إخوتي يرفضون الزواج وتحمل مسؤولية أسرة، فكيف السبيل لتغيير رأيهم؟

0 293

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أخي الكبير عمره 34 سنة، يرفض الزواج خوفا وهروبا من تحمل المسؤولية، بدأت المشكلة بعد تخرجه من الجامعة، حيث حرص والدي على توظيفه؛ لمساعدته ليبدأ حياته والزواج، وقد كان والدي حريصا على أن لا يأخذ من أمواله، حتى يجمعها للزواج، لكن الأمر انعكس سلبا، فقد تعلم عدم الإحساس بالمسؤولية، والهروب منها.

توفي والدي بعدها، وقد فشل في كل محاولات إقناعه بالزواج، ثم بدأ أخي مشوار الوهم أنه يتحمل مسؤوليتنا، بالرغم أننا نعيش في بيت والدي، ونصرف من راتبه -رحمة الله عليه-، إلا بعض الكماليات التي يغطيها أحيانا.

لقد مضى 11 سنة على تخرجه، وهو في نفس الحال، بالرغم أنه يحصل على راتب شهري، وهو موظف حكومي، لكنه رفض الدخول في أي مشروع يساعده على الزواج، ويملك قطعة أرض، لكنه رفض البناء عليها، وكذلك رفض البناء فوق بيتنا ليتزوج ويسكن، ورفض إكمال مشواره التعليمي، كل عذره أنه لا يستطيع.

أخذ عدم الاستطاعة عذرا، رغم أنه عذر غير مقبول مع التخطيط والعمل، لكنه لا يزال يصر على الهروب، ويقول: إنه لن يتزوج، وإنه غير ملزم بحمل المسؤولية، ولا يريد هموم زوجة وأطفال، رغم أنه من وجهة نظري يتنافى مع الدين؛ لأن الدين يحث على تحمل المسؤولية، وما الرجولة إلا تحمل مسؤولية.

لم تنحصر المشكلة هنا، فلدي 4 أخوة هم أصغر من الكبير، وقد ظهر عليهم نفس النظرية، ونفس الفكرة، وهي عدم تحمل المسؤولية، واللامبالاة بالدراسة، بحجة أنهم لن يكملوا دراستهم، لأنهم لن يتزوجوا أيضا، وسيركنون للراحة.

مشكلة أخرى طرأت أيضا وهي الهروب من المجتمع المحيط، هروبا من النقد والسؤال، لماذا لم تتزوج إلى الآن؟ الانطواء أثر سلبا على شخصيته، فهو برغم سنه إلا أنه عصبي غير مستقر، متقلب المزاج، غير ناضج، وكل ذلك نتيجة للخمول والبعد عن المجتمع، ونتيجة عدم تحمل المسؤولية، التي تعلم الإنسان الصبر، لكننا لا نستطيع التفاهم معه؛ بسبب شخصيته وعصبيته، وأيضا إصراره على رأيه.

كما أنني كأخت له، صرت أستحي من ذكر أنه أكبر مني، لكي لا أدخل في دوامة الأسئلة، لماذا لا يتزوج؟ لأنني أجد في نفسي حرجا من عجزه ومن هروبة من تحمل المسئؤلية، وأتحاشى قول أن لي أخا أكبر مني، أذكر الصغار دائما فقط دون ذكر الكبار.

نظرة مجتمعنا نظرة شبهة لمن يرفض الزواج، لم يكن أبي هكذا سلبيا عاجزا هاربا من المسؤولية، فقد كان أبي صبورا جسورا على تحمل المسؤولية، عانى في حياته، لكنه تزوج وبنى نفسه من الصفر، وأتحسر أن لدي أخوة عاجزين هكذا، عاجزين عقليا، لا يملكون الهمة حتى في تطوير أنفسهم، وقراءة الكتب.

ما رأي الشرع في هكذا شباب؟ وأريد رسالة توجه له لعله يسمع ويحسب الأمور بميزان التوازن، وكيف أتعامل مع بقية إخوتي، لكي لا يسيروا في نفس المشوار، ويبقى كلهم عاجزين، ولكي لا تنتشر الرذيلة، لأن الزواج عفاف، وهم لا يريدون إعفاف أنفسهم بالحلال؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والحرص على مصلحة أشقائك، وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يهديهم إلى الحق، وأن يصلح الأحوال، وأن يحبب إليهم الحلال، وأن يحقق لنا ولكم ولهم في طاعته الآمال.

كنا نتمنى أن نعرف شيئا عن التزام أشقائك بالصلاة، وبأحكام الشرع، وأرجو أن يكونوا حريصين على فعل الطاعات، وترك المنكرات، فإن كانوا كذلك، فهذا الذي نرجوه لهم ولكل شبابنا، وإن كان في جانب التدين ضعف، فلنجعل البداية بدعوتهم إلى الله؛ لأن في صلاح الدين علاج لكل خلال، ومن خلال الدين تصح التصورات للكون وللحياة.

وننصحكم بشكره على ما يقوم به تجاه الأسرة، وإن كان قليلا، وسلطوا الأضواء على معروفه ونجاحاته، فإن في ذلك رفعا لمعنوياته، وأرجو أن تنجحوا في تشجيعه على التواصل معنا، ومن حقه أن يطالب الموقع بحجب الاستشارة، حتى نناقشه ونستمع لما عنده، فالقضية لا بد من النظر فيها من كافة الجوانب، وربما احتاج إلى زيارة طبيب، أو راق شرعي، ولا ننصح بأن تقولي له هذا الكلام، بل نحن في الموقع، أو الأصدقاء، يمكن أن يقولوا له ذلك إذا اقتضى الأمر، وسوف نسعد بمزيد من التوضيح، ويمكنكم التواصل مع 0097455805366 ويفضل إرسال رسالة لتحديد الوقت المناسب.

أما إذا كان الإشكال فكريا، فالحل سوف يكون بالإقناع وبتوضيح أهمية الزواج، وأنه هدي الأنبياء وطريقتهم، وقد جعل الله لهم أزواجا وذرية، والإسلام دين يرفض الرهبنة، قال تعالى :"ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم"، وشدد عمر -رضي الله عنه- حتى قال: من دعاك إلى غير الزواج فقد دعاك إلى غير الإسلام.

ونحن لا نؤيد فكرة مطاردته ومضايقته والإلحاح عليه، دون معرفة الأسباب الفعلية لرفضه للزواج، وأعتقد أن نجاحنا في إقناعه سوف يسهل حل مشكلات إخوانه الصغار.

وهذه وصيتنا لكم بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، ونسأل الله أن يقدر له الخير، وأن يعينك على الخير، ونكرر لك الشكر، ونسعد بالاستمرار في التواصل، مع التوضيح أكثر، خاصة فيما يتعلق بالالتزام ثم بالإيجابيات التي عنده، ونمط شخصيته، حتى نتعاون على وضع خطة مناسبة للتعامل معه، ونسأل الله أن يوفقه، ويقدر له الخير.

مواد ذات صلة

الاستشارات