السؤال
أحب فتاة تدرس في نفس كليتي، وفي نفس التخصص، وهي أيضا كذلك، وأريد الزواج بها، لكن الذي يمنعني من مكالمتها والحديث معها أنني غير قادر على فتح بيت جديد، وأنا لا زلت طالبا، ولا أعمل، وأيضا لا أريدها أن تتعلق بي، وأنا غير قادر؛ لأنني سوف أشعر بالعجز؛ لأني أريد الزواج بها، ولا أستطيع الإنفاق عليها.
بالإضافة إلى أنه قد يأتي شخص لخطبتها قادر على الإنفاق عليها، فتتركه لأجلي.
أيضا هي تكبرني في العمر بعام واحد، لكن أنا لا يهمني الأمر إطلاقا، ولا يسبب لي أي عائق، كانت هذه الجوانب المتعلقة بالسؤال. أما السؤال فهو:
1- هل حبي لها حرام؟
2- هل رغبتي بالتحدث معها في نفس الوضع المذكور حرام؟ مع أنني أعمل على تنمية مهارتي في الدراسة، حتى أجد مكانا لي في سوق العمل، وأستطيع الإنفاق عليها، وأفكر كثيرا في كيفية الحصول على عمل في مجالي.
وللعلم تخصصي هو هندسة الإلكترونيات والاتصالات.
أريد النصح في الأمر، هل أكلمها، وأشرح لها الوضع، أعلم مسبقا أنها ستوافق حتى وإن ساءت الظروف أكثر، وإن كان ذلك فبأي شيء أبدأ؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أيها الولد الحبيب- في استشارات إسلام ويب، نشكر لك تواصلك معنا، كما نشكر لك -أيها الحبيب- هذه المشاعر النبيلة، والحرص على الإحسان إلى الآخرين، وعدم الوقوع فيما يؤذيهم.
ما أوردته في استشارتك من مخاوف على هذه الفتاة: من كونها قد تتعلق بك، وقد تترك الزواج بمن هو قادر على أن يقوم بشؤون الزواج؛ كل هذا يعكس لنا ما تحمله أنت من مشاعر نبيلة، وأخلاق فاضلة، ومثلك -أيها الحبيب- حري بأن يكون حريصا على إرضاء خالقه ومولاه، حريصا على القرب منه، والقيام بطاعته، لأنه -سبحانه وتعالى- أحق من أطيع وشكر، واعترف له بالفضل.
ولهذا نقول -أيها الحبيب-: لا بد من أن تعطي هذا الأمر حقه من الدراسة في الجانب الشرعي، والوقوف عند حدود الله سبحانه وتعالى حين تتبين لك، وهذا هو الذي دفعك للسؤال عن هذه المسائل من الناحية الشرعية، ونحن على ثقة -إن شاء الله- من أنك ستكون وقافا عند حدود الله حين يتبين لك الحلال من الحرام.
ومما يعينك على ذلك ويدفعك إليه؛ إدراكك التام ويقينك الجازم بأن رزق الله سبحانه وتعالى، وتسهيل الأمور، والوصول إلى كل ما تحب؛ إنما طريقه وسبيله هو أن تكون ممن يتقي الله، فإن تقوى الله -سبحانه وتعالى- سبب لكل خير، كما قال الله جل شأنه: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب}.
وأن تدرك تمام الإدراك في المقابل أيضا أن الإنسان لا يحرم بسبب كما يحرم بسبب معاصيه وذنوبه، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه).
كل هذا يدفعك -أيها الحبيب- إلى أن تقف عند حدود الله تعالى، لا تتجاوزها، ولا تتعداها.
ونجيبك الآن عن هذه الأسئلة التي طرحتها بالترتيب:
أولا: حبك لهذه الفتاة إن كنت أنت تسببت فيه، بأن نظرت إليها متعمدا، أو نحو ذلك من الأسباب التي جعلت حبها يغرس في قلبك؛ فإنك آثم بهذا الحب؛ لأنك تسببت وسعيت فيه، والواجب عليك أن تأخذ بالأسباب التي تزيل بها هذا التعلق عن قلبك.
وأدوية العشق قد قررها ابن القيم -رحمه الله تعالى- ومنها: أن تقنع نفسك وتحاورها بأنه يصعب عليك الوصول إلى ما تحب، وأن التعلق بالشيء الذي لا يصل إليه الإنسان تعلق بالمحال، وهو أشبه بمن يريد الوصول إلى الشمس، كل هذا حتى تقتنع النفس فتنصرف، فإن النفس إذا يئست من الشيء نسته.
وأن تدرك مع ذلك أنك في استمرارك بهذا الطريق، وإصرارك عليه ترتكب شيئا حرمه الله -سبحانه وتعالى- عليك، فتستجلب غضبه وسخطه، وسخط الله لا تقوم له السموات والأرض.
أما التحدث إلى هذه الفتاة فلا يجوز لك أن تتحدث إليها بأي كلام فيه خضوع ولين من جهتها أو من جهتك، فإن الله سبحانه وتعالى يقول لأمهات الأمنين، وهن الأسوة والقدوة لكل من جاء بعدهن من المؤمنات، يقول -سبحانه وتعالى-: {فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض}، وباب الفتنة بالنساء هو أعظم الفتن التي حذرنا منها النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد قال: (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء).
فالنصيحة -أيها الحبيب- أن تقطع تعلقك بهذه الفتاة، وألا تفتح أي وسيلة للتواصل معها، وأن تتوجه نحو إصلاح أمورك وظروفك، وأن تبحث عن العمل، متوكلا على الله، راغبا إليه، داعيا له، فإذا يسر الله تعالى أمر الزواج وكانت هذه الفتاة لا تزال غير متزوجة تقدمت إليها، وإلا فاعلم أن ما يختاره الله -سبحانه وتعالى- لك خير وأفضل وأبرك مما تختاره أنت لنفسك، فإنه أرحم بك من نفسك، وحينها ستجد -إن شاء الله- من الفتيات من يصلح للزواج، وربما كانت خيرا من هذه الفتاة.
نسأل الله أن يأخذ بيدك إلى كل خير، وأن ييسر أمورك، ويفتح عليك أبواب الأرزاق.