السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الله يعطيك العافية -دكتور- وأتمنى أن تساعدني.
أعاني من أفكار تلازمني طول الوقت، والأسوأ أن هذه الأفكار تسبب لي إزعاجا كبيرا جدا، ودائما تغلبني وتنتصر علي، وقبل ما أضرب لك مثالا أصارحك على أن حالتي النفسية سيئة جدا، ومثال هذه الأفكار: أني لا أستطيع الإحساس بالحياة والأيام بشكل طبيعي، فكلما أحاول الإحساس بالحياة والأيام بشكل طبيعي أحس أن شيئا في داخل صدري يمنعني من أن أحس، أو مثلا تأتيني أفكار أو تكونت لدي أفكار بأني لا أستطيع الإحساس بالنزهة بشكل طبيعي -مثلا- أو أحس أني بسبب الاكتئاب الحاد وصلت لمرحلة أني لا أحس إذا تنزهت أو لا أحس بشيء أبدا. أو أحيانا وأنا خارج البيت أسأل نفسي: لماذا أنا خارج؟ أو مثلا تسيطر علي فكرة أني لا أستطيع أن أفهم الكلام إذا درست -مثلا- والذي يصير أن أفكاري تتشتت، ولا أفهم الكلام فعلا.
هل هو وسواس قهري فكري؟
أرجو أن تساعدني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ سالم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في استشارات الشبكة الإسلامية، ونتمنى لك دوام الصحة والعافية.
ابننا العزيز: عدم التركيز ربما يكون سببه اضطراب المزاج الذي تعاني منه، وله أسباب أخرى، والحمد لله أنك تعرفت على التشخيص، وأتمنى أن تكون مستمرا في العلاج الدوائي؛ لأنه مهم جدا في مثل هذه الحالات، وهذا نصف علاج المشكلة، إذ أن التغيير ممكن إذا فكرت فيه بطريقة جادة.
أولا: نقول لك: أنت ما زلت في ريعان شبابك، وما زال المستقبل -إن شاء الله- يعد بالكثير، وما زالت فرص تحقيق الآمال والطموحات أمامك واسعة. ما بالك بأناس في عمر السبعين وما زال عطاؤهم لم ينضب، ومنهم من حفظ القرآن في هذا العمر، ومنهم من حصل على شهادات الماجستير والدكتوراه في هذا العمر، والأمثلة كثيرة!
نطلب منك أن تبعد شبح العجز واليأس الذي خيم على قلبك وفكرك، واستبدله بروح التفاؤل والنظرة المشرقة للحياة، فأنت –مؤكد- لديك العديد من القدرات والطاقات، فقط محتاج لتفجيرها واستثمارها بصورة جيدة، وإن شاء الله تصل لما تريد. انظر إلى حال من هم أضعف وأقل منك صحة وعلما وقدرة ومهارة، تعلقوا بالحياة فأبدعوا فيها، وحققوا الكثير من الإنجازات في مجالات حياتية مختلفة، فلمعت أسماؤهم، وكبر شأنهم، وصاروا من الأعلام، فما تم ذلك إلا بقوة عزيمتهم وإرادتهم ومثابرتهم. ولتكن الظروف التي أنت فيها الآن بمثابة دافع للتغيير.
اخرج -ابننا العزيز- من هذا النفق المظلم -الذي وضعت فيه نفسك واستسلمت له– فبادر بوضع خطتك وتحديد أهدافك: ماذا تريد؟ وما هو الإنجاز الذي تتمنى تحقيقه؟ وما هي المكانة التي تريدها وسط أسرتك ومجتمعك؟ ثم قم باختيار الوسائل المناسبة لتحقيق أهدافك، واستشر في ذلك ذوي المعرفة والعلم وأصحاب الخبرات الذين تثق فيهم، وحاول اكتشاف قدراتك وإمكاناتك التي تؤهلك لذلك، واعتبر المرحلة التي تمر بها الآن مرحلة مخاض لولادة شخصية جديدة بأفكار ورؤى جديدة للحياة، ونظرة جديدة للمستقبل. واعلم أن كل من سار على الدرب وصل، فقط كيف نبدأ الخطوة الأولى ونستعين بالله تعالى ونتوكل عليه، ويكون لدينا اليقين الصادق بأن كل شيء بيده سبحانه وتعالى، ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء؟ {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون}.
فأي إنجاز ولو كان بسيطا سيؤدي -إن شاء الله- إلى تغيير نظرتك عن نفسك، وإلى زيادة ثقتك بنفسك.
أخيرا: نوصيك بالمواظبة على فعل الطاعات، وتجنب المنكرات، والإكثار من الاستغفار؛ فإنه مفتاح الفرج.
نسأل الله تعالى أن يفرج همك.