السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب متزوج، وبعمر 27 سنة، بدأت أحافظ على الصلاة في وقتها جماعة في المسجد، مع نوافلها وركعتي قيام وركعة وتر، وبدأت -ولله الحمد- أقرأ جزءا من القرآن يوميا، ولكني أحس بأن هنالك شيئا ناقصا؛ حيث إنني إذا تخلفت عن صلاة الجماعة مثلا أو لم أقرأ وردي اليومي، أحس بضيق في الصدر، وكره لأهلي، أو إذا تركت قيام الليل، أرى الحياة صعبة جدا.
أريد الاستقامة بأي ثمن، فكيف وأين أجدها؟!
هل أترك جميع أصدقائي القدامى؟ مع العلم أن فيهم من هو محافظ على الصلوات، ولكن شخصيتي تتأثر سريعا بما يقولونه، مثلا يقولون لي: تتطوع أو تتشيخ؟! هذه الأمور ليس وقتها الآن بالنسبة لك!
أرجو أن تعتبروني مثل ابنكم، وأن تقدموا لي النصيحة والمشورة، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله -تبارك وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى- أن يثبتك على الحق، وأن يزيدك صلاحا وهدى وتقى واستقامة، وأن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين، وأن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يعينك دائما وأبدا على التقدم والازدياد من أعمال البر والطاعة، وأن يجعلك من صالح المؤمنين.
بخصوص ما ورد برسالتك -ابني الكريم الفاضل-، فأنا حقيقة سعيد جدا بما أكرمك الله -تبارك وتعالى- به من أعمال طيبة رائعة، مما لا شك فيه، فهي من أهم أعمال هذا الدين؛ لأن الصلاة -كما تعلم- هي أعظم ركن عملي بعد الشهادتين، والصلاة سواء أكانت من الفرائض أو من النوافل فإنها تؤدي إلى استقرار وسكينة وأمن وأمان وسعادة؛ ولذلك عندما تفقدها تشعر بهذا الضيق الذي تعاني منه، هذا الألم الذي تتكلم عنه، وهذا نعتبره علامة صحة وليست علامة مرض؛ لأن الله من عليك بفضل عظيم، وهو أن يسر لك العبادة، وبدأت تتعلق بها، فتشعر إن فقدتها بنوع من ضيق الصدر وعدم الراحة، وهذه صفة أسأل الله ألا يحرمك منها؛ لأن بعض الناس أحيانا لا تفرق معه أن يحافظ على الصلاة في الجماعة، أو يصليها في البيت أو يصليها سريعة، أو يصليها خاشعة مطمئنة، كثير من المسلمين ليست لديهم هذه النعمة التي أكرمك الله بها.
حافظ على هذه النعمة، ولا تعتبرها علامة سلبية، وإنما هي علامة إيجابية، واجتهد في أن تحافظ على هذه العبادات، ولكن لا تشق على نفسك حتى لا تنقطع، وإنما عليك بالعبادات التي تستطيع أن تؤديها بسهولة ويسر؛ لأن الله -تبارك وتعالى- قال: {فاتقوا الله ما استطعتم}، ونبينا -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا أمرتكم بأمر، فأتوا منه ما استطعتم).
أنا أرى أن المقادير التي وردت في رسالتك طبيعية، فهي ليس فيها مبالغة، وليس فيها كثرة مرهقة، وإنما هي أمور عادية جدا، بل هناك من يفعل أكثر من ذلك بكثير.
ما يتعلق بالأصدقاء: اجتهد على أن تكون مع الصالحين منهم، أهل الصلاة، وأنصحك بألا تتكلم عن عباداتك وعن طاعاتك التي تؤديها، ما دام إخوانك هؤلاء لم يروا هذه الأشياء. إذا العبادات الخاصة بك اجعلها بينك وبين ربك، ولا تخبر بها أحدا، وإن أردت أن تخبر بها، فليكن من تحب أو من يحب لك الخير، أما أن تقول كلاما لبعض الشباب الذين عندهم نوع من التساهل في إطلاق العبارات وعدم الاهتمام بمثل هذه الأشياء فأنا أرى (فعلا) أن هؤلاء قد يسببون لك حرجا.
أتمنى أن تضيف لهذا البرنامج شيئا من القراءة في العلم الشرعي، أو الاستماع إلى أشرطة المشايخ، وأنت تعلم –ولله الحمد والمنة– أنك في المملكة بلد الإسلام وبلد الإيمان وبلد العلم والعلماء، وهناك آلاف الأشرطة حقيقة –خاصة في الفترات السابقة– تحوي علما عظيما جدا، فمن الممكن أن تستمع إلى مثل هذه العلوم، خاصة تفسير القرآن، وكلام الشيخ ابن عثيمين –عليه رحمة الله تعالى–؛ كل ما تركه الشيخ ابن عثيمين الآن مسجل، فتستطيع الاستماع لدروس الشيخ ابن عثيمين كأنك في حضرته، وذلك العلم هو الذي سيعصمك من عملية الزلل، وسيعطيك القدرة على مقاومة مثل هذه الحروب النفسية التي قد يشنها الشيطان عليك عن طريق بعض إخوانك وأصدقائك وهم لا يشعرون.
عليك بالدعاء والإلحاح على الله –تعالى- أن يزيدك الله تقى وصلاحا واستقامة، اجتهد في حضور مجالس العلم إذا كانت موجودة، وأتمنى أن تبدأ -بجوار قراءة القرآن- بحفظ شيء من القرآن على يد أحد إخوانك أئمة المساجد أو مراكز التحفيظ؛ حتى تكون إيجابيا، بمعنى أنك كل يوم عندما تشعر أنك حفظت آية أو آيتين أو ثلاث، ستشعر بنوع من النشاط، وسيفتح الله لك فتحا عجيبا ببركة القرآن العظيم، وثقف نفسك شرعيا، واقرأ كتب السير؛ سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وسير الصحابة الكرام وقصص الأنبياء، واقرأ في العقيدة، وغير ذلك من الأمور النافعة لك في دينك ودنياك وآخرتك.
هذا، وبالله التوفيق.