السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته!
أنا شاب أبلغ من العمر 26 سنة، متزوج من 6 سنوات، أعيش حياة أسرية ممتازة ولله الحمد! تكمن مشكلتي في أني أمل بسرعة، وعجل في اتخاذ القرارات المؤثرة في حياتي، وفي فهم الأشياء التي تقال لي، حيث إني أفهمها وأتصور أني استوعبتها، وهي على غير ذلك!
فما إن أبدأ بعمل، وأرسم له خطة لتنفيذه مجدولة بشكل ممتاز، ثم أبدأ في تنفيذها، وأستمر لمدة، حتى أفتر بشكل مفاجئ، ثم أتركها! مع الأيام تراكمت الأعمال التي أريد عملها، وبدأت أشعر بضياع الوقت والعمر في غير هدف منفذ!
وشكل آخر من المعاناة: أني لم أقم بعمل معين، مثلا: متابعة عميل في خدمات معينة، أستمر مع العميل لمدة على أحسن ما يرام، ثم أترك العمل بشكل مفاجئ، وبدون سبب محدد! حيث إني أصبحت أتغيب لأيام حتى أرجع إلى طبيعتي، ثم أرجع أستأنف العمل من جديد، لكن تكمن المشكلة في أن هذه الأعمال بعضها لا يقبل التأجيل.
وأوقات هذه الحالة غير منتظمة، بالإضافة إلى أني أعمل في اليوم لمدة تزيد عن 15 ساعة يوميا: من دراسة، وعمل، وغيرها، بالإضافة إلى أني إذا أصابتني هذه الحالة من الملل المفاجئ أكره الاختلاط مع الناس بشكل كامل، أو الاجتماع معهم، أو الخروج من المنزل، أو الرد على المكالمات الواردة إلي! وتتكرر هذه الحالة، وتصبح خطيرة إذا كنت مفلسا، بحيث أني أتضايق من المجتمع، ومن الأشخاص المقربين إلي!
وأيضا لا أستطيع أنا أطلب المساعدة أو النصيحة؛ لذا أرجو مساعدتي بما ترونه مناسبا، حيث أني لم أعرض حالتي النفسية على أحد من قبل، والتي هي الملل المتكرر، والعجلة، وأني أفهم شيئا على غير حقيقته، وكذلك الأشياء المذكورة سابقا، ولكم جزيل الشكر والاحترام!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
اعلم أن الأمر الذي تكلمت عليه سببه السلبية التي تعاني منها، والشخص الذي يعاني من السلبية في حياته تجد حوافزه ودوافعه ضعيفة، فينتقص من قدر معلوماته وخبراته، ولا يحب المشاركة، ويعتذر إذا طلب منه ذلك، بالإضافة إلى السلبية أيضا، فيشعر باليأس تجاه الآخرين، وتجاه أي شيء يقدم عليه، ويحتاج في هذه الحالة إلى تغيير قناعاته ودوافعه، لتكون إيجابية بدلا من السلبية، ويجب أن يتحدى الإحباط واليأس، ويحل أي مشكلة تصادفه بالحكمة، ويقدم البدائل لها.
اعلم أخي عبد الله أن الله تعالى أودع في كل إنسان طاقة كامنة تحتاج إلى من يحركها ويستعملها استعمالا صحيحا، فأنت لديك من القدرات والمهارات -ولله الحمد- ما ذكرت، فحاول أن تحافظ عليها وتضعها في مكانها الصحيح.
أنت تريد أن تتخلص من الملل، وتريد أن تتخلص من اليأس والإحباط، إذن عليك أن تحذر لصوص الطاقة، فقد تتعجب وتقول وهل هناك لصوص يسرقون الطاقة؟ وأقول: نعم، هناك لصوص يجعلونك تعيش في ملل ويأس وإحباط، وإذا خطوت خطوة نحو النجاح وتحقيق الهدف يصيبك الملل، ومن هؤلاء اللصوص: الإجهاد أو التعب، فحاول أن ترتاح متى أحسست بالتعب، ولا تكلف نفسك مالا تطيق، فالراحة تعطيك قوة وطاقة تستطيع أن تواصل بها عملك.
احذر تشتت الذهن أيضا، فحاول أن تحصر فكرك وذهنك ولا تشتته، واعلم أن تقوية ملكة الذهن في عدم تشتيته، وركز ذهنك في عمل واحد.
ابتعد عن القلق والتفكير السلبي فكلها من لصوص الطاقة، وحاول أن تواجه الخوف وتنطلق نحو النجاح، ومواجهة القلق والخوف تكون بقوة الإيمان ويقين الاعتقاد، وابتعد عن التوتر، وحاول أن تتخذ من المرح عادة تروح فيها عن نفسك، وحاول أن تعيش حياتك بعيدا عن الإحباط والملل، وتفكر دائما في النجاح والصعود نحو العلا، ولا تخسر الطاقة التي تملكها، ويأتي ذلك بقوة الإيمان بالله عز وجل، وتوطيد الصلة به والاستعانة به في جميع أمورك، وقوة الإيمان دائما تقود إلى النجاح، فالناجح مؤمن بالله ثم بقدراته وإمكاناته التي يستطيع أن يسخرها نحو تحقيق أحلامه وأهدافه، وقوة الإيمان هي نقطة الانطلاق الحقيقية التي ينطلق منها الإنسان نحو التميز والنجاح.
أنا أنصحك أن تستثمر قدراتك وطاقاتك فيما ينفعك، وأن تبتعد عن لصوص الطاقة قدر المستطاع، وعش حياتك في جو يسوده المرح والألفة والمحبة، ولا تقلق ولا تمل، وحاول أن تغير من أسلوب عملك، وبإذن الله تعالى ستعيش في اطمئنان وراحة بال.
وبالله التوفيق.