السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة عمري 17 سنة، أعاني من حالة نفسية سيئة، فأنا أعيش بين عائلة متفهمة ومتعاونة لأبعد الحدود، ولكنني لا أستطيع التوقف عن الاختلاء بنفسي؛ لممارسة العادة السرية.
تعودت على ممارستها منذ كنت في التاسعة من عمري، وربما أصغر من ذلك، أشعر بالذنب والانكسار، خوفي يزداد كل دقيقة، وإحساسي يزيد بأن خاتمتي ستكون عليها.
اتبعت أساليب كثيرة للتوقف عنها، ولكنني أعود لها، حاولت التقرب لله فحافظت على قيام الليل والدعاء، وحفظت القرآن كاملا -ولله الحمد-؛ لكي يأخذ وقتي عن تلك العادة، لكنني ما زلت أمارسها، فكيف السبيل للتخلص منها؟
أفيدوني، جزاكم الله خيرا على مجهودكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شهد حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
يسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله -جل جلاله- بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يجعلك من الصالحات القانتات.
وبخصوص ما ورد برسالتك -ابنتي الكريمة الفاضلة-: فإنه مما لا شك فيه أن خوفك في محله، وهذا ليس ببعيد فعلا على الله تعالى أن تكون خاتمتك على هذه المعصية؛ لأن الإنسان لا يضمن متى تأتيه المنية، كما قال الله -تبارك وتعالى-: {وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت}.
والإنسان عادة يموت على الشيء الذي يحبه ويألفه، ولذلك نجد أن كثيرا من الناس يحبون الطاعة والعبادة ويموتون عليها، وكذلك أهل المعاصي يموتون على المعاصي التي يألفونها، وأنا لا أستبعد فعلا أن يتوفاك الله -تبارك وتعالى- على هذا الذنب، وأن يختم لك بسوء خاتمة ما دمت بهذا الضعف، وما دمت بهذا السوء، رغم أن الله من عليك بنعمة عظيمة، وهي حفظ كتابه -جل وعلا-، وكذلك قيام الليل، وهذه الأعمال الرائعة، إلا أنك ما زلت مصرة على معصيته، والوقوع فيما لا يرضيه.
أقول لك -يا بنيتي-: إن الحل يكمن أولا: في قرار صادق جاد من داخل قلبك، بأن تتوقفي عن هذه المعاصي، حياء من الله -تبارك وتعالى-، لا بد من هذا القرار أولا؛ لأن أي معصية إذا لم يتب منها صاحبها بأخذ قرار جاد وصادق بالتوقف عنها، لا يمكن أن يتوقف عنها، ولقد ذكر أهل العلم من خلال تجارب الناس أن التوبة الرخوة، التي ليست جادة ولا صادقة لا تنفع صاحبها، لأنه كالذي ينقض غزله من بعد قوة أنكاثا، يتوب بظاهر كلامه، ولكن قلبه لم يقر بترك المعصية.
ولذلك، أول شيء لا بد أن تكوني صادقة في أخذ القرار بالتوقف مهما كانت النتائج، ما الذي سيحدث -ابنتي شهد- لو تركت العادة السرية؟ هل ستموتين؟ أسألك هذا السؤال وجاوبي عليه: هل ستموتين إذا تركتيها؟ قطعا لن تموتي أصلا، بل على العكس قد تتحسنين، إذا ما الذي يمنعك من أخذ القرار بالتوقف عنها، ما أسوأ شيء تتوقعينه إذا تركت هذه العادة السرية؟ الجواب: ولا شيء، على العكس بل إنك ستتحسنين جدا، ستشعرين براحة نفسية رائعة، وتشعرين بسعادة غامرة بأن الله قد نصرك على شيطانك، وعلى نفسك الأمارة بالسوء.
إذا لا بد من هذا أول شيء، ولا تبحثي بعيدا عن هذا، ثم بعد ذلك عليك -بارك الله فيك-، وجزاك الله خيرا -يا بنيتي- بإغلاق المنافذ التي يدخل عليك الشيطان منها، فأنت تعرفين نقاط الضعف التي بها تقعين في المعصية، فحاولي أن تتخلصي منها، كالخلوة، حاولي ألا تختلي بنفسك، وحاولي أن تجتهدي قدر الاستطاعة بأن تبتعدي عن هذه العوامل التي تؤدي إلى إضعافك وإلى وقوعك في المعصية، لا تغلقي الباب عليك، إذا دخلت دورة المياه فعجلي بالخروج منها مسرعة بعد قضاء الحاجة، ولا تجلسي دقيقة واحدة، اتركي باب الغرفة مفتوحا دائما، ولا تغلقينه مطلقا، حتى وأنت نائمة، ما دام لا يخشى عليك أن يعتدى عليك وأنت في مكان آمن، وبين أهلك وإخوانك ووالديك، إذا هذا لا بد منه.
بعد ذلك عليك بالمحافظة أيضا على ما تقومين به من عبادة وطاعة، لما لهما من دور كبير في الإقلال من هذه المعصية، رغم أنك تفعلينها، ولكن بنسبة أقل، وتكون أكثر لو تركت هذه الأعمال، وعليك بالمحافظة على أذكار الصباح والمساء بانتظام، ولا تتركيها، وكذلك المحافظة على أذكار النوم قبل أن تنامي، لا بد أن تنامي على طهارة وأن تظلي في ذكر الله تعالى حتى تغيبي عن الوعي.
وعليك بالدخول إلى الاستشارات التي وردت في هذا الموقع؛ لمعرفة آلية التخلص من هذه العادة السرية بطريقة أوسع، وأخيرا: عليك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يعافيك من هذا الأمر، فإن الدعاء كما تعلمين سلاح المؤمن، والله -تبارك وتعالى- أمرنا بالدعاء ووعدنا بالإجابة، فألحي على الله -تبارك وتعالى- بالدعاء أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يعينك على التخلص من هذه العادة، بل واطلبي من والديك ومحبينك أيضا بالدعاء لك، وأن يصلحك وأن يثبتك على الحق ولو بصورة مبهمة، وأبشري بفرج من الله قريب.
هذا وبالله التوفيق.