أفكر في الطلاق لتحكم والديّ ورغبتهما بالسيطرة على حياتي وزوجتي

0 291

السؤال

السلام عليكم

عندي مشكلة في حياتي اليومية نابعة من مفهوم البر بالوالدين، أنا متزوج منذ عام ونصف، وقد سبق لي وطلقت بعد أيام من زواجي، لأن طليقتي لم تتفاهم مع أهلي، والآن أعاني من ذات المشكلة، حيث أن أهلي يرون أنه من الواجب أن أرضخ وزوجتي لهما في كل الأمور، رغم أني غير مقتنع بما يطلبان، لأنها تساير العادات وليس بضرورة ديننا الإسلامي.

يريدون التحكم وأن نستشيرهم في كل شيء، ويريدون التحكم في زوجتي، خاصة أمي، ويطالبون بأن أحكم زوجتي بالمفهوم المغربي لكي تنصاع مثلي لهم، وهي تحترمهم لكنها تعبت من كثرة المشاكل، مع العلم أني بعيد عن أهلي، فأنا في بلد وهم في بلد آخر، فمثلا: والدتي توبخني إن لم أهاتفهم يوما واحدا، علما أنهم لم يهاتفوني منذ سنين، أيضا ألاحظ الرضى حين أرسل لهم قسطا من المال، ونفورا إن لم أفعل.

أنا حائر في التعامل معهم، وأفكر في تطليق زوجتي لكي لا تتحمل هذه المشاكل، لكن لنا ابنة.

ما العمل مع والدين لا يقبلان رأيا آخر؟ هل يجوز أن أرفع صوتي لكي يتفهموا؟ وحين أخبرتهم بأنني سأطلق لم يحركوا ساكنا، وزوجتي لم تعد تكلمهم لكثرة النقاشات الحادة بينهم، ففضلت الابتعاد لأنها مرضت في الأعصاب.

أفيدوني جزاكم الله خيرا، وبارك لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إحسان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -ابننا الفاضل- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونذكرك بأن العدل شريعة الكبير المتعال، ونسأل الله أن يوفقك ويصلح الأحوال، وأن يعينك وزوجتك على الصبر، وأن يحقق الآمال.

حق الوالدين عظيم، وليس من حقهما ظلم الزوجة، والشرع الذي يأمرك بإكرام الوالدين هو الشرع الذي يحذرك من ظلم الزوجة، ونتمنى أن توفق في أداء كافة الحقوق، واطلب من زوجتك المساعدة بالصبر والترفع عن الصغائر، وإظهار الاحترام لأهلك، وقم أنت بتقدير كل ذلك من زوجتك، ولا تقصر في حقوقها ولا في إكرام أهلها، وإذا وجدت الزوجة التقدير فإنها ستصبر وتحتمل الكثير، فلا تستعجل في طلاقها، ولا تقصر في إمداد والديك بالمال طالما كنت قادرا على ذلك، أما إذا كنت لا تملك المال فعليك بالكلام الطيب والقول الميسور، قال تعالى: {وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا}.

ومن المصلحة أن تتفادى زوجتك كل ما يمكن أن يجلب المشكلات، ونتمنى أن تبقي شعرة العلاقة، وأن تقدر كبر السن، وتتفهم نفسية الوالدة التي تشعر أن الزوجة جاءت لتنافسها في حب ولدها وفي جيبه، وقد أمرنا الشرع باحترام الكبير، فكيف إذا كانت الكبيرة هي أم الزوج، ومن أجل عين تكرم ألف عين، ونحب أن نؤكد أن القطيعة مؤلمة، كما أن الاندماج الكامل مجلبة للمشكلات، ولكن المطلوب هو إبقاء علاقة محدودة، والمؤمنة التي تخالط الناس وتصبر خير من التي لا تخالط ولا تصبر.

ووصيتنا لك بتقوى الله، ثم بالتمسك بزوجتك مع البر لوالديك، ولن تتضرر من غضبهما إذا كانوا ظالمين، وتجنب رفع الصوت عليهما، فإن ذلك من العقوق، ولا تحاول الدفاع عن زوجتك والثناء عليها عند مجادلتهما؛ لأن ذلك يزيد من المشاعر السالبة ويزيد من رفضهما لها، ولكن قل: سوف تلزم حدودها ولن أرضى إذا أغضبتكما. وعلى زوجتك أن تتفهم ذلك، وليس من مصلحتك ولا مصلحتها تصعيد الخصام، والسلامة لا يعدلها شيء، وقل لزوجتك سرا: اصبري عليهم وأبشري بكل إكرام وخير.

فالزوجة بحاجة لدعم معنوي، وعليك أن تشعرها بالحب والأمان لتوفر لك التقدير والاحترام، ولا تظن أن سكوت والديك على فكرة الطلاق سبب للاستعجال بهذا الحل، وتذكر أن بينكما طفل، وأنت أعرف بحقائق الأمور، وإذا قمت بما عليك تجاه والديك، ومع ذلك لم تنل رضاهما الظاهر، فعز نفسك بقول الله في ختام آيات البر: {ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا}.

وقد سعدنا بالاستشارة، وسوف نفرح بتواصلك، ونسأل الله أن يسددكم ونشرف بخدمتكم.

مواد ذات صلة

الاستشارات