حالة توحد تتحسن بصورة جيدة

0 537

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذه مشكلة حقيقية عند ابن أخي، بدأت منذ ولادته، وعرفناها عندما تجاوز عمره أربع أو خمس السنوات، وسامحونا على الإطالة، فالموضوع حساس!
بدا لنا هذا الطفل غريبا بحركاته وسلوكه، فكان دائما منعزلا عن أقرانه، لا يجاريهم حتى بأبسط الأمور، ولاحظنا عدم مقدرته على التواصل بشكل سليم وسريع، حتى معنا بل وحتى أقرب الناس إليه كأمه وأبيه!

تأخر في الكلام، وتأخر في التواصل وفهم الكلام، أو على الأقل هذا ما بدا لنا، فبدا بين أقرانه ككتلة غريبة لا يفهمها أحد؛ مما جعل العديد من الأطفال إما يؤذونه ضربا أو يتجاهلونه، فتأصلت عنده العزلة!

تناوله للطعام سيء، وشرابه سيء، أبرز ما كان يفعله أنه ينجذب نحو أشياء غريبة، فكان يترك اللعب مع الأطفال أو معنا، وربما يتحاشاهم وينشغل بمشاهدة المراوح، وهي تدور ولوقت طويل أو يدور بنفسه بحلقات دائرية سريعة، وأحيانا يقف فجأة يصرخ بصوت مرتفع، وهو يفرك أصابعه في وجهه، ويبقي هكذا لفترة تكون عندها انهارت أعصابنا، كنا نعزي أنفسنا ونقول: ربما لأنه لا يملك وسيلة تعبير أخرى! ربما لشيء أزعجه أو لشعوره بعدم المجاراة لأي شيء!.

عرضه أخي على عدة أطباء، فكان الجواب أن هذا الطفل متأخر أو متخلف، ولا يمكن عمل شيء معه! تقبل أخي الأمر على مضض، وجاء موعد الالتحاق بالمدرسة فتكفله الله، وأرسل له من يحبه من المعلمات والمعلمين في كل مدرسة يذهب إليها؛ فيرعونه رعاية الأم، ويحمونه ويصبرون عليه، والله كان الأمر أشبه بمعجزة، فنما هذا الطفل برعاية الله!

وبعد سنوات قليلة فقد هذا الطفل أقوى درع له - وهي أمه - بداء السرطان، بعد معاناة أثقلت علينا، وشعرنا أن هذا الطفل أصبح بمهب الريح؛ فعوضه الله بزوجة أب تقية لم نطلب منها سوى أن تتفهم وضعه، وتتحمل إخوته، وكانت - جزاها الله كل خير - أما لهم.
كبر هذا الطفل برعاية الله حتى اقترب من السادسة عشرة، لكن نما ببطء، ولم يكون لنفسه صداقات أو علاقات، ناجح بدراسته، وأحيانا متفوق، لكن بدون مشاركة فصلية طبعا، ووضعه حاليا كالتالي:

1- ضعيف الشخصية جدا.

2-علاقاته محصورة، فقط مع أبناء أخواله أو أعمامه.

3-عدم القدرة على تكوين صداقات مع الآخرين.

4- ذكي داخليا، وقليل التفاعل خارجيا.

5- بدون هوايات أو ميول سوى اللعب على الكمبيوتر، مع محاولاتنا الحثيثة لمساعدته.

6- خجول جدا، ومنعزل عن خارج الإطار الذي ذكرت.

7- أظنه يخشى ويخجل من مواجهة الكبار والحديث معهم، فضلا عن أقرانه الغرباء.

8- وأسوأ شيء عندما يتحدث، تضطرب حواجبه مع حروفه مع حركاته بشكل لافت للنظر، وربما هذا يسبب له تحاشي الآخرين!.

أخشى أن يبلغ مرحلة ما أو عمرا معينا لا يمكننا عندها إفادته بشيء، ولا يتجاوز حد الخطر في هذه الدنيا وهذا الزمن الصعب الذي يسقط فيه الأصحاء.
أفيدونا بشيء، جزاكم الله خيرا!.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ تميم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

لا شك أن هذا الابن حفظه الله يعاني مما يعرف بمتلازمة التوحد Autism والتي وصفها الدكتور ( كنر ) لأول مرة عام 1946م، ومن فضل الله تعالى أن هذا الطفل قد تحسن كثيرا بمرور الزمن، حيث أن 70% من هؤلاء الأطفال وبالصورة الإكلنيكية التي وصفتها في وقت طفولته، لا يستطيعون الانتظام في التعليم ولا تتكون اللغة لديهم، كما أنهم يظلون منعزلين وضعيفي الوجدان، ويعاملون الناس كالأشياء .

لا شك أنه لا يوجد أي علاج دوائي لمتلازمة التوحد، إلا أن العلاج المطلوب هو التأهيل المتواصل، ويتم ذلك عن طريق ما يعرف بتطوير المهارات الاجتماعية، ومنها: تعليمه كيفية مخاطبة الناس، وجعله يحضر بعض الكتابات البسيطة، ثم يقوم بإلقائها أمام الآخرين، وكذلك مشاركته في الجمعيات العامة التي تعتبر من وسائل التأهيل، كما أن ممارسة الرياضة الجماعية تعتبر فعالة جدا في مثل هؤلاء الناس .

أرى أن عرضه على أخصائي نفسي -وليس طبيب نفسي- سوف يساعد كثيرا في وضع البرامج السلوكية التي تؤهله بصورة أفضل، حيث أن هذه البرامج تقوم على مبدأ التشجيع على الإيجابيات، وبناء مهارات جديدة، وتقليص السلبيات.

وفي الختام يا أخي أود أن أطمئنك تماما أن هذا الابن قد تقدم كثيرا، وذلك مقارنة بكثير من الحالات التي نعرفها .

وبالله التوفيق.





مواد ذات صلة

الاستشارات