السؤال
السلام عليكم.
عمري 15 عاما، عندما دخلت هذا العمر أحسست بأنني أصبحت كالعجوز الهرم، وأن كل شيء انتهى وتوقف، وأيضا أشعر أحيانا بأنني كأني في حلم ولا أطيق فترة المساء (العصر) بالتحديد، وفي فصل الشتاء تكثر هذه الحالة.
بالإضافة أني عندما كنت صغيرا كانت تصرفاتي مثل الفتيات، وعندما وصلت إلى عمر 13 تركتها تدريجيا، وكان السبب في الصحبة غير الصالحة، والآن أعاني من استهزاء تجاهلته سابقا وبرهنت للجميع بأني لا أهتم.
ولكن في هذه السنة كرهت كل شيء، أصبحت أعطي كل شخص أكبر من قيمته، ويصيبني صراع داخلي، وأفقد ثقتي بنفسي، وأيضا والدي عودني أني دائما أكذب عندما يخطئون علي إخوتي الأصغر مني، ودائما الحق معهم، ويهددني إذا كررت هذا الشيء وأصبحت أشعر بالخوف! فأثر ذلك علي ففقدت الدفاع عن النفس، وأصبح عندما يغلط علي أحد أخاف، ولا أتكلم عليه خوفا من ضربي، علما بأني كنت في السابق لست هكذا.
وأشعر عندما أذهب إلى التجمعات المكتظة بالناس، أو بالشوارع العامة أنني ألفت الأنظار، وأيضا أفكر دائما فيما سيحصل لاحقا في المستقبل؛ لأنني سأقود سيارة وسأذهب إلى مرحلة جديدة من الدراسة.
شكرا لكم، دعواتكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في استشارات الشبكة الإسلامية، ونتمنى لك دوام الصحة والعافية.
ابننا العزيز أولا نقول لك: -الحمد لله- أنك تخلصت من تلك السلوكيات، وهذا دليل على أنك أصبحت تعي ما هو حسن وما هو قبيح، ولكن ربما تكون هناك بعض الآثار ما زالت موجودة، فتقديرك غير الواقعي للآخرين ولنفسك ربما يكون هو السبب في المشكلة؛ لأن هذا ناتج عن النظرة السلبية لنفسك والتقييم المتضخم للآخرين، فحاول تعداد صفاتك الإيجابية، ولا تقارن نفسك بمن هم أعلى منك في الأمور الدنيوية، وغير المقياس أو المعيار الذي تقيم به الناس فأفضل المقاييس على الإطلاق هو المقياس المستمد من الكتاب والسنه، فتقوى الله عز وجل هي المحك الحقيقي لتقييم الشخصيات، فالمظهر الخارجي والوضع الاجتماعي والاقتصادي وغيرها من الأمور الدنيوية ليست هي الأصل الذي يجعلنا نحترم الناس أو نخاف منهم.
لذلك نقول لك ابننا العزيز مشكلة تجنب الآخرين وعدم الاحتكاك بهم لا بد من التفكير في حلها بالطرق الواقعية، وأولها المواجهة وعدم الانسحاب والتعذر بأسباب واهية.
حاول رفع شعار مفاده التحدي والاقتحام بالزيارات المتكررة للأهل والأصدقاء، وإجابة الدعوات، والمشاركة في المناسبات ولو بالصورة المتدرجة في المدة الزمنية، فهذه تكسبك الثقة بالنفس وتزيدها فإذا انكسر الحاجز النفسي، فسيكون الأمر طبيعيا -إن شاء الله- فالإنسان يتعلم بالممارسة والتدريب شيئا فشيئا.
في البداية تعلم كيفية المحادثة مع الآخرين بالاستماع الجيد لما يقولونه، ثم بكيفية إلقاء الأسئلة بالصورة المبسطة، والاستفسار بطريقة فيها احترام وتقدير للشخص الآخر، وإظهار الإعجاب والتعليق على حديثهم ومقتنياتهم بالطريقة التي يحبونها، وإذا أتيحت لك الفرصة للتحدث عن نفسك فاغتنمها، ولا تتردد بل انتهج نهج المبادأة، وكن أول من يبدأ دائما بالتعريف، أو الحديث عن النفس، فمارس ذلك مع من تعرفهم من الزملاء والإخوان الذين تألفهم فسترى -إن شاء الله- تغييرا واضحا في زيادة مهارة الكلام.
فنقول لك أولا لا بد من تعديل وتصحيح العلاقة مع الوالد حتى وإن شعرت بأنه ظلمك في فترة من الفترات أو في مرحلة من المراحل، فأنت مأمور بالطاعة كما جاء في معنى الحديث السمع والطاعة للمرء فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة، فبر الوالدين -أخي الكريم- سبب سعادتك في الدنيا والآخرة.
والحمد لله الآن أنت أصبحت رجلا مسئولا وقادرا على اتخاذ قراراتك بنفسك، ومؤهلا للتخطيط لمستقبلك، فحاول التقرب من الوالد، وانتهج سياسة الحوار معه، وابدي وجهة نظرك في كل ما تراه مناسبا لكي تزداد ثقة الوالد فيك.
إليك بعض الإرشادات ربما تساعدك في التغلب على المشكلة:
1- داوم على فعل الطاعات وتجنب فعل المنكرات حتى تكون قريبا من الله تعالى فإن أحبك الله جعل لك القبول بين خلقه.
2- عدد صفاتك الإيجابية ولا تحقر قدراتك وإمكانياتك فأنت لا شك أنك تتمتع بالعديد من الصفات الحسنة، ولديك أيضا مهارات شخصية يمكن استغلالها في جميع المواقف الحياتية.
3- استخدم روح الفكاهة في بداية الحديث مع الآخرين وركز على محتوى الحديث أكثر من تركيزك على الأشخاص وصفاتهم ومناصبهم ومكانتهم الاجتماعية.
4- لا تضخم فكرة الخطأ وتعطيها حجما أكبر من حجمها فالحذر الشديد من الوقوع في الخطأ قد يساعد في وقوعه.
وفقك الله لما يحبه ويرضاه.