السؤال
السلام عليكم
زوجتي مريضة بمرض الذهان، وهي تتعالج لدى أحد الأطباء لدينا في غزة، والدكتور دائما يصف لها دواء الأولابكس والسيركويل، وأفادنا الدكتور: أنه بإمكانها الحمل، ولا يوجد خطورة من الأولابكس، حيث إنها يجب أن تبقى عليه؛ لأنها في حال إذا تركت الدواء ستتعرض لانتكاسة بسرعة.
علما بأن الأولابكس كانت زوجتي تأخذه وهي حامل بابننا الأخير قبل أربع سنوات ونصف. فما هي أخف جرعة ممكنة من الأولابكس لو قمنا بالتخطيط للحمل أم أن من الأفضل أن ننسى موضوع الحمل نهائيا؟.
مع ملاحظة أن ابني الذي تناولت زوجتي الدواء أثناء حملها به تأخر في الكلام نوعا ما، حيث إن عمره الآن 3.5 سنة، ويوجد بعض من كلامه غير مفهوم، وعندما يكون في حالة عصبية لا نفهم شيئا من كلامه.
أفيدوني، أفادكم الله، فأنا في حيرة من أمري.
زوجتي عمرها 27 عاما، ولا تعاني من أي أمراض مزمنة، وطولها 155، ووزنها تقريبا 60, وزنها الزائد بسبب الدواء.
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نسأل الله تعالى لزوجتك الفاضلة الصحة والعافية.
أيها الأخ الكريم: الـ (أولابكس Olapex) والـ (سوركويل Seroquel) هي أدوية رئيسية بالفعل تستعمل لعلاج بعض أمراض الذهان، ومعظم أمراض الذهان الآن يمكن احتواؤها علاجيا بصورة ممتازة جدا، خاصة إذا التزم المريض بالدواء، وأحسب أن زوجتك -إن شاء الله تعالى– من الملتزمين.
بالنسبة لهذين الدوائين: هذه الأدوية لم تعط براءة السلامة الكاملة في أثناء الحمل، أي خلال الأربعة الأشهر الأولى، وهي الفترة التي تتكون وتتخلق فيها الأجنة، وبالرغم من أن الخطورة ليست عالية، لكن أنا شخصيا لا أحبذ استعمالها في أثناء الحمل أبدا، والأدوية البديلة هي عقار يعرف تجاريا باسم (لارجكتيل Largactil) ويعرف علميا باسم (كلوربرومازين Chlorpromazine) وكذلك عقار يعرف تجاريا باسم (استلازين Stelazine) والذي يعرف علميا باسم (ترايفلوبرزين Trifluperazine).
أيها الفاضل الكريم: ليس هنالك ما يمنع زوجتك من الإنجاب، لكن المسافات بين الحمل والحمل الذي يليه يجب أن تكون متباعدة، كما أن فترة ما بعد الولادة يجب أن تتخذ فيها التحوطات الكاملة؛ لأن الأمراض الذهانية كثيرا ما تكون في قمة حدتها وشدتها بعد الولادة، وهذا ما يعرف بـ (ذهان النفاس).
فيا أخي الكريم: خلاصة الأمر أنه لا مانع أن تنجب زوجتك طفلا أو طفلين مثلا، وأن تكون تحت رعاية الطبيب النفسي، وكذلك طبيبة النساء والولادة، ومع احترامي الشديد وتقديري لرأي الطبيب لكن لا أفضل الأولابكس أو السوركويل في أثناء الحمل، والبدائل موجودة من بعض الأدوية القديمة، وقد ذكرت لك اسم دوائين.
والذي أود أن أنبهك إليه أنه بصفة عامة في فترات الحمل الأولى تقل فيها الانتكاسات المرضية، لكن هذا لا يعني أن نترك المريض دون دواء، أو على الأقل من المفترض أن يكون تحت الرقابة النفسية اللصيقة.
بالنسبة لما حدث لابنك الكريم، حيث كانت أمه تتناول الدواء: لا نستطيع أن نجزم أن تأخر الكلام كان سببه الأولابكس؛ لأن هذه الأدوية إن كانت لها تأثيرات سلبية لا تكون على مستوى الذكاء والمقدرات المعرفية للطفل، هي تكون على مستوى تكوين بعض الأعضاء الأخرى كالشفتين مثلا أو القلب، قد تظهر بعض الاختلافات التكوينية في هذه الأعضاء، فالأمر لا يتعلق بموضع الذكاء والمقدرات المعرفية والقدرة على التعبير، لكن الأحوط والأفضل هو أن تتجنب الحامل استعمال الأدوية في فترة الحمل الأولى، إلا إذا كان هنالك اضطرار لاستعمال الدواء، ويجب أن يترك الأمر للطبيب ليحكم فيه.
وجرعات الأدوية التي تستعمل في أثناء الحمل -أيا كان الدواء- يجب أن تكون صغيرة أيضا.
بالنسبة لزيادة الوزن عندها: نعم زيادة الوزن مرتبطة كثيرا ببعض الأدوية النفسية، وإن كنت لا أرى أن وزنها زائد، حيث إن ستين كيلوجراما يعتبر وزنا معقولا جدا خاصة بالنسبة لطولها.
فأيها الفاضل الكريم: إذن هذه هي نصيحتي لك هي العلاقة بين الحمل والأدوية النفسية والحالة الذهانية التي تعاني منها زوجتك الكريمة، وأنا أود أن أشير لشيء هام جدا، وهو: بفضل من الله تعالى في معظم الحالات مآل الحالات الذهانية عند النساء أفضل كثيرا مما هو الحال عليه عند الرجال.
أرجع مرة أخرى حول ابنك الذي لديه صعوبات أو تأخر في الكلام: أرجو أن تتاح له فرصة أكبر للتفاعل مع بقية الأطفال، حيث إن الطفل يتعلم من الطفل، وتطور الكلام مرتبط كثيرا بتفاعل الطفل مع الأطفال الآخرين الذين هم في عمره أو أكبر قليلا، ومن جانبكم قطعا سوف تساعدونه على النطق الصحيح، وهذا -إن شاء الله- كله ينتج عنه طلاقة في لسانه.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.