السؤال
السلام عليكم
أشكركم على هذا الموقع الأكثر من رائع، والذي يحل مشاكل الكثير من الناس، وإن شاء الله في ميزان حسناتكم.
أنا شاب عمري 28، منذ حوالي شهرين كنت أشرب الكحول -ولست مدمنا عليها-، وأصبت بعد شربي لها بنوبة غريبة جدا، وهي إحساسي بالإغماء، وإحساسي بأني سأموت، المهم أني ظللت أقاوم هذا الشعور وأصب ماء على رأسي، وأتحرك وأركض؛ لكي لا يأتيني هذا الشعور، وقد توقعت أنها يمكن أن تكون جرعة زائدة، لا أعرف!!
وبعدها في اليوم الثاني بدأت تأتيني نفس النوبة، أشعر بأني سوف أموت، ولكني أتغلب عليها، وتأتي معها دوخة شديدة.
المهم استمرت الحالة حوالي أسبوعين، وقد قرأت في موقعكم عن الوسواس القهري، وأحسست أن وسواسا قهريا أصابني، وبعدها حاولت أن أبتعد عن هذا التفكير، وأتحسن يوما وأنتكس يوما، وهكذا إلى يومي هذا صار لي شهر ونصف.
حاليا قلت النوبة كثيرا؛ لأني تغلبت على الوسواس، ولكن تأتيني دوخة شديدة، وفي مرات أفكر أني مصاب بالسرطان، وغيرها من الوساوس، وصارت عندي أعصاب في بطني، بعد الأكل أحس بطني تنبض مثل القلب، وغازات ونغزات في الصدر جهة اليمين، ودائما أحس بالغثيان، وأضع ملحا تحت لساني فيقل الغثيان.
عملت جميع التحاليل والأشعة، وفحص القلب وكلها ظهرت سليمة.
أتمنى أن تفيدوني خصوصا بموضوع الدوخة، وقد قرأت عن بعض العقاقير مثل: البروزنزاك، ونتروبيل، ودجماتيل، رغم أني أخاف أن آخذ دواء من غير استشارة.
هل حالتي تحتاج إلى دواء، أم بمرور الوقت سوف أتحسن؟ وأتمنى أن أعرف العلاج والدواء المناسب لحالتي إذا احتاجت حالتي لدواء، وأكون شاكرا لكم جزيل الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ aws حفظه الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أشكرك -أخي الكريم- على التواصل مع إسلام ويب، وأؤكد لك أنني قد اطلعت على رسالتك بكل دقة، وأستطيع أن أقول لك: إنه من رحمة الله تعالى بك أن جعل لديك حساسية من تناول المشروبات الكحولية.
حالتك التي وصفتها وبهذه الطريقة؛ أستطيع أن أقوله لك: إن لديك غالبا أنزيما في الكبد منفرا للكحول، وهذه الحالة معروفة نشاهدها وسط واحد إلى اثنين بالمائة من الناس، بمعنى أنك حين تتناول الكحول ويبدأ تمثيله أيضيا واستقلابه داخل الكبد –وهذه عمليات كيميائية معقدة جدا– بعض الناس –أي أقلية قليلة من الناس– لديهم ما نسميه بالأنزيم المنفر، ولذا يحدث تفاعل فظيع من تناول الكحول حتى وإن كان بكميات بسيطة.
هذه هي حالتك، ولذا لا تشرب الكحول مطلقا، بجانب أنه حرام، وبجانب أنه مضر للصحة، وبجانب أنها أم الفواحش، وبجانب أنها تجر إلى غيرها من الحرام، وبجانب أنها تذهب العقل، وبجانب أنها تخل بخلايا الدماغ، وبجانب أنها مضرة بالصحة؛ ففي حالتك أعتبرها مهلكا تماما؛ لأنك تملك هذا الأنزيم المنفر، وهذا الأنزيم لا يمكن قياسه أو التأكد من وجوده بأي فحص بيولوجي إلا في مراكز معينة.
وأنت لست محتاجا أساسا لأن تقوم بهذا الفحص، فقط تجنب الكحوليات، تجنب الخبائث التي هي من الخبائث وليست من الطيبات، قال تعالى: {ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث} وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون * إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون}؟
انته وابتعد عن الكحوليات أخي الكريم.
النقطة الثانية: الذي حدث لك هو نوع من المخاوف الوسواسية؛ لأن تجربة النفور الكحولي كانت قوية جدا، بل كانت مخيفة، فعدم الانضباط في الاستقلاب للأنزيم على مستوى الكبد أدى إلى حالة الخوف والهرع وما تولد عنها من وساوس.
الحمد لله تعالى أن الحالة بسيطة، وأنها سوف تختفي تماما، ولا توسوس حول صحتك، وابدأ في أن تعيش حياة سليمة وهادئة وصحية، لا كحوليات، لا مخالفات، لا ذنوب -إن شاء الله تعالى- إلا اللمم، وحتى اللمم -إن شاء الله تعالى- تكون حريصا على ألا تقع فيه، وتكون مجتهدا في تطوير نفسك اجتماعيا وعلميا وعلى مستوى العمل وعلى مستوى الأسرة، وأنصحك بالنوم المبكر، وممارسة الرياضة، وأن تذهب للطبيب -الطبيب الباطني أو طبيب الرعاية الصحية الأولية، الطبيب الذي تثق فيه– مرة واحدة كل ستة أشهر فقط؛ وذلك من أجل إجراء الفحوصات العامة الروتينية.
أما بالنسبة للدواء الذي يفيد حالتك فهو الـ (دوجماتيل Dogmatil) ويسمى علميا باسم (سلبرايد Sulipride) رائع جدا، وبسيط، وأنت لا تحتاج لأكثر منه أبدا، ابدأ في تناوله بجرعة خمسين مليجراما صباحا لمدة أسبوع، ثم اجعل الجرعة خمسين مليجراما صباحا ومساء لمدة شهرين، ثم خمسين مليجراما صباحا –أي كبسولة واحدة– لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، والحمد لله الذي جعل شفاءك في وجود هذا الأنزيم المنفر لاستقلاب الكحول، لكن اجعله بعدا عن الحكوليات عقيدة ودينا تلتزم به.