السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا طالبة في السنة التحضيرية عمري 19 سنة، أقترف ذنوبا كثيرة منذ سنين: أسمع الأغاني منذ خمس سنوات دون علم أهلي، وأشاهد مقاطع إباحية، وبعض المعاصي مثل الكذب، وعقوق الوالدين كالتقصير في حقهما، ولا أصلي بانتظام، ولا أقرأ القرآن، وأشاهد المسلسلات، وأغتاب الناس كثيرا.
أخاف أن ينكشف أمري أمام أهلي، ولكنني أسأل نفسي: لماذا أخاف من الناس ولا أخاف من الله؟ أريد أن أكره ما أفعله من معاصي، خاصة أنني أشعر بالخوف والذعر بما سيحصل في السعودية من أحداث، فكلما أتابع الأحداث الحالية عبر التويتر، أتخيل تلك الأحداث وأنها ستحدث في بلادنا، فصرت أخاف من أي صراخ أو صوت عال في البيت، وأتخيل أشياء مرعبة، وأصبحت أخاف من الموت.
أريد أن أتغير تغيرا جذريا وأصبح صالحة، عابدة أخاف الله، وأتمنى أن يغفر الله كل ذنوبي، وأن أموت على خاتمة حسنة، فكيف السبيل لذلك؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سحر حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله -جل جلاله- بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يوفقك لكل خير، وأن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يحفظ بلادك وبلاد المسلمين جميعا، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك -ابنتي الكريمة الفاضلة- فأحب أن أبين لك أن هذه المعاصي التي ذكرتيها في رسالتك، كلها تدل على أنك لست جادة في التوبة، رغم أنك شخصية قوية، ورغم أنك تحسنين ترتيب الكلام وتنظيم العبارات، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على أنك على قدر من الذكاء العالي، ولكن المشكلة أنك لم تأخذي قرارا جادا في ترك المعاصي، وبالتالي فأنت تعيشين هذا التوتر والخوف، وهذا الرعب، وهذه المشاكل النفسية التي ذكرت بعضا منها في رسالتك.
حل هذا كله بيدك -ابنتي سحر-، فقرار واحد منك بترك هذه الحياة السلبية كلها، سيغير كل شيء، علاقتك مع الله تعالى تحتاج إلى قرار صادق منك، وعلاقتك مع والديك تحتاج إلى قرار صادق منك أيضا، فأنت الآن ترين أن الوضع غير طبيعي، وأنك غير مستريحة للعلاقة بينك وبين والديك، وإن لم تكوني عاقة بمعنى الكلمة، كذلك أيضا المواقع الإباحية، وترك الصلاة، هذه الأمور كلها تدل على أنك رغم ذكائك، إلا أن الشيطان استعملك وضحك عليك، وأصبحت جندية متميزة من جنوده، لا تفعلين خيرا، ويمر عليك فترة طويلة لا تصلين، رغم أنك مسلمة، وتحبين الله ورسوله، وهذا بين واضح من كلامك.
لذا أحب أن أقول لك: إن علاجك -يا بنيتي- في يدك، أتمنى أن تقفي مع نفسك وقفة وتسأليها هذا السؤال: (إلى متى يا نفسي هذه المعاصي وهذه الأخطاء، إلى متى، هل يا نفسي تضمنين أن تعيشين إلى غد حتى تتوبين إلى الله، يا نفسي أنا ليس لي إلا أنت، وليس لك إلا أنا، فإذا لم تحبيني، وتعينني على أن أكون صالحة وناجحة، وموفقة وسعيدة، ومتفهمة مع أسرتي فأنا لا أريدك).
إذا عليك -بارك الله فيك- أن توجهي رسائل إلى نفسك، وتقولي لها: (أنا من الآن ليس لدي استعداد أن أفعل ما يغضب الله، ولا ما يعكر العلاقة بيني وبين والدي، يا رب أنا تائبة إليك، يا رب أنا راجعة إليك، فهل تقبلني يا رب) قطعا مولانا -سبحانه وتعالى- إذا سمعت كلامه لقال لك: (مرحبا بك، أنا أفرح بتوبتك، ورجوعك إلي فرحا عظيما).
فإذا خذي هذا القرار -يا بنيتي- بأن تتوبي إلى الله تعالى، وتتوقفي عن هذه المعاصي، وأن تبدئي أول الأمر بالصلاة على وقتها، مع أول الأذان ولا تؤخريها، ولا تقولي: (سوف أصلي بعد ساعة أو أكثر)، حتى وإن كان الوقت أمامك طويلا، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبرنا أن: (أحب الأعمال إلى الله الصلاة على وقتها)، وفي رواية (الصلاة في أول وقتها)، ثم بعد ذلك انظري في علاقتك مع والديك، وابحثي عن الأسباب التي تزيل هذا التوتر وتجعلك محبوبة ومقبولة منهم، وتجعلك قادرة أيضا على أن تستجيبي لرغباتهم، وتكونين بهم ولهم.
وفيما يتعلق بقضية بلدك: الأمر -الحمد لله تعالى- مطمئن، وهذه الأشياء التي تطلعين عليها ليست هي الحقيقة في الغالب، وفي كل الأحوال، ولكن تحتاج بلدك إلى دعاء منك، ومن الصالحين أن يحفظها الله -تبارك وتعالى- ويوفقها، وأنت تعلمين أن دعاء المؤمن مستجاب، خاصة وأنت الآن مسافرة ومسلمة، وقطعا دعائك أعظم، ببيان النبي -صلى الله عليه وسلم-، واعلمي أن الله لن يقبل دعائك إذا كنت عاصية بهذه الصورة التي أشرت إليها، لأن الله قال: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان}، بشرط {فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي}، وقال: {إنما يتقبل الله من المتقين}، وقطعا أنت -يا بنيتي- لست من المتقين، وأنت تعرفين ماذا تفعلين.
خذي قرارا بترك المعاصي، وحاولي أن تجتهدي في قراءة القرآن بصورة منتظمة، وحافظي على أذكار الصباح والمساء، وابحثي عن صحبة صالحة تعينك على طاعة الله، واطلبي من والديك الدعاء لك، وأوصيك بالصلاة، وأبشري بفرج من الله قريب، هذا وبالله التوفيق.