أريد الثبات على الاستقامة.. فماذا أفعل؟

0 264

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب عمري 27 سنة، متزوج ولدي طفلة عمرها سنة و4 شهور تقريبا، متخرج من الجامعة بتخصص هندسة ميكانيكية في نهاية عام 2014، وبتوفيق من الله حصلت الوظيفة بشركة طيبة.

سؤالي: أنا استقمت -ولله الحمد- وكان سبب استقامتي مشاكل عائلية مع زوجتي، وبسبب مشاكل الوظيفة، ومشاكل أخرى، لكن -الحمد لله- عرفت معنى الاستقامة، ولكني أحس بهم وضيق شديد جدا، وخصوصا إذا تركت صلاة جماعة أو تركت قيام الليل، أشغلت زوجتي معي، وكان هذا هو سبب انفصال مؤقت عنها قبل 6 شهور، أريد أن أعرف الطريق؟ أريد أن أعرف معنى الاستقامة الحقة؟ وأريد أن أعرف ماذا أقرأ؟

مع العلم أنني قد بدأت بقراءة كتاب مدارج السالكين.

وأريد أعرف أيضا كيف أتعامل مع أصدقائي القدامى؟ هل أتركهم كليا؟ كما أني أوجه صعوبة جدا كبيرة في التعامل مع أهلي، لا أعرف كيف أتعامل معهم؟ أريد أن أعرف كيف أتعرف وأجد أصدقاء صالحين؟ هل أذهب إليهم، وأقول لهم أريد الاستقامة أم ماذا؟

أريد الاستقامة بأي ثمن، ولكني لا أعرف كيف الطريق الصحيح؟ لي تقريبا 5 أشهر -والحمد لله- مجاهد لنفسي في الصلوات وقيام الليل؟

أريد النصيحة المستمرة -وجزاكم الله خيرا- وأريد قدوة، أرجو أن تساعدوني في معرفة الأسباب، وتحملوا كثرة أسئلتي، وجزاكم الله خيرا، مع العلم أني من سكان جدة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يثبتك على الحق، وأن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يجعل لك من لدنه وليا ونصيرا، وأن يجعل لك على الخير أعوانا، وأن يجعلنا وإياك من أهل الاستقامة والصلاح والهدى والتقى والعفاف والغنى.

وبخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل- فإن الاستقامة تعريفها بسيط، وبعض العلماء عرفها بتعريفات كبيرة، ولكن هي: التزام شرع الله تعالى بتنفيذ أوامره واجتناب نواهيه على طريقة النبي -صلى الله عليه وسلم- والتزام هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في كل الأمور التي تستطيعها؛ لأن الله تبارك وتعالى أمرنا بقوله: {وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول} وقال: وقال أيضا: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} وقال أيضا: {من يطع الرسول فقد أطاع الله} والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وما نهيتكم عنه فانتهوا) وقال أيضا: (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قيل: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى).

ولذلك جيد أن تقرأ في كتب ابن القيم، إلا أن مشكلتها أنها كتب ثقيلة، وأن عبارتها قوية، وتحتاج إلى تفصيل وشرح مطول، وقد لا تفهمها بطريقة سلسة؛ ولذلك أنصح بقراءة كتب أبسط منها، ككتاب: (مختصر منهاج القاصدين)، أو كتاب (البحر الرائق) للشيخ أحمد فريد، أو كتاب: (تزكية النفس) وكتب كثيرة حقيقة توجد في السوق، معاصرة، تتحدث عما تريده، أو كتاب: (لا تحزن) للشيخ عائض القرني، هذا كتاب رائع أيضا مفيد.

وبالنسبة لكسب الأصدقاء أنصح بقراءة كتاب: (كيف تكسب الأصدقاء)، وهو كتاب موجود في مكتبة جرير، تستطيع من خلاله أن تكسب الأصدقاء وأن تتعرف على كيفية التواصل مع القريب والبعيد معا.

بالنسبة لأصدقائك القدامى: إذا كانوا أصدقاء سوء أو غفلة، فأنا أنصح إذا كنت ترى أنك لن تستطيع أن تغيرهم ألا تذهب إليهم؛ لأن الإنسان – أخي الكريم عبد الله – الذي لا يجيد السباحة ليس عليه أن يدخل البحر، وأنت قد تذهب إليهم وقد من الله عليك بالهداية والاستقامة ولكنهم يردونك على أعقابك مرة أخرى على اعتبار أنهم لم يعرفوا ولم يتذوقوا النعمة التي أكرمك الله بها.

أما إذا كنت واثقا من أنك شخصية قيادية، ولديك القدرة على التأثير، ولديك القدرة على تغييرهم، فتوجه إليهم وحاول معهم، عسى الله أن يجعل هدايتهم على يدك، اللهم إلا إذا كنت تشعر بأنك غير قادر فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وأنت تعلم أن تغيير البيئة شيء مهم جدا -حقيقة- في الاستقامة، ولذلك هذا الرجل الذي قتل مائة نفس عندما سأل العالم أمره أن يغير البيئة، وأنت الآن قد تركت البيئة فأنت في عافية، فلا أريدك أن تعود لبيئة الغفلة مرة أخرى؛ لأن الأمراض قد تصيبك مرة أخرى وأنت ما زلت حديث عهد بالاستقامة.

نحن هنا تحت أمرك وفي خدمتك في أي سؤال أو إشكال تريد جوابا عليه، نحن يسعدنا ويشرفنا تواصلك معنا.

الاستقامة – كما ذكرت لك – منحة من الله تبارك وتعالى تأتي على قدر صدقك وإخلاصك في عبادتك لله تعالى، فاجتهد في أن تري الله من نفسك خيرا، واجعل هدفك الاستقامة حتى تأتيك الكرامة، واعلم أن معية الله لك وتوفيق الله لك يكون على قدر تطبيقك لأوامر الله تعالى وتركك لمناهيه، فكلما زادت مساحة العبادة عندك كلما زادت معية الله لك وإكرام الله تبارك وتعالى لك، وكلما زاد تأييد الله لك، فالأمر في يدك.

أكثر من الدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يجعلك الله من الصالحين، وخاصة {اهدنا الصراط المستقيم} الدعوة الجامعة التي أودعها الله في سورة الفاتحة التي هي أم القرآن، وقال العلماء: "ما دعا المسلم بدعوة أعظم ولا أجمع منها".

حاول أن تجلس مع الصالحين من عباد الله تعالى، وابتعد عن أهل الغفلة؛ لأن أهل الغفلة سيصيبونك بغفلتهم، أما الصالحون فأنت ستتأثر بصلاحهم؛ لأن النبي أخبرنا -عليه الصلاة والسلام- أن الصالحين كحامل المسك، وحامل المسك إما أن يحذيك – يعطيك – وإما أن تبتاع منه – تشتري منه – وإما أن تشم منه رائحة طيبة.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأهلا وسهلا ومرحبا بك في أي سؤال وفي أي وقت.

مواد ذات صلة

الاستشارات