أعاني من مشاكل نفسية كثيرة، وأرجو منكم المساعدة

0 343

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب، بعمر 29 عاما، متزوج، لدي أطفال.

مشكلتي أنني أعاني من مشاكل نفسية كثيرة، وهي كالآتي:

1) لا أعرف كيف أتعامل تعاملا أمثل مع أطفالي بالذات، نادرا جدا ما أضربهم، ولكنهم يخافون مني لدرجة الرهاب.

2) لا أعرف كيف أكون صداقات، وإن كونت صداقة فسرعان ما تنتهي من دون ما أعلم ما هو السبب.

3) لا أعرف كيف أعتمد على نفسي في إدارة شؤوني الدينية والاجتماعية والمالية رغم رغبتي الشديدة في الحفاظ عليها.

4) لا زلت أتصرف -خصوصا مع نفسي- كطفل، رغم أنني على بوابة الثلاثين.

5) لدي خوف شديد من انتقال مشاكلي النفسية لأبنائي، إلى درجة أنني أبكي من قلة الحيلة بالذات في هذا الموضوع.

6) ألاحظ كثيرا أنني إنسان غير معتمد عليه عائليا (الوالدان والإخوان).

7) كل نقاش أخسره رغم أن أغلبيتها يكون الحق معي.

8) لست كأقراني من حيث المكانة العائلية والاجتماعية.

9) أثق في قدراتي لاسيما العلمية، ولكنني أرى نفسي في المجمل جثة سوداء ليس لها أي منافع!

10) لا أستطيع التفكير في موضوع محدد إطلاقا.

هذا بعض مما لدي، أرجو منكم مساعدتي، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على الثقة بموقعنا، وعلى الكتابة إلينا، ومعذرة على التأخر.

عدة جوانب في سؤالك، وربما هي متصلة، من شعورك بضعف تواصلك مع أبنائك، ومن نقاش الآخرين، والخوف من انتقال مشكلاتك إلى أبنائك في المستقبل، وصعوبة الحديث مع الناس، وشعورك بأنك عالة على أسرتك، وعدم تحمل المسؤولية...

ربما ما يجمع كل هذه الجوانب هو موضوع الثقة بالنفس وتقدير الذات، وما يسمى (self-esteem) حيث من علامات نجاح الإنسان سواء في حياته الخاصة أو في علاقاته مع الناس، وفي علاقته بنفسه، أن لديه قدرا جيدا لتقدير ذاته واحترامه لها.

يصاب تقدير الذات أحيانا بما يضعفه وينقصه عندما يمر الإنسان بتجارب سلبية أو غير سعيدة النهاية، ولكن يقال أن العيب ليس في أن يقع الإنسان، وإنما في أن لا يستطيع النهوض من كبوته هذه.

من الملاحظ من خلال سؤالك أنك في حالة نفسية لا تتذكر معها أو ترى إلا الأمور السلبية، وهذا ربما أيضا بسبب ضعف الثقة بالنفس. وأريد منك وخلال الأسابيع القادمة أن تقصد تذكر الإيجابيات في حياتك، ولا بد أن منها الكثير، ومنها كما ذكرت قدراتك العلمية، بالرغم من احتمال عدم تصديقك الآن لهذا بسبب الحالة النفسية التي أنت فيها.

إننا كثيرا ما نسجن أنفسنا في أفكار ومعتقدات عن أنفسنا، بأننا -مثلا- نتحلى بصفات معينة، أو أننا كسالى، أو أننا غير موفقين، أو بلا إرادة، أو أننا ضعفاء الثقة في أنفسنا، ولا نتقن عملا ما. وتأتي -عادة- هذه الأفكار من مواقف الناس منا، ومن كلامهم عنا، وخاصة في طفولتنا، فقد يقولون عنا -مثلا- أن عندنا خجلا أو ترددا أو ضعفا أو ضعف الثقة في أنفسنا...، فإذا بنا نكبر ونحمل هذه الأفكار والمعتقدات على أنها مسلمات غير قابلة للتغيير أو التعديل. وقد تمر سنوات وسنوات قبل أن نكتشف بأننا ظلمنا أنفسنا بتقبل وحمل هذه الأفكار كل هذه السنين، والمؤسف أن الإنسان قد يعيش كل حياته، ولا يحرر نفسه من هذه الأفكار!

لا بد لك، وقبل أي شيء آخر أن تبدأ (تحب) هذه النفس التي بين جنبيك، وأن تتقبلها كما هي، فإذا لم تتقبلها أنت فكيف للآخرين أن يتقبلوها؟!

مارس عملك بهمة ونشاط، وارع نفسك بكل جوانبها وخاصة نمط الحياة، من صلاة وعلاقة مع الله، ومن التغذية، والنوم، والأنشطة الرياضية، وغيرها مما له علاقة بأنماط الحياة، وأعط نفسك بعض الوقت؛ لتبدأ بتقدير نفسك وشخصيتك، وبذلك ستشعر بأنك أصبحت أكثر إيجابية مع نفسك وشخصيتك وحياتك.

يقول لنا الله تعالى: {ولقد كرمنا بني آدم} فنحن مكرمون عنده تعالى، وقد قال الله تعالى لنا؛ هذا ليشعرنا بقيمتنا الذاتية، والتي هي رأس مال أي إنسان للتعامل الإيجابي مع هذه الحياة بكل ما فيها من تحديات ومواقف، فكيف أطالب الآخرين بضرورة احترام نفسي وتقديرها إذا كنت أنا لا أقدرها حق قدرها.

من الطبيعي أن يشكك الإنسان أحيانا في قدراته، وخاصة عندما يكون على وشك القيام بعمل ما، فمثل هذه الشكوك طبيعية، وهي ستختفي تلقائيا مع الوقت، وخاصة إذا كنت لا تتبنى مثل هذه الأفكار.

من المحتمل أن تخف عندك مثل هذه الأفكار من تلقاء نفسها، وخاصة من خلال اقتحام المواقف التي ترتبك فيها، أو تشعر معها بضعف الثقة في النفس، كما في نطاق الحديث مع الناس، واللعب مع الأطفال، وإذا طال الحال أو اشتدت هذه الأعراض فقد يفيد مراجعة طبيب أو أخصائي نفسي، ممن يمكن أن يقدم لك العلاج النفسي، أو حتى الدوائي لما تعانيه، وإن كنت أعتقد بأنك ستتمكن من تدارك الأمر من نفسك.

أريدك أن تستيقظ غدا، مع يوم جديد، وليكن صباح الغد هو صباح ولادتك من جديد متذكرا ذلك الشاب الذي كنته في الماضي، فأنت أدرى الناس به. ابدأ يومك بالصلاة، ومن ثم التواصل مع أسرتك، ومن بعدها الخروج من البيت في فعل عمل كنت تفكر بالقيام به منذ مدة، مهما كان هذا العمل كبيرا أو صغيرا، وهكذا نبني ثقتنا بأنفسنا من خلال العمل والإنجاز، والنجاح ولو الصغير، يؤدي لنجاح أكبر منه.

وفقك الله ويسر لك.

مواد ذات صلة

الاستشارات