رفضت الخاطب لعدم تقبل شكله

0 699

السؤال

سيدي الشيخ! سأحكي لك كل قصتي، وما أريده منك هو أن تنصحني ليس من موقع العالم فقط، بل كأب يرشد ابنته!

سيدي! أنا فتاة متدينة في بيئة بعيدة جدا عن الدين، التقيت منذ سنة بشاب متدين جدا، وأحبني أكثر مما يتصور أي إنسان، كنت حلمه، كان يدعو الله أن يختار له الزوجة الصالحة، وكان يراني كأن الله أرسلني له واستجاب دعاءه، كنت كل أماله في الحياة.

في البداية لم أكن أشعر تجاهه بالحب، لكني كنت أرتاح حين أراه، كنت أحيانا أحكي له ما أعانيه من مشاكل وخلافات؛ بسبب تمسكي بالدين، وعائلتي غير متدينة، فكان كلامه يريحني ويشعرني بالأمان، لكني كنت ألجأ إليه كأخ متدين، ولم أكن أعلم بمدى حبه لي، ثم عرض علي الزواج، فرفضت! والحقيقة سبب رفضي هو لأمرين: الأول أنه من بلد آخر ولا يستطيع أن يترك بلده، خاصة أن والده متوفى، وهو أكبر إخوته، ومسؤول عنهم، وأنا مع أن أهلي غير متدينين، لكني لا أريد البعد عنهم! والسبب الثاني مع أني كنت أرتاح بوجوده، وفيه من الدين والأخلاق ما يجعل أي فتاة تتمناه، لكني لم أجد لشكله قبولا في نفسي، مع العلم أنه ليس قبيحا، لكني لا أجد شكله يجذبني، بل على العكس لا أحب شكله.

وقد رفضت طلبه للزواج، ولم أخبره عن نفوري من شكله، لكن تحججت بأهلي، لكنه أصر وانهار، وضعفت أمام حبه لي ويأسه وحزنه الذي رأيته حين رفضته، ولأني لم أحتمل أن يصيبه هذا بسببي، قلت له سأقبل، لكن في نفسي كانت نيتي أنه حين سيطلبني من أهلي سيرفضون، وعندها لن يكون لي ذنب في هذا.

وهو حاليا يحتاج بعض الوقت؛ ليكون قادرا على التقدم لي؛ لأنه يعمل بجد ويخبئ المال للخطبة، والزواج لكنه أيضا يساعد أهله، وكان من المفترض أن يتقدم لأهلي بعد شهور قليلة، ولكن بعد أن قلت له سأقبل كان حبه لي وتعلقه بي يزيد ويزيد وخفت عليه من الصدمة حين يرفضه أهلي، ولم أكن أجد في نفسي استعدادا لأقنعهم به، فقررت انهاء علاقتي به؛ لأنه إن تركته الآن، سيكون أسهل من وقت لاحق؛ لأنه سيكون قد أحبني وتعلق بي أكثر.

وبالفعل قلت له أني فاتحت أهلي بالموضوع، ورفضوا، وحين قال لي أن أحاولهم، قلت له أني أحبه، لكني لا أستطيع ترك أهلي، ويا سيدي، هو الآن في حالة - الله وحده يعلمها - فغالبا ما يقع في مكان عمله، ويسعفونه إلى المستشفى؛ بسبب صدمته وحزنه، والمبلغ الذي كان يخبئه قال أنه سيتبرع به كي يقطع الأمل، ويتوقف عن التفكير بي.

وقال أنه سيخطب ويتزوج بأسرع ما يمكن؛ كي يقطع الأمل، ويكف عن حبي، لكنه قال لي أنه سيفعل هذا، وهو يعلم أنه لن يحب زوجته، ولن يحب غيري، وأنه بزواجه هذا يقتل سعادته ومستقبله.

هو- يا سيدي - بحال تصعب على الكافر، وهو - والله شهيد - لم يسيء إلي أبدا، بل على العكس وقف معي وساعدني كثيرا، وأحيانا أفكر أنه يستحق التضحية، لكني أنفر من شكله، أحيانا أرغم نفسي أن تقبل شكله، لكن الأمر ليس بيدي، فأنا أنفر منه!

وأنا - يا سيدي - الآن في حال الله أعلم بها، فإني أحس أني أذنبت ذنبا كبيرا أستغفر الله منه، لكني أخاف أن الله لن يغفر لي، كيف يغفر لي وقد دمرت حياة هذا المسلم الملتزم! وأحس بأن الله سيعاقبني بأن يحرمني الزواج، أو أنه سيرسل لي زوجا يعذبني، وأشعر أني لن أتوفق في حياتي، ولا دراستي ولا شيء!

أعلم أني مخطئة، وكان علي أن أبقى على رفضي من أول مرة، لكن حاله - يا سيدي - قد فطرت قلبي، ولذلك وافقت، وأعلم أن ما فعلته حقير وسفيه، لكن والله والله إني فعلت ما فعلت عن حسن نية، فقد كانت نيتي أن أخلصه من عذابه في أول مرة، ولم أعلم أني كنت أدفعه إلى عذاب أكبر إلى الدمار.

ماذا أفعل الآن - يا سيدي - فأنا لا أستطيع إخبار أحد بهذا!؟ وإني في كل لحظة أحترق عليه، وأخشى أن يصيبه شيء! فإنه كل قليل ينزل معه الضغط والسكر، والطبيب يحذره أنه إن لم ينتبه لنفسه، فسيصاب بانهيار عصبي، فهو لا يأكل ولا يشرب إلا مرة كل عدة أيام! لو تعلم - يا سيدي - ما أعانيه من شعوري بالذنب وتأنيب الضمير وخوفي من الله!

