السؤال
السلام عليكم
مشكلتي هي -إذا صح القول- يمكن أن أسميها: ابتليت بحب فتاة حتى الجنون، وهي تحبني. المشكلة أنها أكبر مني بسنتين، والمشكلة الأكبر أني ما زلت طالبا، ولا أستطيع خطبتها، وأنا أغار عليها إلى درجة كبيرة جدا، وأحيانا أراها تحادث بعض الشباب في الجامعة، وأنا لا أستطيع منعها؛ لأني في جامعة أخرى، لكني أعلم بأنها تكلمهم، وتمشي معهم في الجامعة، لكن ماذا أفعل؟ ما باليد من حيلة، أنا بعيد عنها، ولا أستطيع أن أبعدها عن الشباب.
والله إني مهموم من هذه المشكلة، أعلم أن محادثة الفتاة بدون خطبة لا يجوز، لكن كأن الله أنزل حبها في قلبي، فما باليد من حيلة، حاولت أن أمنع نفسي أن لا أكلمها، لكن بعد عدة أيام أرجع وأحادثها.
يعني باختصار مرة قلت لها لماذا تحادثين الشباب، وما إلى ذلك؟ فقالت:" (عادي) هم مجرد زملاء"، أريد طريقة أقول لها بأن لا تحدث الشباب، ولا تقف معهم بحيث تقتنع بكلامي.
الرجاء لا تقل لي إن التكلم معها حرام بدون خطبة، أو يجب خطبتها، أو تركها إذا استطعت؛ لأني أحفظ هذا الكلام، أريد أن تركز على مشكلتي.
جزاك الله كل خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عابر سبيل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا -بابننا الفاضل- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يهديك ويهديها ويصلح الأحوال، وأن يعينكم على طاعته أنه هو الكبير المتعال، وأن يحقق لنا ولكم الآمال.
أرجو أن تعمل بالكلام الذي حفظته، وقد أحسن -يا بني- من عمل بما حفظ وعلم، ونؤكد لك أن أهم شروط من يعظ الناس أن يعمل بما يعظهم به، والله سبحانه يقول: {يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون}، ونحن إذ نشكر لك الرغبة في الخير، ونود أن نقف معك وقفات نجملها في النقاط التالية:
1ـ جميل أن يميل الشاب إلى الفتاة، بل هذه هي الفطرة، ولكن لذلك الميل قواعد وآداب شرعية لا بد أن تراعى.
2- يصعب على أي أسرة أن تقبل ارتباط الشاب بمن هي أكبر منه سنا - رغم أن هذا يجوز من الناحية الشرعية - ولكن ليس من المصلحة السباحة ضد التيار العائلي.
3- ما يحصل من الفتاة من توسع في المكالمات مع الشباب من أخطر ما يصيب حياتك معها إذا حصل بينكما الارتباط الشرعي، والشيطان لن يتركك وسوف يذكرك بكل ما حصل منها ليحزنك، ويزرع في نفسك الشكوك.
4- هذا الذي يحصل منك أقرب إلى كونه مجرد إعجاب؛ لأن الحب لا يتأتى إلا مع قبول الصفات، وأنت الآن تكره وتنكر توسعها مع الشباب، بالإضافة إلى إصرارها على أنهم مجرد زملاء، والشريعة لا تعترف بزمالة ولا صداقة بين الجنسين إلا في إطار المحرمية، أو في ظلال الحياة الزوجية.
5- الزواج يحتاج إلى أموال، والطريق أمامك طويل، فكيف تنتظرك من هي أكبر منك سنا.
6- انتبه لنفسك، واعلم أن العواطف عواصف، وأن ما يحصل منك سيكون خصما على دراستك ومصدر تشويش على مستقبلك.
7- أنت عندنا في مقام الابن العزيز، ونحن لا نرضى لك ما يحصل.
8- من أهم علامات صدق المحبة طاعة الفتاة لمن تحب، وهي لا تطيعك ولا تطاوعك في مطالبتها بالبعد عن الشباب.
وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بإيقاف العلاقة تماما والانصراف للجد والطلب، وإعداد النفس للزواج، وعندها لا مانع من أن تختارها شريطة أن تتوب وتؤوب إلى ربها.
ونحن لا نريد لك الجري وراء السراب، وندعوك إلى ما تعرف من الصواب، ونتفق معك أن في الأمر صعوبة، لكن الأصعب والأخطر هو التمادي في علاقة مجهولة النهايات.
سعدنا بتواصلك، وتقبل ما كتبناه فأنت عندنا في مقام الابن الكريم، والأب لا يتهم إذا قسى في نصحه؛ لأنه لا يريد لابنه ولا لابنته إلا الخير.
وفقك الله وسدد خطاك.