تراودني أفكار غريبة وقديمة أثرت على دراستي، أفيدوني

0 301

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالبة جامعية، كنت أعاني من أفكار غريبة وقديمة منذ فترة طفولتي، أتذكرها وأنا في الثانوية العامة، فقد كنت أفقد تركيزي أثناء الاختبارات، وكنت أتكلم وأضحك مع نفسي، لدرجة أنني رسبت في مادة الكيمياء على الرغم من أنني كنت طالبة متفوقة, ترددت على العديد من أطباء الأمراض النفسية والعصبية، كنت أشعر بالتحسن مع الدواء, ولكن وأيام امتحانات الكلية كانت حالتي تزداد سوءا، حتى أنني رسبت في مادتين، وذهبت لدكتور مخ وأعصاب, أعطاني دواء كلوزابكس 100 مللجم، ولوستيرال 50 مللجم, وأكينتون, وشخص حالتي بأنها ليست مرض نفسي، بل نقص في كيماويات المخ تعوضه الأدوية, حيث كان أهلي ينصحونني بترك الأدوية النفسية، وكنت كلما تركت الدواء ساءت حالتي.

بعد فترة تحسنت حالتي كثيرا، وبدأت أنجح دراسيا وحصلت على تقدير جيد جدا في البكالوريوس, وأكملت الدراسات العليا، وحصلت على الدبلوم مرتين, ومنذ شهر ناقشت الماجستير وحصلت عليه بتقدير ممتاز.

المشكلة قائمة في حالتين, قبل الدورة الشهرية أعود للكلام مع نفسي، وتأتيني أفكار دائما تختص بالمرحلة الثانوية العامة والتي كانت بداية المرض, ويأتيني هاجسا بأن شيئا ما حدث في تلك الفترة أدى لمرضي، وكلما ناقشت تلك الفكرة ورفضتها، أسأل نفسي ما الذي أدى بي لهذا المرض؟ فأتذكر خلافات ومشاجرات قديمة حدثت في تلك الفترة، ولا أدري مدى صحة تلك الأفكار، ربما حدثت وربما لم تحدث, ولكنني أتفاعل معها، وأكلم نفسي وأضحك.

أشعر بشيء من التيه وعدم التركيز في المواقف الاجتماعية، أو عند القيام بأي عمل، كذلك أعاني من أحلام اليقظة المفرطة, مع علمي بأن أحلام اليقظة شيء طبيعي في مرحلة المراهقة، ولكنني تجاوزت تلك المرحلة، وأعاني من القلق والخوف من المستقبل، وأشعر بأنني لن أستطيع العيش في الحياة بشكل طبيعي، وأشعر بأنني لن أستطيع الزواج والإنجاب والعمل، ما زلت أعاني من كل هذه الأعراض رغم استمراري على الأدوية، فماذا أفعل؟

أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ دعاء حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

أعراضك بالفعل قد بدأت مبكرا، وهي أعراض قلقية في المقام الأول، ومعها شيء من أحلام اليقظة المرتبطة بالقلق، وهنالك أيضا شيء من الوساوس وقليل من المخاوف، وهذه الظواهر -أيتها الفاضلة الكريمة- قد تكون عادية جدا في فترة اليفاعة، لكنها قد تستمر مع البعض كما حدث في حالتك هذه.

أنا لا أريدك أن تضخمي ولا تجسمي الأمور، وما ذكره لك الأخ الطبيب في أنه هناك نقص في كيمياء المخ، هذا موضوع حقيقة ليس بهذه الطريقة، مع احترامي الشديد لرأي الطبيب، هنالك عدة نظريات حاول العلماء من خلالها تفسير الأعراض النفسية، وتحدث العلماء عن الأسباب المهيأة والأسباب المرسبة، وجدوا أن بعض الناس لديهم أصلا القابلية للقلق والتوتر والمخاوف والوسوسة، وذلك نسبة للبناء النفسي لشخصياتهم أو تكويناتهم الجينية، هذه يسمونها بالعوامل المهيأة، ثم تأتي بعد ذلك العوامل المرسبة: الضغوط الحياتية من هنا وهناك، ونسبة لوجود هشاشة نفسية في الأصل، فهذا يؤدي إلى ظهور الأعراض.

من النظريات التي طرحت كثيرا: أنه ربما يوجد نوع من الاضطراب، أو عدم الإفراز النشط لبعض المركبات الكيميائية في الدماغ، وتسمى بالموصلات العصبية، فلا يمكن قياس هذا النقص في أثناء الحياة، الكلام هو كلام افتراضي، الذين كانوا يعانون من أمراض نفسية معينة بعد الموت أخذت أجزاء من أدمغتهم وفحصت، واتضح بالفعل أن لديهم شيء من الاضطراب، أو عدم الانتظام، أو ضعف الإفراز في هذه المواد الكيميائية، وهذا لم يشمل جميع العينة، أي ليس كل الناس يعانون من هذا الاضطراب.

هذا الكلام الذي ذكره لك الطبيب، لا أقول أنه كلام خطأ، ولكنه ليس بهذا التجسيم، فخذي الأمور بصورة طبيعية جدا، ضعي لنفسك آمالا في الحياة، قودي حياتك من خلال حسن إدارة وقتك، أنت الحمد لله تعالى الآن حاصلة على ماجستير في التربية، لديك مؤهل علمي ممتاز، لديك مهارات، لديك إمكانات، فلماذا هذا الفكر السوداوي حول المستقبل والزواج والإنجاب، لا، أنت بخير، لكنك فرضت على نفسك الفكر السلبي، نعم هو الذي اقتحم كيانك الوجداني، لكنك لم تجتهدي في طرده، حقري هذا الفكر، واجعلي لحياتك أهدافا وآمالا، أهدافا آنية، أهدافا بعيدة المدى، أهدافا متوسطة المدى، وضعي الخطط والآليات التي توصلك إلى ذلك.

دائما نحث الناس على حسن إدارة الوقت، لأن حسن إدارة الوقت تعني حسن إدارة الحياة: النوم المبكر، الاستيقاظ لصلاة الفجر، التواصل الاجتماعي، بر الوالدين، المشاركات الإيجابية داخل المنزل، هذا كله علاج، وعلاج مهم جدا، يحسن التركيز، يحسن المزاج، يجعلك تحسين أنك فعلا في حالة من التعافي.

سيري على هذا الطريق -أيتها الفاضلة الكريمة-، ولا بأس قطعا أن تتناولي أحد محسنات المزاج، ومزيلات الوساوس والمخاوف مثل: عقار يعرف تجاريا باسم (زولفت Zoloft)، أو يعرف تجاريا أيضا باسم (لسترال Lustral)، ويسمى علميا باسم (سيرترالين Sertraline) مثلا.

أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، وأشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات