السؤال
السلام عليكم يا شيخ.
عندي قريب يصلي ويصوم، ولكن يسمع أغاني، ويمازح النساء ويلامسهن بحجة الصداقة، ويجاهر بالمعصية، مثال على ذلك: يعرض صوره على الفيس بوك وهو يحتضن صديقته، أو يعرض صورا بالملهى وهي تقوم بتقبيله، وقد تطور الأمر إلى أن أصبح يضع صليبا على يده لاسترضاء صديقته النصرانية! وعندما تحدثت معه عن الموضوع قال: أضعه فقط للزينة، وأنا مسلم وربي سيحاسبني!
أخبرت أهله عن موضوعه, ولكن للأسف كانت ردة الفعل أن قالوا لي: إن هذه هي حياة الحضارة، وأنت ما زلت متخلفا وأنت تاعب نفسك بالدين، والخ...
مع العلم أنه يصلي ويؤمن بالله, وهو يقول: بأنه سيدخل الجنة؛ لأنه مؤمن بالله، والله غفور رحيم.
أتمنى منكم أن تساعدوني وتردوا على الرسالة بجواب شاف؛ ليترك هذه المعاصي؛ فأنا أحاول نصحه، ولكن ليس لدي العلم الشرعي الكافي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو محمود حفظه الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أيها الأخ الكريم– في استشارات إسلام ويب، نشكر لك تواصلك معنا، ونسأل الله أن يهدي صاحبك هذا ويرده إليه ردا جميلا، وصاحبك هذا –أيها الحبيب– قد بلغ مبلغا عظيما من المنكرات والمعاصي، مع المجاهرة بها، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قد قال: (كل أمتي معافى إلا المجاهرين) وما يتحجج به من أن مغفرة الله واسعة، وأن الله هو الغفور الرحيم، فإنه من خداع الشيطان له وغروره، وإلا فإن الله سبحانه وتعالى قد قال في كتابه الكريم: {نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم* وأن عذابي هو العذاب الأليم}. وفي أكثر من آية يجمع الله سبحانه وتعالى في موضع واحد بين هذين المعنيين.
والذي يعصي الله تعالى ويجاهر بهذه المعصية ويدعي بعد ذلك أنه يفعل ذلك اتكالا على مغفرة الله تعالى ورحمته، هذا مخدوع مغرور، أساء بالله سبحانه وتعالى الظن ولم يحسنه، فإن الله سبحانه وتعالى يغار، وغيرته أن يأتي العبد ما حرمه سبحانه وتعالى عليه، وبهذا المعنى ورد الحديث، كما في الصحيح وخارج الصحيح.
وصاحبك هذا يحتاج إلى من يذكره بهذه المعاني، وأن عقاب الله سبحانه وتعالى شديد، كما أخبر الله سبحانه وتعالى: {إن الله شديد العقاب}، وغضبه سبحانه لا تقوم له السموات والأرض، فكيف يستطيع هذا الإنسان المسكين البسيط أن يقوم أمام غضب جبار السموات والأرض.
فإذا كنت تحسن دعوته وتذكيره بالله وتخويفه من الآخرة، مع الأمن على نفسك من الانخداع والانجرار وراءه، فافعل، فإن ذلك من الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإن كنت لا تحسن ذلك، أو كنت تخشى على نفسك التأثر به؛ فإنه يتعين عليك أن تفارقه.
وأما ما ذكرت عنه من لبسه للصليب وادعائه بأنه لا يفعل ذلك كفرا، هذا منكر فظيع آخر، فإن لبس الصليب تشبه بالنصارى في دينهم المحرف الباطل، الذي يزعمون فيه أن عيسى –عليه صلوات الله وسلامه– قد صلب وقتل، والقرآن يكذب هذا، ولبس الصليب تشبها بالنصارى هو من التشبه بهم في دينهم، وهو التشبه المحرم، وهو داخل في قوله -صلى الله عليه وسلم-: (ومن تشبه بقوم فهو منهم) وفي قول الله سبحانه وتعالى: {ومن يتولهم منكم فإنه منهم} ولهذا قال العلماء: أن من بين له حكم لبس الصليب، وأنه شعار أهل الكفر، وأن لبسه له رضا بدينهم، ومتابعة لهم فيه، وأصر على هذا اللبس؛ فقد كفر.
ولكن نحن نصيحتنا دائما ألا يباشر الحكم بالكفر آحاد الناس الذين لا يحسنون إقامة الحجة، فإن التكفير له شروط وله موانع، ولا يصح إطلاق الكفر على شخص معين إلا بعد أن تجتمع الشروط وتنتفي الموانع، وهذا قد لا تحسنه أنت –أيها الحبيب– ولذا فنصيحتنا لك أن تكتفي بتذكير هذا الصاحب بسوء ما يفعل، فإن رجع فالحمد لله، وإن لم يرجع ففارقه، وحاول أن تسلط عليه من يدعوه إلى الله تعالى ممن يحسنون ذلك.
نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.