يأتيني القلق عند اللقاء بالآخرين، مما أثّر على أموري الدينية والدنيوية، ما نصيحتكم؟

0 264

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكم الله خير الجزاء على ما تقدمونه للجمهور الكريم.

مشكلتي منذ الصغر، وهي عندما تكون عندنا مناسبة يأتيني قلق، وعندما يطلب مني أبي أن أصب القهوة للرجال يزداد، وتصير معي رعشة باليد وتعرق ودوخة.

لم أكن أعرف أن هذا مرض نفسي، حتى أني كنت أتحاشا الذهاب للمناسبات، خصوصا مناسبات الأقارب؛ حتى لا يلاحظوا ارتباكي وقلقي ورعشة يدي أثناء شرب الشاي أو القهوة، وما زالت معي هذه الأعراض، وأصبح يأتيني النعاس عند الذهاب لمناسبة زواج أو غيرها من المناسبات.

في عام 1427هـ توفي والدي، وبعده بسنة توفي شقيقي الأصغر، وفي عام 1432هـ توفي نسيبي -رحمهم الله-، وزادت المشكلة معي؛ فأثناء صلاة الجماعة تأتيني دوخة وتسارع بنبضات القلب وتعرق باليدين ورعشة في قدمي اليسرى، وأكاد أن أسقط أو يغمى علي، مع العلم أني لم أكن محافظا على صلاة الجماعة، فأغلب صلواتي في البيت إلا الجمعة فإنها في المسجد.

بعدها أصبحت هذه الأعراض تأتيني أثناء قيادة السيارة في الطرق السريعة والواسعة، وخصوصا في الليل عندما يكون الطريق مزدحما، إذ تأتيني الدوخة، وعندما أنظر بالمرآة إلى السيارات التي خلفي، وأجد العدد كثيرا ينتابني خوف والدوخة تزيد؛ مما يضطرني إلى أن أخفف السرعة، حتى تقل السيارات، وتكون سيارتي آخر سيارة.

الأعراض: دوخة ورعشة بالقدم، مع خدر وزغللة بالعين اليسرى، وتعرق اليدين.

أرجو منكم إعطائي العلاج الدوائي والسلوكي، مع العلم أني أمارس الرياضة منذ سنة، وخفت الأعراض بنسبة 30%.

لكم مني جزيل الشكر والدعاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو لانا حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

يظهر لي أن البناء النفسي لشخصيتك يحمل شيئا من القلق الذي ربما تتولد منه مخاوف، وهذا ليس مرضا -أيها الأخ الكريم-، هذه مجرد ظواهر وسمات يتصف بها بعض الناس.

الحمد لله تعالى، أنت حياتك طيبة، ولك إيجابيات عظيمة في حياتك، فلا تجعل هذه الهواجس -أي قلق المخاوف- تعطل حياتك أبدا. تحقير المخاوف والقلق وتجاهله، هو من المبادئ العلاجية الرئيسية.

أنا حقيقة لا أحاول أبدا أن أختزل الأمر أو أبسط لك الحالة، بالرغم من أنها حالة بالفعل بسيطة، لكن التوجه العام، هو أن الإنسان إذا شغل نفسه بهذه الأعراض، سوف تزداد عليه.

أخي الكريم، الأحداث الحياتية، مثل: وفاة الأقارب -الذين نسأل الله تعالى لهم الرحمة والمغفرة-، قطعا لها وقع عليك وعلى نفسك، ولكنك تؤمن بقضاء الله وقدره، ولا شك في ذلك، فاسأل الله -تعالى- لهم الرحمة والمغفرة.

قلق المخاوف الذي لديك من الدرجة البسيطة، والآن ظهر لك موضوع أعراض المخاوف التي تنتابك أثناء قيادة السيارة، وهنالك ربط كبير جدا بين الخوف في المواقف الاجتماعية وما يسمى برهاب الساحة -أي الخوف حين يكون الإنسان بعيدا من أمان البيت- وكذلك ركوب الطائرة أو قيادة السيارة، وجدت أن هنالك علاقة ما بين هذه المخاوف، إذا هي مرتبطة ببعضها البعض، ومبدأ العلاج هو التحقير والتعريض وعدم التجنب.

أخي الكريم، أنصحك بأن تحرص على صلاة الجماعة، هذا أمر حتمي، أمر عظيم، سوف يعالجك علاجا أبديا -بإذن الله تعالى-، وفي ذات الوقت يجب أن تصحح مفاهيمك، ما يحدث لك من تغيرات فسيولوجية كتسارع ضربات القلب أو الشعور بالرعشة أو التلعثم، هذه تجربة خاصة بك أنت ولا أحد يطلع عليها، وأنا أؤكد لك أنك لن تسقط، ولن تدوخ، ولن تفقد السيطرة في حضور الآخرين، هذا أمر مؤكد.

أريدك -أخي الكريم- أن تدعم ممارستك للرياضة بتطبيق تمارين الاسترخاء والتي أوردناها في الاستشارة رقم: (2136015).

قطعا سأكون سعيدا جدا إذا ذهبت وقابلت طبيبا نفسيا مرة أو مرتين، وقطعا سوف يدعم ما ذكرته لك، وفي ذات الوقت سوف يصف لك العلاج الدوائي، وأنت بالفعل محتاج لعلاج دوائي.

من أفضل الأدوية التي سوف تفيدك كثيرا عقار يعرف تجاريا باسم (زيروكسات Seroxat)، ويسمى علميا باسم (باروكستين Paroxetine)، فهو دواء رائع جدا لعلاج مثل حالتك. الجرعة هي أن تتناول (الباروكستين CR) أو ما يعرف بـ (زيروكسات CR)، ابدأ بـ 12.5 مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم اجعلها خمسة وعشرون مليجراما يوميا لمدة شهرين، ثم 12.5 مليجرام يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم 12.5 مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم 12.5 مليجرام مرة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

هذا الدواء رائع جدا، آثاره الجانبية قليلة، ربما يؤدي إلى تأخر في القذف المنوي عند الجماع، وربما يؤدي إلى زيادة بسيطة في الوزن لدى بعض الأشخاص.

يمكن أيضا أن تدعم عقار (زيروكسات) أو الدواء الذي يراه الطبيب بدواء آخر بسيط جدا يعرف تجاريا باسم (إندرال Inderal) ويعرف علميا باسم (بروبرانلول Propranlol)، تحتاج أن تتناوله بجرعة عشرة ميلجرام صباحا ومساء لمدة شهر، ثم عشرة مليجرام صباحا لمدة شهر آخر، ثم تتوقف عن تناوله.

(البروبرانلول) لا يسمح باستعماله بالنسبة للذين يعانون من الربو.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد، وأشكر لك الثقة في استشارات إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات