السؤال
أنا شاب عمري 21 سنة، كنت أتناول كحوليات بكثرة، وفي ذات مرة تعرضت لحالة إغماء، وعندما ذهبت إلى المستشفى وعملت التحاليل اتضح وجود خلل في وظائف الكبد والكلى، وارتفاع إنزيمات الكبد، وكان ذلك منذ 6 شهور، ولم أهتم باتباع العلاج، والآن أعاني من تقيؤ دم، وبراز دم، والآلام شديدة في الجانب الأيمن.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ titi حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أتمنى أن تكون قد توقفت عن تناول الكحول، فالأعراض التي تعاني منها من إقياءات دموية، والنزف الهضمي السفلي،
علامات غير جيدة عن حالتك:
1- فقد يكون السبب التهاب معدة كحولي نزفي (التهاب معدة تقرحي بسبب الكحول).
2- أو أن يكون بسبب تقدم في الحالة، وتراجع في وظائف الكبد عندك، والمترافقة بنقص في عوامل التخثر بسبب قصور الكبد الوظيفي، أو بسبب حدوث التشمع الكبدي وارتفاع في ضغط أوردة الكبد البابية، وحدوث دوال -أوعية متوسعة- في المريء، وربما يكون ذلك هو مصدر النزف.
أما النزف السفلي فإذا كان النزف مع البراز الأسود فهو من تبعات نزف المريء أو المعدة، أما إذا كان نزفا لدم أحمر؛ فهو من مشكلة شرجية أو مستقيمية كالبواسير والتي تكثر حدوثا عند ارتفاع ضغط وريد الباب الكبدي.
والآلام الشديدة في الأيمن هي من منطقة الكبد والمرارة، وأحيانا تسبب التهابات الكبد الكحولي حدوث الآلام في منطقة الكبد، وبكافة الأحوال تستدعي القصة مراجعة طبية عاجلة؛ ليتم إجراء التحاليل، وتنظير المريء والمعدة، وتنظير الشرج والمستقيم والسين الكولوني، وصورة بالسونار للبطن والكبد والطرق الصفراوية.
أتمنى لك الشفاء العاجل بإذن الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
++++++++++++++++++++++
انتهت إجابة د/ وليد البدوي استشاري الأمراض الباطنية والهضمية وأمراض الكبد، وتليها إجابة الشيخ/ أحمد الفودعي مستشار الشؤون الأسرية والتربوية
++++++++++++++++++++++
قد أفادك الأخ الفاضل الدكتور/ وليد بما يفيدك من الناحية الطبية، وبقي –أيها الحبيب- أن نذكرك بالجانب الشرعي فيما أنت فيه، فإن هناك آلاما وشدائد أعظم من هذه الأمراض التي تعاني منها بسبب شربك للخمر، وينبغي أن تكون محل اهتمام منك، ونأمل -إن شاء الله تعالى- أن تكون هذه الأوجاع والأمراض التي أصابتك باعثا لك على عدم الرجوع إلى الوقوع في هذا الذنب العظيم والمعصية الكبيرة وهي شرب الخمر، فقد جاءت النصوص الكثيرة في القرآن والسنة ترهب من تناول الخمر، فقد أخبر الله سبحانه وتعالى في كتابه بمفاسدها، وأن إثمها أكبر من منافعها، ثم أمر سبحانه وتعالى باجتنابها، فقال: {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه}.
وحذرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- أبلغ التحذير من شرب الخمر، فقال -عليه الصلاة والسلام-: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن) وقال -عليه الصلاة والسلام-: (لعن الله الخمر، وشاربها، وساقيها، ومبتاعها، وبائعها، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه).
وحذرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- في أحاديث كثيرة من عواقب شرب الخمر، وأن من شربها في الدنيا لم يشربها في الآخرة، وقال -عليه الصلاة والسلام- كما في الحديث الذي رواه ابن حبان وغيره: (لا يدخل الجنة مدمن خمر).
فهذه الأحاديث –وغيرها كثير– ينبغي أن تكون على بال منك، وأن تكون باعثة لك -مع ما أصبت به من المكروه- على التوبة والإقلاع عن هذا الذنب، وأن تحذر من أن تلقى الله تعالى وأنت مصر على هذه المعصية، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من لقي الله مدمن خمر لقيه كعابد وثن)، فاحذر أن يختم عمرك وأنت باق مصر على هذا الذنب.
والتوبة –أيها الحبيب– أمرها سهل، نسأل الله أن يفتح قلبك لها، وأن ييسرها لك، التوبة تعني: أن يندم الإنسان على ما كان منه من الذنب، وأن يعزم على عدم الرجوع إليه في المستقبل، مع تركه في الحال.
وأنت إذا كنت تنظر إلى أمور بعقل وتغلب جانب المصلحة الذي فيه نفعك في دنياك وفي أخراك، ينبغي أن توازن بين الأمور وتختار ما هو أنفع لك وأصلح، فلا خير في لذة من بعدها النار.
تب إلى الله تعالى، وخذ بالأسباب التي تعينك على البقاء على هذه التوبة، وذلك بالابتعاد عن البيئة السيئة التي تعينك على الوقوع في هذا المنكر، واختر الأصحاب الصالحين الطيبين، واحضر جماعة المسلمين في المساجد، وأكثر من سماع ذكر الله تعالى، وستجد ما يعوضك عن هذه اللذة أضعافا مضاعفة.
نسأل الله أن يأخذ بيدك إلى كل خير.