رقم (2258292)، لقد بدأت أشعر بأن الحمل الذي أثقل كاهلي أصبح يخف؛ لأنني لا أذكر همومي لأحد، لكنني أريد أن أضيف بعض التفاصيل المهمة، والتي نسيتها بسبب انغماسي في مشاعري، استسمحكم على إلحاحي، لكنكم تعلمون أكثر مني أن الإنسان إذا ما ارتكب معصية فيكفيه أن يستغفر خالقه؛ فيسامحه من دون شرط، لكن إذا ما أخطأ في حق إنسان آخر ولو كان أخاه، فمن المحتمل ألا يسامحه، وإن بكى وتذلل له.
المهم: في إحدى المرات أتى عمي الأكبر إلى المنزل، وبعد أن علم أننا في المستشفى لحق بنا بحجة أنه جاء ليأخذنا إلى البيت، وهنا اقترفت خطأ بدون أن أعلم ما ستؤول إليه الأمور!
اتصلت بخالي وأخبرته بمجيء عمي، وسألته إن كان سيأتي، فأنا لا أريد أن أركب معه في سيارته، كنت غاضبة منه مع أنني لا أظهر إلا الاحترام، كان يكره تقربي من أبي -رحمه الله-، لقد لاحظت نظراته إذا ما قبلته أو مسحت على رأسه (كنت أعتبره مثل أبي)، لذلك فإن كل تصرفاتي كان نتيجة الإرهاق والحزن على مرض أبي الذي قلب حياتنا، ولم نكن نرى هذه التصرفات من قبل؛ لأنهم كانوا يخافون من أبي، لست أبرر تصرفاتي، لكنني الآن أصبحت أفكر بوضوح بعدما زال الضغط.
بعد خروج أبي أخبرته: أن عمي هنا في انتظاره، وبما أنه أتى كنت أريد أن يذهب أبي معه، وأنا أركب مع خالي، لكن أبي توجه إلى سيارة خالي؛ مما زاد غضب عمي علينا، بعدها علمت أنني أخطأت، ولو أن خالي كان سيأتي بكل الأحوال بحسب اتفاقنا.
في تلك الفترة حدثت بين أعمامي خلافات كانت تؤدي إلى الضرب، ومحاولتهم رمي أحد إخوانهم (عمي الأصغر الذي عاد يزور أبي) من أعلى الدرج، علمت أن الله أبعدهم لحكمة هو أرادها، أسأل الله لي ولهم الهداية.
وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمينة حفظها الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك -ابنتنا الفاضلة الحريصة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والتواصل والتفاعل، ونسأل الله أن يرحم والدكم، وأن يعينكم على الصبر على أرحامكم، وحسن الصلة بهم، وأن يصلح حالنا وحالكم وأحوالهم، وأن يؤلف القلوب ويغفر الذنوب.
وإذا كنت لا تظهرين لعمك إلا الاحترام، وها أنت تحرصين على الصلة للأرحام، فأنت على خير، وإلى الأمام، فليس عليك شيء في الذي حصل، وأنت لم تتعمدي الإساءة، وصلة الرحم لا تدوم إلا بصبر على المرارات، ونسيان للجراحات، والفرص أمامك واسعة لإعادة الأمور لوضعها الصحيح.
وبما أن صلة الرحم عبادة، فإنها تحتاج إلى فقه، وتحتاج إلى صبر، ومما يعينك على ذلك:
1- اللجوء إلى الموفق سبحانه.
2- تصحيح النية واحتساب الأجر.
3- عدم الوقوف عند المواقف، وعدم التعامل بردود الأفعال.
4- فهم قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها).
5- التعوذ بالله من شيطان همه التحريش وإفساد العلاقات.
6- الإدراك بأن بر الأعمام والتواصل معهم والصبر عليهم من بر الوالد رحمة الله عليه.
7- تذكري منزلة العم، فعم الإنسان صنو أبيه.
8- تذكري بشارة النبي -صلى الله عليه وسلم- لمن جاء يشكو أرحامه، حيث قال: (يا نبي الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي...) فهل قال له النبي -صلى الله عليه وسلم- عاملهم بالمثل؟ بل قال له يبشره بتأييد الله ونصره: (لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك) ولا عجب؛ فصلة الرحم سبب لسعة الرزق والخيرات، بل هي سبب لمغفرة الذنوب، وقدوة من يصل رحمه -وإن أساءوا- هم الأنبياء، وفي مقدمتهم نبينا محمد، ويوسف عليهما الصلاة والسلام.
وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بالمحافظة على تميزك، وعلى الاهتمام بأرحامك، ولك منا الدعاء، ونسأل الله أن يوفقك.