أرجوك - يا شيخي - ماذا أفعل!؟ كيف أرتاح!؟ إن الموت أهون مما أنا فيه.


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفضلى/بثينة حفظها الله .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

نسأل الله العظيم أن يحفظك ويسدد خطاك، وأن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا.

فشكرا لك على هذا التمسك بالدين رغم وجود العوائق وبعد الأهل عن طريق الأخيار، ونسأل الله أن يثبتنا وإياك، وأن يحفظ علينا ديننا وإيماننا حتى نلقاه.

وأرجو أن تبحثي عن فتيات صالحات يذكرنك بالله إذا نسيت، ويكن عونا لك على الطاعة إذا ذكرت، فإن الفتاة المسلمة ينبغي أن تبحث عن الصديقة الصالحة، وخير لها أن تبتعد عن الرجال، ولا يجوز لها أن تصادق أجنبيا أو تخلو معه، حتى ولو كان يعلمها القرآن؛ لأن الإنسان لا يملك قلبه، والشيطان حاضر، والتوسع في هذه العلاقات له آثاره الخطيرة، فقد تتمكن مشاعر الود وتكون هناك موانع من إتمام الزواج، فندخل أنفسنا في حرج وضيق وهموم وأحزان.

والصدق يهدي إلى البر وفيه الخلاص، ولكنك تعاملت مع الموضوع منذ البداية بالعواطف والمجاملة، وكان الصواب أن تستمري على الرفض، وتحسني الاعتذار منذ الوهلة الأولى، وتحاولي الابتعاد عنه حتى يتسلل اليأس والنسيان إلى قلبه؛ لأن وجودك أمامه مما يعمق معاني الارتباط بك أكثر وأكثر، وهذا بلا شك خطأ ومخالفة لآداب هذه الشريعة العظيمة التي تريد للفتاة أن تبتعد عن الرجال وتتجنب التوسع معهم في الكلام مهما كان الغرض والهدف، وإذا كان للرجل فضل في إعانتك على الثبات، فإن مهمته الشرعية تنتهي بعد أن أعانك على الثبات، وبعدها ينبغي أن تبحثي كما ذكرنا عن داعيات وخيرات، ولكني مع كل ما سبق أريد أن أقول لك ما يلي:

1- أرجو عرض الأمر وبسرعة على الأهل لأخذ رأيهم الحقيقي، وليس صوابا التحدث بلسانهم، وإذا كان رأيهم سلبيا فهنا ينبغي أن تتوقف كل هذه العلاقات وبسرعة.

2- إذا قبل الأهل بزواجك من هذا الرجل، فعليه أن يتقدم لطلب يدك رسميا ويأتي البيوت من أبوابها.

3- إذا كان الرجل صاحب دين وخلق، وليس لك سبب سوى عدم تقبلك لشكله فتذكري أن الله يقول: (( ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم ))[البقرة:221] وسوف تتغير نظرتك إذا وضعت حسناته والإيجابيات التي فيه إلى جوار الجوانب السلبية وهذا هو الإنصاف.

4- الكمال لا يدرك، ولابد في كل رجل من عيوب ومحاسن، وهذا ما ينبغي أن يكون واضحا بالنسبة لك، فليس في الدنيا عريس مفصل حسب المواصفات والمقاييس التي تحلم بها الفتيات.

5- ولا تستفيد المرآة من رجل جميل في الظاهر خبيث في الباطن؛ لأن العبرة بصلاح الدين وكمال الخلق، وجمال الشكل عمره محدود بخلاف جمال الأخلاق والدين فهو الذي يدوم.

6- إذا كان عرض الأمر على الأهل صعب عليك، فأرجو أن تحرصي على صلاة الاستخارة، ثم شاوري الصالحات من زميلاتك، ولابد أن يكون في الأسرة شخص من محارمك قريب إلى نفسك، وسوف تجدين من يعينك على إيصال الفكرة وعرض الأمر بإذن الله.

7- موضوع تركك للأهل هل فيه صعوبة فعلا ولا تقبله عاداتهم وأعرافهم أم هو مجرد عقبة توضع في الطريق؟ فإذا كان هذا مجرد عقبة متوهمة، فأرجو أن تحاولي القبول به، خاصة وهو صاحب دين وسوف تجدي عنده الحماية والعون على الطاعة، أما إذا كان الأصل لا يقبلون، فلا ننصحك بخسارة أهلك مهما كانوا، وأرجو أن تجتهدي في نصحهم وتذكيرهم بالله فهم أولى الناس بنصائحك وإرشاداتك.

8- أرجو مواجهة هذا الموقف بصدق وحزم، ولا داعي للمجاملة التي شعرت بآثارها الخطيرة، والأمر كله بيدك أنت، فاتركي العواطف جانبا، وانظري للقضية من كافة جوانبها، ولابد أن تكون هناك معاناة ومشاكل في كل الأحوال؛ لأن المقدمات الخاطئة توصل إلى نتائج خاطئة، ولكن بعض الشر أهون من بعض.

ولا شك أن هذا الرجل انخدع بموافقتك المبدئية، ولكن ليس صعبا على الرجل أن يجد امرأة تسعده، فاسأل الله أن يأخذ بيده ويرده إلى رشده، وأن يقدر لك وله الخير وأن يرضيكما به.

وبالله التوفيق.




مواد ذات صلة

الاستشارات