السؤال
أعاني من مشكلة غريبة ﻻ أجد لها حلا.
أنا شخص مواظب على الصلاة، وقراءة القرآن، وﻻ أنام إلا على القرآن، ومع كل ذلك هناك شيء بداخلي يتلفظ بأبشع الشتائم في الله عز وجل، وﻻ أعرف كيف هذا؟ وأبكي وأصاب بانهيار؛ لغضب الله على ما أقوم به.
أرجوكم من لديه حل لمشكلتي يساعدني -بالله عليكم-، فأنا في حاجة لمن يأخذ بيدي مما يصدر بداخلي، وأنا بريء من ذلك.
استغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ islam حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
يسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت، وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصرف عنك كيد شياطين الإنس والجن، وأن يثبتك على الحق، وأن يزيدك صلاحا وهدى وتقى واستقامة، وأن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين.
وبخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل-: فإن الشيطان لعنه الله عندما يرى العبد صالحا مستقيما – خاصة إذا كان في مرحلة الشباب والقوة – فإن الشيطان يغيظه هذه الطاعة وهذه الاستقامة، ويحزنه هذا الأمر جدا؛ لأنه يعلم أن العبد كلما كان أكثر قربا من الله تعالى كان أهلا لدخول جنات الله تعالى ورضاه ورضوانه، وهو لا يريد أن يدخل أحد الجنة، كما قال الله تعالى في القرآن الكريم: {إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير}.
ولذلك عندما يراك صالحا مستقيما يتمنى الموت فلا يجده، ومن هنا فإنه يحاول أن يشن عليك أو على أمثالك من الصالحين حربا لا هوادة فيها، وعادة ما يستعمل سلاحين أو حربين قذرتين لإفساد صلاح الصالحين وإيمان المؤمنين:
الحرب الأولى حرب الشهوات: وهو أن يزين المعاصي للعبد حتى يقع في معصية الله تعالى، كأن يزين له الفسق والفجور والكذب والغش والخديعة، والنظر المحرم، والزنى والسرقة، وغير ذلك من الأمور المحرمة، وأن يصرفك عن الطاعة والعبادة.
فإن عجز عن ذلك لجأ إلى النوع الثاني من الحرب، وهي حرب على القلب، بأن يثير شبهات في قلب العبد المؤمن حتى يكدر خاطره، وحتى يشعره بعدم الأمن والأمان، ويشككه في نفسه، ويشككه في طاعاته وعباداته، ويشعره بأنه منافق، وأنه مخادع، إلى غير ذلك.
ولذلك هو يستعمل معك النوع الثاني من هذه الحرب القذرة، وأحب أن أبين لك أن هذا الأمر كله لا قيمة له، ما دمت حريصا على طاعة الله تبارك وتعالى، بطيئا عن معصية الله، وما دمت تجتهد في مرضاة الله تعالى، فلا تلقي بالا لهذه الأفكار السيئة القذرة.
والذي أنصحك به هو احتقار هذه الأفكار، كلما بدأت تشعر بها حاول أن تستعيذ بالله تعالى، وأن تتفل على يسارك ثلاث مرات، بل واتفل تحت قدمك، وحاول أن تمسح التفلة بحذائك، مشعرا الشيطان بأنه أحقر من هذه البصقة التي بصقتها على الأرض، وأنك تطأه بقدمك، ولا تهتم به ولا تعتني به.
هذا أمر وإن كنت ترى أنه شيء بسيط، إلا أنه في قمة الخطورة على الشيطان – لعنه الله تعالى – احتقارك للأفكار أهم شيء، مواصلتك للطاعة والعبادة والإكثار منها هو أعظم سلاح تتسلح به في وجه هذه الأفكار، كلما جاءتك هذه الأفكار فقل: (أعلم أن الله على كل شيء قدير، آمنت بالله وحده، لا إله إلا الله) وعليك – بارك الله فيك – بالمحافظة على أذكار الصباح والمساء، وأذكار النوم والاستيقاظ، وحافظ على أذكار ما بعد الصلوات، واجتهد في أن تكون على طهارة معظم الوقت، واملأ فراغك بذكر الله الواحد الأحد، وأكثر من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وتضرع إلى الله تعالى أن يصرف عنك كيد هذا الشيطان اللعين، وحاول أن تكثر من العبادات أكثر وأكثر، واعلم أن ذلك -بإذن الله تعالى- يقهر الشيطان ويدحره ويخزيه.
نعم هو لن يتوقف عن شن الحرب عليك وعلى قلبك، ولكن أبشر بأن الله لا يضيع عباده، وأنت في جهاد، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية) أي جهاد النفس وجهاد الشيطان، فكلما أكثرت الاستعاذة واللجوء إلى الله كان الله سندك، وكان الله معينك، ولن يحاسبك الله أبدا على تلك الأفكار القذرة؛ لأنه يعلم أنك تكرهها، ولا تؤمن بها، ويعلم أنها من كيد عدوه وعدوك، وهو الشيطان الرجيم، ويعلم أنك رجل تحبه وتحب دينه، ولذلك لا تشغل بالك بهذه الحقارات والتفاهات، وواصل ما أنت فيه من طاعة وعبادة، واستعن بالله ولا تعجز، واعلم أن المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، لذلك لا تضعف أمام كيد الشيطان، وكن أنت له بالمرصاد.
هذا وبالله التوفيق.