السؤال
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
مشكلتي بدأت حينما كنت في المرحلة المتوسطة، عندما اختارتني المعلمة أمام الطالبات وطلبت مني الوقوف لتشرح عن الدهون، كنت في موقف محرج، مع أن المعلمة كانت تقول: بأنني لست سمينة، لكنه مجرد مثال، أصبت بالدوار لم يغمى علي لكنني فقدت الرؤية، وبدأت أفقد سمعي إلى أن سمعت صوت المعلمة من بعيد وهي تقول: ارجعي إلى الكرسي، وكانت أقدامي ثقيلة، صديقاتي هن من لاحظ تعبي، أما المعلمة وبقية الطالبات لم يلحظوا أي شيء.
مرت الأيام طبيعية وذات يوم حينما وقفت في الطابور الصباحي راودتني فكرة الإغماء، أي أنه سوف يغمى علي، شعرت بالخوف فبدأت أرتعش وأتعرق، وظهرت كل أعراض التوتر، بعدها أصبحت أخاف من الطابور، وأخاف من الوقوف طويلا، حتى حينما أجلس أخاف من الإغماء.
توسعت دائرة الخوف عندي، علما بأنه خف عن السابق وصار مجرد أفكار وخيالات، لم أعد أتعرق، ولم تظهر علي أعراض القلق، لكنني صرت أعيش في صراع مع الأفكار، مع العلم بأنها أفكار غبية، أضحك عليها أحيانا، لكنني أفكر فيها دائما، وأفكر فيما هو آت، حينما أكون في القاعة الدراسية غدا هل سأشعر بالتوتر أم لا؟ لم تعد الفكرة مصدر خوفي بل التوتر نفسه، لقد أصبحت أتوتر دون سبب واضح، وفي وقت التوتر تراودني فكرة الإغماء، أحاول تجاهلها، لكنها لا تغادرني، ولا أشعر بها إلا في الجامعة والمدرسة.
علما بأنني أسير في الأماكن العامة لوحدي، ولا أخاف من الإغماء، وحينما أعود إلى المنزل أضحك من تفكيري، ويعاودني التساؤل من جديد.
هذا التوتر سبب لي حالة من الاكتئاب، يراودني الاكتئاب والتوتر في كل مراحلي الانتقالية من المتوسط إلى الثانوي، ومن الثانوي إلى الجامعة، أعاني منه كثيرا ولكنني أتغلب عليه، لا أشتكي أبدا، ولا أخبر أي شخص بمعاناتي، أتصرف على طبيعتي.
علما بأنني فتاة موهوبة في الكاتبة والشعر والرسم، شخصيتي مبدعة، وأحب القراءة والفائدة، كل من حولي يقول: بأنني إنسانة على قدر عالي من الوعي والثقافة، مع ذلك أحب المثالية، وهذا ما جعلني أحتقر ذاتي في كل شيء أفعله، أنصدم من كمية المديح لكتاباتي ولشخصيتي.
مشكلتي مع خيالي الواسع والخصب، أعيش مع أحلام اليقظة بشكل مستمر، منذ كنت طالبة في المرحلة المتوسطة، فقد كنت أتابع برنامجا يبث بشكل مباشر، ويمثل حياة الواقع لمجموعة من الشباب، فتخيلت نفسي بينهم، وما زلت أتخيل بأني في برنامج واقعي، وإنني أتكلم معهم بصوت منخفض، وأشرح لهم، مللت من هذا الخيال الطفولي، لقد كبرت، ومثل كل فتاة مسلمة لا أرضى الخروج في شاشة التلفاز من غير حجاب، وأرفض الجلوس مع الشباب الأجانب كما دار في خيالي.
أنا راضية تمام الرضا عن واقعي، وعلاقتي بعائلتي جيدة، فأنا البنت الكبيرة، وأنا التي أنصحهم، حتى إن أخي الكبير جاء لي في أحد الأيام وهو يحمل وصيته، كان الخوف مسيطرا عليه، زعم بأنه دخل مواقع سحرية، وأنها أثرت عليه، وهو يعيش حالة من الخوف، طلبت منه تمزيق الوصية، وطلبت أن يرميها أمامي في سلة المهملات، دعمته إلى أن تمكن من رميها، أقنعته بأنها مجرد وساوس، وبالفعل عادت حياته الطبيعية خلال أيام قليلة، خفت عليه كثيرا، لكنه -بفضل الله- تجاوز كل شيء.
شخصيتي قوية وإيجابية، أساعد الجميع، وأحب ذلك، لكنني لا أطلب من أي شخص مساعدتي، أخجل من أن أكلفهم ما لا يطيقون، وأقول دائما: بأنها مرحلة وسوف تنقضي، أريد العيش في الواقع، أريد أن أبتعد عن هذه الأحلام الغبية، لا أريد أن أكلم نفسي، أريد ذهاب التوتر وزواله تماما، لا أخاف من الموت ولا أخاف من الأمراض، أخاف فقط من جامعتي أو مدرستي، أخاف من الإغماء هناك، علما بأن الإغماء ليس سببا كافيا لتوتري، أنا متوترة دون سبب، وأضخم المواضيع.
هل أنا إنسانة طبيعية، أم لا؟ هل الناس مثلي؟ أريد أن التغلب على هذه المخاوف حتى أكمل حياتي، فأمامي مستقبل جميل، وأريد أن أكون شخصية فاعلة في المجتمع، وأريد إكمال الدراسة في تخصصي في مجال الطب، وأريد أن أصبح داعية، فعائلتي تعلق آمالها علي، ولن أخذلهم -إن شاء الله-، وأعلم بأنني قوية، وسوف أتغلب على كل هذه المشاكل، ستمضي الأيام، وسوف أضحك منها، ستكون تجربة جميلة تغلبت عليها وخرجت منها وأنا أكثر قوة، لكن كيف يمكنني إنهاء هذا الكابوس والتوتر وأحلام اليقظة؟
جزاكم الله خيرا.