هل تدني مستوى الزوجة الثقافي وعدم شعورها بزوجها سبب لطلاقها؟

0 396

السؤال

تزوجت منذ 14 سنة، زوجتي ليست في مستوى اهتماماتي، أدركت ذلك بعد فوات الأوان، حاولت ترقية ثقافتها ومداركها دون جدوى!.

كنت أعاشرها بشكل جيد، أحادثها عن الحب والحياة والأمل، ولكن مع مرور الوقت أدركت أنني أنفخ في الهواء؛ فليس لديها أية قابلية للتغيير، أصبحت أكره رؤيتها وصوتها! خاصة أنها لا تحترم مشاعري، فهي يمكن أن تثير مشكلة يوم العيد، أو تطالبني بكماليات وأنا في عز الإعسار، أصبحت معقدا من ناحية النساء! خاصة وأني أتلعثم عند الحديث إليهن، وأهرب من مواجهتهن! أفكر كثيرا فلا أتذكر، على أن ذاكرتي جيدة!.

لا أنام إلا بصعوبة قصوى! فقدت التركيز الذهني نهائيا! تأتيني شهوة الجماع، فلا أقترب منها، ويرتخي ذكري، وأفقد الرغبة! ولولا أنني لا أجد غيرها لتركتها نهائيا!

أعود فأؤكد أنني أعاني من تشبع ذهني، وحيرة عارمة، وصعوبة النوم، وذهول خطير! كل هذا يتزايد يوميا، ولا أصبر نفسي إلا بالتفكير في زوجة جديدة، وذلك مجرد سراب؛ لعجزي المادي! وكذلك لأن النساء يرفضن التعدد!

أنقذوني، حفظكم الله!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حائر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

قرأت أخي الكريم رسالتك باهتمام كبير، وخرجت من خلال أسطرها أنك إن شاء الله على درجة من العلم والفهم، والحمد لله.

أخي: دعنا قبل الإجابة على سؤالك نتعرض لبعض المسلمات؛ علها تعيننا على حل ما نحن فيه، وهي سنن كونية أرادها الله لخلقه.

1- قال تعالى: ((ورفع بعضكم فوق بعض درجات)) [الأنعام:165]، وتعني الآية أن البشر متفاوتون في حياتهم، وكل إنسان في زمن مرفوع وفي زمن آخر موضوع، بل يرتفع الإنسان في جانب من جوانب الحياة، وينخفض في جانب آخر، وبهذا يتفاوت الناس في الفقر والغنى، والعلم والجهل، والحماقة والحلم، والصبر والجزع، وهذه سنة الله في أرضه.

2- هذا التفاوت أيضا ينجر على الرجل والمرأة، فالرجل عقلاني يحكم عقله، والمرأة عاطفية تتحكم وتتصرف بعواطفها، وفرق كبير بينهما قي غاياتهما وفي طموحاتهما وفي أهدافهما، بل ينظر أحيانا الرجل إلى طموحات زوجته كأنها طموحات أطفال، ولكن عليه ألا ينسى أنها سنة الله في خلقه.

إذا اتفقت معي في هذه السنن الكونية، أقول لك أخي: من الخطأ أن تطلب من المرأة أن تكون في مستوى همومك وطموحاتك، وإلا إن كان الأمر كذلك: لماذا أعطاك الله القوامة بكل ما فيها من صفات ومؤهلات؟ وإن كان للقاعدة شواذ فربما نجد امرأة أفضل في هذا الجانب.

ومن هنا يجب أن تعلم أخي جيدا أن قليل من النساء من يواكبن الرجال في هذا الجانب، ولعلك لم تطلع عليها، ولكن تنهال علينا عشرات الشكاوى مثل شكواك هذه.

أخي، عشت مع زوجتك هذه 14 سنة، وأظن أن هذه الفترة تعتبر كافية أن تكون قد فهمتها وفهمت طبيعتها، وطوعت نفسك عليها، واعتدت عليها، فإما أن تكون قد أفلحت في علاج نواقصها أو على أقل تقدير تكون قد خففت شيئا مما تعانيه، ولما كانت المرأة عاطفية أظن أن هذا مدخلا طيبا للعلاج، وأظن أنك تكلمت كثيرا، ولكن هذا ليس أسلوبا مجديا؛ لأن هناك حاجزا نفسيا بينكما، فإن سمعت منك لن تعي شيئا، وإن فهمت لن تطبق، ولذا أعرض عليك الآتي -وأسأل الله أن يكون علاجا-:

1- لا مجال للتفكير في الطلاق، ورؤيتي له –معذرة– هو هروب من الرجال في كثير من الأحيان من حل المشاكل؛ لأنه أقرب طريق، ولذا كان أبغض الحلال إلى الله.

2- أحسب أنها تجهل كثيرا من أسس الحياة الزوجية وأمور دينها، ولذا أرى أن تبذل جهدك وتستقطع جزءا من وقتك لها، وتلحقها بأحد مراكز التحفيظ للقرآن الكريم؛ حتى ولو تحملها بسيارتك ذهابا وإيابا، فهذا المكان مصنعا أصلح كثيرا من النساء، وقدم لها الإغراءات والحوافز حتى تلتحق به.

3- هناك محاضرات ودروس، لا سيما ونحن مقبلون على رمضان، حيث تكثر الدروس، فأرجو ألا تجعلها تنشغل بالبيت، بل حاول أن تشغلها بهذه الدروس؛ لأن السماع من غيرك ليس كالسماع منك.

4- لو كانت هناك امرأة متعلمة صالحة من الأهل أو المعارف يكون ذلك أفضل، فيتم الاتصال بها عبر زوجها، وتطلب منها الاتصال بالزوجة واصطحابها والتحدث معها، فقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على اصطحاب القرين الصالح، فلو صادقتها هذه المرأة حتى من غير تحدث ستؤثر فيها إن شاء الله.

5- إن كان لها قابلية للاطلاع، فهناك رسائل صغيرة تعالج هذه المسائل، وأقترح عليك الاتصال بالأوقاف، وأن تطلب منهم مجموعة من هذه الكتيبات، وتضعها في البيت على الطاولة في متناول الجميع.

6- إذا شعرت أن الجو مهيأ، وهناك استجابة بعض الشيء، فهنا لا بأس أن تعقد حلقات دروس خفيفة في شكل نقاش، يشترك فيه الأبناء وأنت وهي أيضا، تطرحوا بعض مسائل الصلاة والصوم مثلا، وبعض مسائل الأخلاق، وهكذا تتدرج بهم.

7- أخي، أمر مهم لك هو أن تضبط نفسك، وحذاري من الانفعال والغضب في هذه المرحلة من تصرفاتها، واسمع إلى رسولك صلى الله عليه وسلم وهو يقول: (ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) فأنت مصلح وطيب، فاحذر من أن تنفعل، وليكن الحلم شعارك في التعامل معها، وتغض الطرف عن هفواتها، فأملك مشاعرك، وغير سلوكك معها، وأشعرها بالحب، وأرسل لها بسمة طيبة، وقابلها بوجه طلق، فهذه أخي وسائل سحرية تعمل عملها في النفس البشرية فلا تستهين بها.

8- لا بد من الصراحة والصدق بين الزوجين، تجلسان سويا وتطرحان مشاكل البيت وهموم الأطفال، ومشاكل تعليمهم وشؤونهم، ومن المصارحة أن تضع أمامها وضعك المالي ودخلك، فهي شريكة حياتك، وكذا شريكة همومك، ومشاركتك لها سترجع معنوياتها، وأفضل أن تقدرا مبلغا شهريا تقابلوا به مصروفات البيت، وتسلمها هذا المبلغ لتديره هي بنفسها؛ حتى تكون شريكة بحق، وعندما تقتنع بدخلك ستعيش مع الواقع في طلباتها، وأيضا ستعيش همومك، ولعله من أسباب الفوارق الكبيرة بينك وبينها هو جهلها بوضعك عامة، ووضعك المالي خاصة.

وأخيرا أخي: ما ينتابك من فتور تجاهها، وعدم رغبة فيها هو هذه المشاكل التي أثرت نفسيا، وأي مشكلة من هذا النوع تؤثر في الجانب الجنسي، لكن والحمد لله هي أعراض وقتية، فمتى صلح الحال بينكما عاد كل شيء لطبيعته، فحاول أن تنفذ هذا البرنامج، والجأ إلى الله، وتضرع إليه كثيرا، إنه سميع الدعاء.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات