حياتي كلها نوم وأكل ونت، سئمت الحياة فهل من يد عونٍ تنقذني من هذا الجحيم؟

0 329

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

من يستطيع فهم رسالتي، والدخول إلى عالمي، ومحاولة فهم مشكلتي بشكل جيد، ومحاولة التدقيق فيما أكتبه، أتمنى منه الرد عليها بكل صراحة، وأريده أن يعطيني جوابا مقنعا، ومع أن رسالتي طويلة، لكني أعلم أنكم ستفتحون صدوركم لي، وترحبون بالسماع والنصيحة، فأشكركم جميعا.

في البداية: أطلب من الشخص الذي سيرد على رسالتي التحلي بالصبر، والقدرة على فهم شخصيتي، والقدرة على فهم ما في داخلي، وأريد أن تكون رسالتي هذه مفتوحة أمام جميع العالم؛ ليرى العالم ومن يمر بنفس حالتي، ويستفيد.

مشكلتي تبدأ منذ أن كنت في سن الـ 15، فمنذ ذلك الحين وأنا أعمل الكبائر كلها، لكني -والحمد لله- لم أزن، ولم أسرق، نعم كذبت، وخنت الصداقة، وتمردت على أهلي، وغضب علي أهلي، وكل شيء مكروه عملته، حتى إني شككت بوجود الله في الفترة الأخيرة -أستغفر الله العظيم-، والآن أصبح عمري 19 سنة، وما زلت على نفس هذا الحال، بل أسوأ.

أنام دائما، وحياتي ليس سوى نوم وأكل، و"فيس بوك"، وإنترنت، وأنا على هذا الحال منذ أن كنت في سن الـ 15، وإلى يومنا هذا، وأصبح وزني 75 كيلو بعد أن كان 55 كيلو، ولا أخرج من غرفتي إلا عند خروجي من الحمام، بمعنى آخر: أنا منعزل دوما، وكل الناس الذين أعرفهم تزوجوا وخطبوا، وأصبحوا رجالا إلا أنا، فما زلت أطالب أبي بالمصروف، وإذا شتموني أرد عليهم الشتيمة؛ حيث أنني افتقدت منهم الحنان كثيرا، وعشت معهم في جو تربوي صعب، كله عنف، وهذا الشيء ربما أثر علي قليلا.

أصحابي جميعهم تخلوا عني؛ لأنني فقير، ولا أملك المال، ولا أحب النفاق، مع أني كنت كريما جدا معهم، وأعطيهم كل شيء أملكه، ومصروفي الذي أقوم بأخذه من أبي.

حاولت تغيير نفسي، لكن بلا فائدة؛ فقررت أن أستسلم للموت؛ حيث إن جميع المصائب وجميع الأمراض أحاطت بي، وبدأت أشعر بقرب موتي.

في يوم من الأيام استيقظت من النوم، وكنت في داخل اللحاف الخاص بي، ووجدت ضربا قويا ينهال علي وعلى جسمي، وعندما رفعت اللحاف لأرى، لم أجد شيئا!

أصبحت أخاف أكثر من الأمور التي تحصل معي، وأهلي غير مهتمين بي؛ حيث إنهم يمنعونني من أبسط الأمور، وهي الصلاة.

أعشق بلدي فلسطين أيضا، لكنني أتمنى أن أهاجر منها؛ لأني أتمنى أن أعيش لوحدي.

أنا مؤمن جدا أن كل شيء قضاء وقدر، لكن الذي لا تعرفونه هو أني طوال عمري لم أرض بالقضاء أو القدر؛ وأحتاج ليد العون ولا أجدها؛ فلجأت لكم أنتم؛ فربما تكونون أملي الوحيد، لا أدري.

أشعر أن بداخلي شخصا آخر عدوانيا، وفي يوم من الأيام جلست على الكمبيوتر، فشعرت بشيء يضايقني، فقمت بخنق نفسي بشدة، حتى كدت أن أموت، وبعدها بمدة قمت بضرب رأسي بقوة من الأمام، وأصبحت نبضات قلبي سريعة، وأصبح رأسي يؤلمني من الخلف.

وذهبت للطبيب، فقال لي: لا تعد لذلك؛ لأنك ستفقد حياتك، لا أدري ماذا يحصل لي، أضرب نفسي دون سبب، حتى إني أكفر دون سبب، وأسب دون سبب، وإرادتي بالتغيير ضعيفة.

وفي النهاية أقول لكم: ما أعاني منه ليس مسا، أو وسواسا، أو جنيا؛ لأني ذهبت للمشايخ، وجميعهم قالوا لي: أنت بخير، فهل من يد عون تنقذني من الجحيم الذي يسكن قلبي ووجداني؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ sem حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نحن نرحب برسالتك تماما كما رحبنا برسائلك السابقة دون منة عليك، فهذا واجب تقدمه الشبكة الإسلامية، نسأل الله تعالى أن تكون هناك فائدة للجميع.

أخي الفاضل: أنت عبرت بما في وجدانك في رسائلك السابقة، وتقريبا المحتوى واحد بالنسبة لهذه الرسالة، والذي أقوله لك -أيها الفاضل الكريم- أحسن من يفهم نفسه هو الإنسان ذاته، وفهم الآخرين قد يفيد وقد لا يفيد، وأنت من الواضح أنك مدرك تماما لذاتك، وأنت مستبصر، وتفرق بين الخطأ والصواب والحق والباطل والخير والشر، وهذه مقاييس ومعايير حتمية في حياة الناس، وعلى ضوئها يستطيع الإنسان أن يقود نفسه وأن يوجه حياته.

أنا شخصيا أؤمن كثيرا بأن الإنسان له أن يختار ما يختار، والله تعالى قد هدى الإنسان الطريقين {وهديناه النجدين} وما دام هناك عقل وتحكم فيه فالإنسان يجب أن يسير على الطريق الذي يراه صوابا بالنسبة له، وقطعا الجبلية والفطرية والغريزة التي لدى الإنسان تقوده نحو الخير، لكن قطعا الشر أيضا أبوابه مفتوحة والشيطان والهوى والدنيا لهم دور في إغواء الإنسان.

فيا أخي الكريم: أنت محتاج حقيقة لأن تؤمن أولا أنك أنت الذي تستطيع أن تغير نفسك، والإنسان إذا أدرك مشكلته ونواقص شخصيته وإخفقاته الاجتماعية، واضطراباته الوجدانية، هنا يعتبر هذا نصف حل لمشكلته، وحين يدرك الإنسان خمسين بالمائة من الحل أعتقد أن ذلك إنجاز كبير جدا.

كل الذي تحتاجه هو أن تستفيد من إمكانياتك الموجودة، إمكانياتك الفكرية والمعرفية، وأن تخطط لحياة طيبة، حياة تقوم على الأمل والرجاء، لا حسرة على الماضي، كل ما عشته من جنوح قد يمر به البعض، وفي نهاية الأمر يستفاد منه كخبرة ومهارة حتى وإن كانت سلبية يمكن أن تدعم الحاضر إذا استفاد الإنسان من تلك الخبرة.

فلا تتحسر على الماضي، ولا تخف من المستقبل، والماضي هو مستقبل الحاضر، والمستقبل هو ماضي الحاضر، فاسع أن تستفيد من حاضرك، وعملية الاستسلام لمثل هذه الأفكار في الموت: الموت قادم، ولا شك في ذلك، والإنسان يجب أن يعيش حياته بقوة، ويترك قضية الموت ويتعامل معها في النطاق الشرعي، ويعمل لما بعد الموت، يجب ألا يعيش الإنسان صراعا مع نفسه حول قضية الموت.

هنالك أمور بسيطة جدا لو اتبعتها أعتقد أنك سوف تستفيد:

• اجعل لحياتك خطة وأهدافا آنية ومستقبلية، بعيدة الأمد ومتوسطة الأمد.

• اسع في بر والديك، وصل رحمك، هذا مفيد ومفيد جدا.

• أحسن إدارة وقتك.

• الشكوك والظنانيات والوسوسة حقرها ولا تلتفت إليها أبدا.

• احرص على عباداتك والرفقة الطيبة الصالحة.

• أكثر من التواصل الاجتماعي، وانفع نفسك بما هو مفيد لك ولغيرك.

• اكتسب مهارات وتعلم شيئا جديدا في حياتك.

أعتقد أن هذه الثوابت وهذه الأسس سوف تفيدك كثيرا.

أسأل الله لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات