السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حالتي غريبة نوعا ما! حيث أني عانيت من تشخيصها لدى الأطباء وهي: حين أفتح فمي يتأذى كل من حولي، ولا أعتقد أنها رائحة كريهة، بل إنها بكتيريا تجعل كل من حولي يحك أنفه، وتصل إلى مسافات بعيدة جدا، وأنا لا أشمها نهائيا.
ذهبت لطبيب باطني، ووصف لي بعض الأدوية لعلاج الحموضة وارتجاع المريء، وذهبت إلى طبيب أسنان، ووصف لي بعض الأدوية لالتهاب اللثة ودواء (انازول) للبكتريا اللاهوائية، وذهبت لطبيب أنف وأذن وحنجرة، ووصف لي أدوية للحساسية.
علما أني أشتكي من الحساسية منذ زمن بعيد، وجاءني الشك حول المخدة التي أنام عليها، حيث إنني أنام عند باب (بلكونة) الغرفة، وأشك أنها السبب، وأيضا ذهبت إلى دكتور مسالك بولية، وقال لي: عندك مثانة توترية، فهل لها علاقه في ارتداد البكتيريا من المثانة؟
أرجو من الله أن يشفيني، ويشفي جميع المرضى، وجزاكم الله ألف خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
لا بد في البداية من تشخيص السبب الأساسي في هذه الرائحة, فرائحة الفم الكريهة في حوالي 85% من الحالات سببها الفم نفسه, وهناك أسباب هضمية من المعدة، وكذلك التهابات الأنف والجيوب الأنفية المزمنة.
لديك مشاكل هضمية تتمثل في ارتجاع الحمض، وهذا قد يكون من الأسباب، ولكن ما يثير الشك، هو أنك لا تشم الرائحة؛ وبالتالي فلا بد من أن المخاطية الأنفية الشمية متأذية لدرجة فقدان حاسة الشم، وهذا يحصل في التهاب الأنف المزمن الضموري، حيث تضمر مخاطية الأنف، وتستبدل ببشرة تشبه الجلد؛ وبالتالي تتراكم القشور، وتنكمش تراكيب الأنف، ويتوسع تجويف الأنف، وتنتج الرائحة التي يشمها الجميع ما عدا المريض نفسه.
بالنسبة لعلاج هذه الحالة: هو صعب، وإنما يمكن ترطيب مخاطية الأنف بقطرات الغليسرين، وتنظيفه بالتالي من القشور, كما يفيد إغلاق إحدى فتحتي الأنف الجراحي بالخياطة لمدة قد تستمر لستة أشهر، حيث قد تتعافى مخاطية الأنف في هذه الفترة، ثم إغلاق الفتحة الأخرى لنفس الفترة.
تقول: إنك تشتكي من الحساسية؛ ولذا لا بد من الفحص السريري الدقيق للأنف، وإجراء تصوير طبقي محوري بمقاطع جبهية للأنف والجيوب لتحديد كفاءة المكونات في الأنف والجيوب، وعلاقتها مع بعضها، ووجود سوائل متجمعة في الجيوب, وكذلك وضع فتحات الجيوب الأنفية وقدرتها على تصريف المخاط المفرز من الجيوب، أو إذا كان هناك عائق يمنع ذلك، وهو ما يؤدي إلى تراكم هذه المفرزات المخاطية، ونمو الجراثيم التي تسبب الرائحة الكريهة.
في حال تأكد وجود المشاكل في الجيوب والأنف، فلابد من حلها، وهو في البداية بالوقاية من عوامل التحسس، ثم استخدام بخاخات (الكورتيزون) الأنفية، ومضادات التحسس الفموية, وفي حال وجود ضرورة، فلابد أحيانا من التداخل جراحيا لتوسيع فتحات الجيوب الأنفية؛ لتسهيل خروج المخاط ومنع تراكمه, وكذلك قد يلزم إصلاح الوترة الأنفية، أو قطع القرينات الأنفية في حال كونها تسبب انسدادا في إحدى فتحات الجيوب، وأغلب ظني أن هذه الحساسية التي تصفها، هي التهاب الأنف الضموري المزمن الذي وصفته في الفقرة السابقة، وعلاجه كما سبق ذكره.
أما في حال نفي الأسباب الأنفية لهذه الرائحة، فعندها يجب التركيز على الأسباب المتبقية الوحيدة، وهي الأسباب الفموية, والتي قد تكون بسبب الالتهابات المزمنة في اللوزتين والبلعوم.
تعالج اللوزتان بالاستئصال، والبلعوم بالعلاجات الموضعية التي سأذكرها لاحقا.
هناك من الأسباب الهامة لرائحة الفم وجود جفاف الفم، والذي قد يكون لأسباب نفسية متعلقة بالتوتر النفسي، وقد يكون لأسباب التهابية تنكسية في الغدد اللعابية, وكذلك فإن التنفس الفموي يسبب انسداد الأنف المزمن وجفاف الفم, وكذلك استعمال أدوية معينة، مثل: مضادات التحسس، وبعض خافضات الضغط، وأدوية السكري والاكتئاب, وأيضا من أهم الأسباب في جفاف الفم: التدخين، والإكثار من القهوة, ولابد من إزالة العامل المسبب، وعلاج الحالة بحسب هذا المسبب.
بالنسبة لتنظيف الأسنان واللثة: لابد من أن تتخلل فرشاة الأسنان بين كل الأسنان، ولا ننسى الأسنان الخلفية، وكذلك السطوح الداخلية للأسنان والتي قد تهمل تنظيفها عند استعمال السواك، إذ لابد من التنظيف في كامل السطوح السنية بدءا من حافة اللثة واتجاها نحو حافة الأسنان، وكذلك بين الأسنان باستعمال الخيط, وتنظيف اللثة بفرشاة الأسنان المعتدلة القساوة –الوسط-, كما لا بد من تنظيف اللسان -وهو مهم جدا هنا- بفرشاة اللسان الخاصة التي تباع في الصيدليات، وهذا التنظيف يجب أن يتم بلطف حفاظا على الحليمات الذوقية، وهو يتم بدءا من القسم الخلفي للسان باتجاه الأمام، ونحاول الوصول إلى أبعد ما يمكن من هذا القسم.
يمكن تطبيق الملح البحري بالإصبع على اللسان بعدها بدون بلعه، ولمدة ثلاث دقائق، ثم المضمضة بالماء، وبعدها إعادة الفرشاة إلى اللسان بالطريقة المذكورة، حتى تظهر الطبقة الوردية له, كما يمكن استعمال الغسول الفموي باستخدام كيس (سيروم) ملحي 0.9% (نصف ليتر)، يضاف له ملعقة صغيرة من الصودا (بيكنج صودا)، وأربع ملاعق صغيرة من الغليسرين الطبي، ويحرك جيدا، ثم تتم المضمضة والغرغرة به, وهناك غسول آخر يتكون من كيس نصف ليتر (سيروم) ملحي 0.9%، مع ملعقة صودا صغيرة، مع (10 مل) من سائل الماء الأوكسيجيني (بتركيز 20%)، حيث إن الماء الأوكسيجيني ينتج فقاعات الأوكسيجين ضمن الأثلام العميقة في اللوزتين واللسان والأسنان، وهذه الفقاعات تدفع فضلات الطعام للسطح حيث يتم التخلص منها, ويمكن بعدها دهن الغلسيرين الطبي بالإصبع على اللسان.
هناك الغسول أيضا بخل التفاح، وفرك اللثة والأسنان واللسان بقشر البرتقال، فهي تعمل من ناحيتين: فاحتواؤها على حامض الستريك يساعد في تقليل البكتريا الناشئة في الفم والمسببة للرائحة، ومن ناحية أخرى، فإن أغلب الحمضيات ذات رائحة مميزة، وذات مفعول شبيه بمفعول غسول الفم المنعش.
كما أن الشاي بنوعيه الأخضر والأسود يحتوي على مادة (البولي فينول)، والتي تعمل كقاتل للبكتيريا، والشاي عموما يعتبر مطهرا للفم، وخاصة إذا أضيف له أي من التوابل العطرية كالقرفة والهيل والقرنفل أو النعناع، كما أن شرب شاي المرمرية (أو الميريمة) أيضا يفي بالغرض في حالة رائحة الفم الكريهة، مع مراعاة عدم الإكثار منه؛ لأنه قد يسبب جفاف الفم؛ لوجود مادة العفص، وهو ما يؤدي للرائحة بدوره.
للبقدونس فوائد أيضا لاحتوائه على مادة (الكلوروفيل) التي تقضي على البكتيريا، إضافة إلى كونه مساعدا في تحسين الهضم؛ مما يعني تقليل الرائحة بطريقة أخرى، خاصة إذا تم مضغه نيئا أو غمسته في القليل من الخل، ويمكنك أيضا شرب عصير البقدونس من حين لآخر لضمان رائحة أفضل لفمك.
كما أن تناول الأجبان والألبان، وخصوصا في الصباح له دور في تقليل رائحة الفم باستعادة التوازن بين الزمر الجرثومية في المجرى الهضمي.
مع أطيب التمنيات لك بدوام الصحة والعافية من الله –تعالى-.