السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب عمري 19 سنة، وطالب جامعي، أعاني من حالتي النفسية التي أعتقد أنها تتمثل في شخصيتي الحساسة، مع الوساوس في كل المواقف ومع كل الناس، وأهلي وأصدقائي، وحتى مع الأشخاص الغرباء، وقبل أن أقول أي كلام، أعده في رأسي حتى لا يتم فهمه بشكل خاطئ، وبعد أن أقوله، أشعر أنني لم أعبر عنه بالطريقة الصحيحة، وأفكر فيه.
أتحسس من أي كلام أسمعه وأي أفعال من أصدقائي وعائلتي، وتحز في خاطري، وأحمل في خاطري عليهم مع أنهم لا يقصدون ذلك، في بعض الأحيان أشعر أنهم يريدونني أن أكون معهم، وأعتقد أنه من الأفضل لي ألا أكون موجودا من خلال كلامهم أو أفعالهم، رغم أن ذلك بالتأكيد غير مقصود.
على سبيل المثال، عندما نتفق أنا وأصدقائي على الذهاب إلى مكان، وإذا لم أذهب، أغضب إذا لم يدعوني شخصيا، رغم أن الغالبية يقول سأذهب، ولكنني أنتظر الدعوة وأحمل في خاطري عندما لا يدعوني.
وأيضا أشعر أنهم لا يحبونني وأنني مجرد شخص ثانوي بالنسبة لهم، وأقول لنفسي: لا أحد يهتم بوجودي، حتى عندما يتحدثون مع بعضهم البعض، أتحسس وأقول لماذا لا يتحدثون معي؟ وأجلس أفكر في كل صغيرة وكبيرة، وأشكو أحيانا، وأحلل المواقف بطريقة سلبية؛ وهذا الشيء أصبح يزعجني جدا في حياتي، لدرجة أنني أرغب في العزلة عن العالم وأعيش بمفردي.
فرجاء -يا دكتور-، أعطني حلولا لحالتي. وشكرا لكم، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في استشارات الشبكة الإسلامية، ونتمنى لك دوام الصحة والعافية.
ابننا العزيز: أولا نقول لك: لا ينبغي التفكير في الماضي وما حدث فيه من أحداث سواء كانت إيجابية أو سلبية؛ فهي قد مضت وولت، والآن ينبغي التفكير في الحاضر، والعيش والاستمتاع بما فيه، أما الماضي فنستفيد منه فقط في كيفية تجنب التجارب الفاشلة، وكيفية تدارك الأخطاء السابقة.
يبدو أن مشكلتك ترجع إلى حساسيتك الزائدة، وتقييمك للأمور الحياتية بطريقة غير واقعية، فخوفك ناتج عن تصورك اللاواقعي للأحداث وعدم تقييمك الصحيح لها.
وللتغلب على ذلك حاول تبسيط الأمور والمشاكل، وذلك بتحليل مضمونها تحليلا دقيقا، مثلا إذا حدث لك موقف معين اسأل نفسك هذه الأسئلة:
- ما هي نيتي أو قصدي وقت حدوث هذا الموقف أو هذه المشكلة؟
- هل كانت خيرا أم شرا؟
- ما هي نوايا الآخرين الذين كانوا معي في الموقف أو المشكلة؟
- ما هي الأسباب التي أدت إلى ذلك؟
- هل هي أسباب مشروعة ومنطقية؟
- هل نظرت إلى الموضوع نظرة شاملة؟
- هل تحررت من هوى النفس عندما حكمت على ذلك الموقف؟ هل التمست العذر لمن سبب المشكلة؟ وهل سامحت المخطئ؟ هل اعتذرت إذا كنت أنت المخطئ؟
وهكذا -أخي الكريم- فإجابتك على مثل هذه الأسئلة يجعلك غير نادم على ما فات، ومستقرا في قراراتك بعيدا عن الوساوس والمخاوف.
إليك بعض الإرشادات والتي -إن شاء الله- تساعدك في الخروج مما أنت فيه:
1- اسع في مرضاة الله، فإذا أحبك الله جعل لك القبول بين الناس.
2- ينبغي أن تتصالح مع نفسك وتتحرر من هواها، وتثق في قدراتك وإمكانياتك واعتز بها، ولا تقارن نفسك بالآخرين في أمور الدنيا.
3- كن نموذجا في الأخلاق، واحترم قيم وآراء الآخرين.
4- افش السلام على من تعرف ومن لا تعرف، وساعد من يطلب منك المساعدة، واعرض مساعدتك على من يحتاج للمساعدة.
5- قدم الهدايا لمن حولك حتى ولو كانت رمزية؛ فإنها تحبب فيك الناس وازهد فيما عندهم.
6- بادر بمواصلة الآخرين في مناسباتهم الاجتماعية، وشاركهم في مناسباتهم السارة وغير السارة.
7- تجنب الصفات الست التي تؤدي للشعور بالنقص، وهي: الرغبة في بلوغ الكمال، سرعة التسليم بالهزيمة، التأثير السلبي بنجاح الآخرين، التلهف إلى الحب والعطف، الحساسية الفائقة، افتقاد روح الفكاهة.
نسأل الله تعالى أن يوفقك لما يحبه ويرضاه.