تعلقي بمدرستي وحبي الشديد لها ولرؤيتها هل يعد طبيعيا أم لا؟

0 253

السؤال

السلام عليكم..

أنا امرأة متزوجة، عمري 30 سنة، لدي خمسة أطفال، وأحبهم كثيرا، وعلاقتي بزوجي جيدة جدا، وأنا أحبه جدا.

أنا امرأة ملتزمة، بدأت بأخذ دروس الدين في المسجد القريب من المنزل، وتعلقت بالدين أكثر، ولكني كذلك تعلقت بالمدرسة التي تعطي دروس الدين، وهي جارتي، ونحن صديقات الآن، ولكني عندما أراها اشعر بسعادة عارمة لا توصف، وأحزن إذا لم أرها أو أتحدث إليها، وكأن شيئا مهما قد انهار، أحب أن أستمع لها وأكلمها، وأسعد عندما تبتسم لي أو تنظر إلي، فما هذا الشعور الغريب؟

أنا لا أعلم ما هذا الإحساس؟ ولكني أريد أن أعرف هل هذا أمر طبيعي أم لا؟ وما هو الحل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ناديا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أختي الحبيبة:

بداية أشكرك على طلبك للاستشارة، وهذا يدل على حرصك على تطوير ذاتك، فالاستشارة حضارة، وأحيي فيك التزامك واستمتاعك بمجالس الذكر، والتي هي ملاذ لمن يطلب العلم الشرعي والصحبة الصالحة.

والأخوة في الله تنمو وتترعرع في ظل هذه المجالس المباركة، وإعجابك بهذه الأخت في الله بدأ في موطن من مواطن الخير وكحب في الله، أعجبت بها لدينها وتقواها -نحسبها كذلك ولا نزكي على الله أحدا-، والمحبة في الله من أفضل الأعمال، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ( إن الله يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي)، والمحبة الموافقة للفطرة السليمة لا يكون بها تعلق، ومن شروطها الحب في الله والبغض في الله، ودائما ما تبدأ أي علاقة بين اثنين بالإعجاب، ثم التعلق، ثم العشق، لتتحول هذه العلاقة فيما بعد لعلاقة مذمومة تتعارض مع شروط الحب في الله.

وقد قال ابن القيم -رحمه الله-: "العشق هو الإفـراط في المحبة، بحيث يستولي المعشوق على قلب العاشق، حتى لا يخلو من تخيله وذكره والفكر فيه، بحيث لا يغيب عــن خـاطـره وذهنه، فعند ذلك تشتغل النفس بالخواطر النفسانية فتتعطل تلك القوى، فيحدث بتعطيلها من الآفات على البدن والروح ما يعـز دواؤه ويتعذر، فتتغير أفعاله وصفاته ومقاصده، ويختل جميع ذلك فتعجـز البشر عن صلاحه".

والعشق بدايته سهلة حلوة، وأوسطه هم وشغل للقلب وسقم، وآخره عطب وقتل.

وفي رسالتك يتضح لي أنك أعجبت بها لدينها، ثم تحول هذا الإعجاب لتعلق، ولكن احذري أن يتطور أكثر، وقد اتضح ذلك في نص رسالتك: (ولكني عندما أراها أشعر بسعادة عارمة لا توصف، وأحزن إذا لم أرها أو أتحدث إليها، وكأن شيئا مهما قد انهار، أحب أن أستمع لها وأكلمها، وأسعد عندما تبتسم لي أو تنظر إلي)، وهذا يدل على التعلق، فإذا استمرت هذه المشاعر قد تتحول إلى تعلق مرضي، وهذا مدخل من مداخل الشيطان يزينه لك باسم الدين والأخوة.

ولكني واثقة من قدرتك على التغيير للأفضل، وطلبك للاستشارة هو أول خطوات الحل، ثم أتمنى منك أن تشغلي نفسك بكل ما هو نافع ومفيد، مارسي هواياتك، ركزي على حفظ القرآن ودراسته، اجعلي لك أهدافا سنوية وأخرى شهرية تسعين لتحقيقها، ركزي على تقوية علاقتك بزوجك وأبنائك، ووجهي عاطفتك تجاههم، فمشاعرك تحتاج إلى توجيه سليم للتعبير عنها في المكان الصحيح وللأشخاص المناسبين؛ حتى لا يتولد لديك تعلق مرضي من خلال بذل مشاعرك باتجاهات خاطئة، كذلك حاولي أن تفرغي مشاعرك هذه في حب زوجك وأسرتك، كما أنصحك بتقليل اللقاء بينكما إلى حين تتغلبين على هذه المشاعر نهائيا، ثم استثمري في علاقتك معها فيما يعود عليكما بالنفع والفائدة في الدنيا والآخرة.

والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات