السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في البداية: -وهذا أعتبره واجبا علينا- أن أشكركم جزيل الشكر على موقعكم هذا، وعلى ما تقدمون من خلاله لخدمة المرضى، وأسأل الله أن يكون عملكم هذا في ميزان حسناتكم، وشكر خاص للدكتور محمد عبد العليم.
أنا شاب أبلغ من العمر 33 عاما، وصاحب استشارة سابقة في هذا الموقع المميز، وقام بالرد عليها مشكورا" الدكتور محمد عبد العليم جزاه الله خيرا وبلا شك من أني استفدت منها كثيرا" .
أنا اليوم وبعد عشر سنوات من المعاناة من الاكتئاب والقلق متقلب بين نعيم الاستقرار وجحيم الانتكاسة، ها قد استقرت حالتي بعد الانتكاسة الأخيرة بعد مراجعاتي الأسبوعية، وقرار الطبيب برفع جرعات الدواء على الشكل التالي:-
- سيروكسات 60 ملجرام صباحا.
- تربتزول 50 ملجرام مساء.
أنا الآن حالتي مستقرة نوعا ما بنسبة 80%، ولكني أشك أن هذا الاستقرار لن يدوم طويلا بسبب تشويش في التفكير، ومراقبة الذات، وكأن عقلي تبرمج على نوعية هذا التفكير، ومراقبة الذات حتى أني أشعر بصراعات في ذهني طوال الوقت.
غالبا ما أحاول أن أتجاهل هذا التفكير، وما يحدث في ذهني من أفكار ومراقبة الذات، والتفكير، ولكني أعجز عن ذلك حتى في بعض الأحيان ينتابني شعور بالقلق والفزع وتوتر شديد، وكأن أحدا ما يتحكم في عقلي وأفكاري.
أسئلتي: ما سبب وعلاج مراقبة الذات ومراقبة التفكير؟ هل هذا وسواس أم عرض من أعراض الاكتئاب والقلق؟ هل الاستمرار في مراقبة الذات والتفكير وما يسببه من صراعات داخلية يؤدي للجنون أو أي مرض ذهاني؟ هل العلاج الذي أستخدمه مناسب مع وضعي الحالي؟ علما من أني تحسنت عليه قليلا، وقد اختفت نوعا ما أعراض الاكتئاب، وتحسن نومي، ولكن بقيت معي مشكلة مراقبة الذات والتفكير، وأيضا القلق الشديد ينتابني بين الحين والآخر؟
سؤال: كيف لي أن أتخلص من هذه العلة التي أتعبتني وأفزعتني؟ وما هي توجيهاتكم ونصيحتكم لي ولمن يعاني مثلي؟
وأسأل الله لكم الخير والتوفيق والسداد.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سليمان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
أيها الفاضل الكريم: أشكر لك الثقة في إسلام ويب، وثقتك في شخصي الضعيف.
استشارتك واضحة وأسئلتك واضحة، وأنا أقول لك بصفة عامة أن التحسن الذي يصل إلى ثمانين بالمائة -حسب معايير الطب النفسي- يعتبر تحسنا جيدا جدا، وأي تحسن يتحصل عليه الإنسان يجب أن يكون محفزا للمزيد من التحسن.
أخي الكريم: لنجب عن أسئلتك - وهي أسئلة جيدة – أولا سبب مراقبة الذات ومراقبة التفكير: سبب مراقبة الذات هو خوفك من المستقبل، وحسرتك على الماضي، وعدم جديتك في استثمار الحاضر، لا أقول جديتك كإهمال منك، لا، لكن التشتت الشديد والذي أنساك أهمية الحاضر، وأن الحاضر هو مستقبل الماضي، إذا هذا هو الأهم، فيا أخي الكريم: العلاج ألا تخاف من المستقبل أبدا، ولا تتحسر على الماضي، وهذا هو المفترض والذي يحول فكر الإنسان ويجعله أكثر استقرارا.
ومراقبة التفكير – أخي الكريم – طابعها وسواسي، لكن نرجع ونقول أيضا أن الخوف من المستقبل هو الذي جعلك تراقب تفكيرك.
سؤالك: هل هذا وسواس أم عرض من أعراض الاكتئاب والقلق؟
هي خليط من هذا وذاك، وهي مخاوف قلقية ذات طابع وسواسي، أما الاكتئاب فهو ثانوي.
سؤالك الثالث: هل الاستمرار في مراقبة الذات والتفكير وما يسببه من صراعات داخلية يؤدي إلى الجنون؟ أبدا، الجنون هو الاختلال العقلي، وهذا لا علاقة له أبدا بعملية التفكير الاسترسالي ذي الطابع الوسواسي الذي تعاني منه.
بالنسبة لسؤالك حول العلاجات التي تتناولها: هي مناسبة جدا، وإن كان لي تحفظ بسيط حول الجرعات، فهي عالية نسبيا، إذا أردت أن تستعمل الزيروكسات كستين مليجرام يوميا – وهي الجرعة القصوى – فمن الأفضل أن تكون جرعة التربتزول ليست أكثر من خمسة وعشرين مليجراما يوميا، لكن قطعا القرار النهائي – أخي الكريم – هو لطبيبك، جزاه الله خيرا.
كيف تتخلص من هذه العلة؟
بأن تعيش الحاضر بقوة، وبأن يكون لك برامج حياتية، وأهداف واضحة، أهداف قصيرة المدى، أهداف متوسطة المدى، وأهداف بعيدة المدى، وأن تحسن إدارة وقتك، وأن تتواصل اجتماعيا، هذه هي الطرق أيها الأخ الفاضل الكريم.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأشكرك على التواصل مع إسلام ويب.