أتحاشى الاختلاط بالناس ويلازمني الحزن وتقلب المزاج.. بم تنصحونني؟

0 308

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ذهبت مؤخرا لطبيب نفسي عندما بدأت أشعر بحاجة ماسة لذلك، وتوفرت لي الظروف لذلك، وذلك لما أعانيه من عدم الرغبة في مجالسة الآخرين وتحاشيهم في أغلب الأحيان, وعندما أضطر لذلك تجدني مضطربا وقلقا ومتلعثما في الكلام، لا تسعفني التعابير في بعض الأحيان.

لا أشعر بالجبن أبدا، ولكنني لا أحب كثرة الكلام في المناسبات الاجتماعية، غير حريص عليها إذا كانت من جماعتي، وذلك لما أحمله من كره لهم بسبب مواقف صارت منهم ضد أهلي سابقا، حتى العزاء لا أشعر برغبة، وإذا هممت أشعر بضيق شديد، وقلق، وربكة فلا أذهب.

أما مع الناس الذين أحبهم فأذهب مع وجود القلق والتلعثم والعزلة إن كانوا من غير العائلة، يعني أناس لا ألتقيهم كثيرا.

علاقتي بزملائي بالعمل رسمية جدا إلا ما ندر من أشخاص أرتاح في التعامل معهم، فتجدني لا أشعر بتلك الأعراض التي تقلقني وتجدني أبتعد.

الشيء الآخر: تعرضت في صغري لتحرشات جنسية من جيران وغرباء، لا أحب الحديث كثيرا في هذا؛ لأنه يضايقني، المشكلة أنه بين الفينة والأخرى تسترجع ذاكرتي بعضا من تلك المواقف، فأشعر بالحزن والقهر.

الدكتور -جزاه الله خيرا-: بين أنه لا ذنب لي لما حدث معي من تحرشات، وأن سبب صغر سني، وضعف إنسانية تلك القلوب البشعة هي السبب..الخ.

وصف لي الدكتور في البداية: لسترال على جرعات محددة تدريجية، أيضا وصف لي 10 مليجرام اندرال حبتين صباحا وحبتين مساء, بدأت أشعر بتحسن، ولكن ليس ذاك التحسن الكبير، وبعد عدة شهور غير ( لسترال ) بـ (سيمبالتا ) أول 3 شهور كانت 60 مليجراما، وعندما لم أتحسن كثيرا ضاعفها لي 120مليجراما مرة في اليوم, مع الاستمرار على الاندرال.

ولكنني لا أشعر بالتحسن الكبير، فلا زلت أتحاشى الاختلاط بالناس، ولا أرغبه ولا أحبه في أغلب الوقت, والحزن في بعض الأوقات يكون غالبا علي، وتقلب المزاج والتحسس، بما تنصحونني؟

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أيها الفاضل الكريم: قد قمت بالإجراء الصحيح، وهو أنك قد ذهبت وقابلت الطبيب النفسي؛ لأنك شعرت بأنك في حاجة ماسة لذلك، وبالفعل أعراضك بينة وواضحة جدا، لديك نوع من الخوف الاجتماعي الظرفي، والقلق أو الرهاب الاجتماعي لا يعني أبدا أن الإنسان ضعيف في شخصيته أو جبان، لا، هو نوع من الخوف المكتسب، وذو سمات وصفات خاصة، وكما نقول دائما أن الإنسان يمكن أن يكون مروضا للأسود، لكنه يخاف من القطط.

أخي الكريم: الأدوية التي أعطيت لك أدوية ممتازة، اللسترال ممتاز، وكذلك السيمبالتا الذي تتناوله الآن، وبالجرعة المحترمة جدا، وهي مائة وعشرون مليجراما، يعتبر علاجا رائعا وفاعلا جدا، أعتقد أنك لم تصل إلى التحسن الذي تنشده؛ لأنك لم تقم بعملية مراجعات شاملة لأفكارك.

أخي الكريم: أنت لديك كره – كما ذكرت – لبعض الناس، وهذا قطعا يحتاج منك لمعالجات ولمراجعات ولإعادة صياغة لأفكارك؛ هذا من ناحية.

من ناحية أخرى: التعامل في العمل على النطاق الرسمي هو أمر جيد وانضباطي، لكن أيضا تحتاج لمراجعة حول منهجك هذا ونمطك في التعامل هذا، فالإنسان أيضا لا بد أن يقدر الجوانب الإنسانية، ويبني علاقات فيها شيء من الود واللطف مع الناس.

موضوع التحرش الجنسي أيضا أعتقد أنه لا زال راسخا في عقلك الباطني، وهذا ربما يكون أعاق شيئا من إزاحة وإزالة الأفكار السلبية التي أدت إلى عسرك المزاجي.

أخي الكريم: إذا أنت محتاج لإعادة صياغة أفكارك، أن تكون إيجابيا، أن تكون متسامحا، أن تكون من الكاظمين الغيظ، أن تعفو وتصفح: {فمن عفا وأصلح فأجره على الله} وأن تعرف فضل وعظمة حسن التعامل مع الناس، فخير الناس أنفعهم للناس، وفي ذات الوقت تحتاج لأنشطة مثل الأنشطة الرياضية، والإكثار من التواصل الاجتماعي، ولو انضممت لأحد الجمعيات ذات الطابع الاجتماعي أو الخيري أعتقد أن ذلك سوف يفيدك كثيرا، ممارسة الرياضة أيضا يجب أن تأخذ أمرها بجدية شديدة.

لديك نجاحات كثيرة في الحياة - أخي الكريم – لا بد أن تتفكر وتتأمل فيها، وهذا سوف يسبب لك دفعا نفسيا إيجابيا.

موضوع التحرش الجنسي قد انتهى تماما، وأنت لا ذنب لك به، وهذه صفحة يجب أن تطويها، إذا لا حسرة على الماضي، لا خوف من المستقبل، والحاضر -إن شاء الله تعالى- سيكون قويا ومفعما بالأمل والرجاء.

هذا هو الذي أنصحك به، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات