السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة أبلغ من العمر (23) سنة، طالبة في كلية العلوم الاقتصادية.
أعاني من مخاوف عديدة تقلق راحتي، وتجعلني أشعر بالضعف وعدم القدرة على مواجهة الحياة، وشخصيتي تتأثر بما يحدث للناس من حولي, أشارك الناس أحزانهم، فأبكي لبكائهم، وأحاول مساعدتهم، لكنني أبقى في قلق داخلي من أن يحدث لي نفس الشيء الذي حصل لهم.
لم أعد أحتمل سماع مشاكل الناس، من حوادث وأمراض وغيرها، وذلك حتى لا أشغل تفكيري بها، وحتى لا أعيش مع وساوسي ومخاوفي من وقعوها.
لا أعرف سبب هذه من الصفات السلبية, فأنا حساسة، دقيقة، أضخم الأمور, ثقتي بنفسي ضعيفة, دائمة التأنيب لذاتي، وأعاني من بعض الوساوس، وأغلبها ناتجة بسبب حوادث الآخرين، مثال: أصبحت أخاف من السفر، أو من سفر أفراد أسرتي؛ لما أسمعه عن حوادث السير، علما بأن السفر سابقا كان من الأمور التي تبعث الفرح والسرور في نفسي، كل الصفات السلبية والمخاوف، دخلت حياتي في الثلاث سنوات الماضية، حتى سلبتني راحة البال، أصبحت أقلق وأخاف لدرجة التشاؤم.
أشعر بأنني أحمل الكثير من الصفات الإيجابية التي من الممكن أن تساعدني في التفوق في ديني ودنياي، لكن أفكار القلق والمخاوف تمنعني، لا أعلم كيف أتحكم في أفكاري، وأتساءل دائما لماذا أميل للحزن؟
أشكركم وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ربيعة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نشكرك على التواصل مع إسلام ويب، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.
لا شك أن الناس تختلف في مزاجها وفي درجة أحاسيسها ومشاعرها حول الآخرين، أنت إنسانة أستطيع أن أقول لك: إن قلبك فيه الكثير من الرحمة، والرحمة أفضل من القسوة، ولا شك في ذلك، من المهم جدا ألا تجلدي ذاتك ولا تحاسبينها كثيرا، هذه أمور عادية جدا في الحياة، وتذكري ما هو إيجابي في حياتك، وسوف تجدين أن حياتك فيها أشياء طيبة، وجميلة، وكثيرة جدا.
أيتها الفاضلة الكريمة: كل الذي تحتاجينه هو التعبير عن مشاعرك؛ لأن التفريغ النفسي الذي يكون من خلال التعبير الجيد عن الذات، يعطي الإنسان متنفسا عظيما جدا، لأن النفس لها محابس، ومحابسها حين تفتح وتفرغ ما في النفس، هذا قطعا يجعل الإنسان في حالة من الارتياح، فكوني معبرة عما بداخلك.
ولا بد أن تجري مقارنات بين ما هو جميل وطيب، وبين ما هو قبيح، وبين ما هو قاسي، وبين ما فيه الكثير من الرحمة والليونة (ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع الرفق من شيء إلا شانه)، والحياة عبارة عن تشكيلة من هذا ومن ذاك، وتنظري للأمور بواقعية، والأشياء التي تدور من حولك يجب أن تقبليها: مشاعر الناس، اختلاف مشاربهم وأفكارهم، طريقة تعاملهم، هذه هي الحياة، ويجب أن تقبل على هذا النمط.
أيتها الفاضلة الكريمة: أيضا أن تكوني وسط مجموعة من الصديقات والمتميزات من الفتيات، من صاحبات الدين والخلق الرفيع؛ وهنا سوف تحسين أن ذاتك ونفسك بدأت تتطور، لأن الإنسان يحتاج لأن يستفيد ممن هم حوله، والإنسان بطبعه حين يجد القدوة المتميزة يأخذ منها الكثير والكثير جدا.
وأريدك أيضا أن تنضمي لأي عمل خيري أو اجتماعي، هذا فيه متنفس كبير لك، وأنا متأكد أن العمل التطوعي سوف يفيدك كثيرا، أحاسيسك الطيبة والتي يؤرقها ما يقع على الآخرين من سوء متنفسها في العمل الخيري والعمل التطوعي، وهذا قد جرب كثيرا.
لا بد أن يكون لك وجود داخل أسرتك، ومشاركات إيجابية هنا وهناك، والحرص على بر الوالدين، ونظمي وقتك، وأعطي لكل شيء حقه، والنوم المبكر سوف يفيدك كثيرا.
ارسمي خارطة طريق لنفسك: ما الذي تودين تحقيقه مثلا بعد شهر؟ ما الذي تودين تحقيقه بعد ستة أشهر؟ ما هي خططك في الحياة على المدى البعيد؟ ضعي هذه الخطط والخرائط الذهنية، واسعي لتطبيقها من خلال أدواتك الشخصية، وأنا متأكد أن لديك مقدرة كبيرة على تجاوز هذه الأفكار السلبية البسيطة التي تنتابك.
وأود أن أنبهك أن الرياضة مهمة جدا في حياتك، لأن الرياضة تقوي الأجسام، وكذلك تقوي النفوس، وتجعل المشاعر متوازنة، هذا أمر جيد ومفيد، فأرجو أن تواصلي على الرياضة.
ميلك للحزن – أيتها الفاضلة الكريمة – ناتج من حساسيتك الشخصية، وأنك قد أغلقت على نفسك إغلاقا شديدا من خلال الحساسية المفرطة، وعدم التعبير عن الذات، والمخاوف، وهذه كله ستزول من خلال ما ذكرته لك من إرشادات سلوكية، فاسعي لتطبيقها.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد