السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى
لقد كتبت إليكم من قبل ولكن لم أحصل على جواب يقنعني، ربما نسيت أن أذكر أنني قد تابعت حالتي عند طبيب نفسي مدة طويلة، ولكن لم أخرج معه بنتيجة، فقد طلب مني أن أتناول أدوية، وأرسلني لطبيب آخر ولم يفلح أيضا معي، مع العلم أن كلا الطبيبين متدين وعنده من العلم وأصول الدين الكثير، لكن كما قلت لم يفلح الأمر خاصة وأن الوساوس تزداد كل يوم، ومهما حاولت أن أخرجها تزيد من الناحية الدينية أو اليومية.
كما أشعر بنقص في الذات وفراغ كبير في عقلي وقلبي، لم أعد أشعر بالفرح أو السعادة أو أي شيء، إلا الرغبة بالبكاء، وأستمع إلى أصوات كثيرة في رأسي خاصة قبل النوم، وأجد نفسي أتفاعل معها، حتى أني أضرب نفسي عندما لا أتفق معها في أحد الأفكار التي تراود ذهني، وعند الغضب أسمع نفسي تسب وتقول: (ذنب الله، أو أكره الله، وأنا لست مسلمة) وتسب الدين، وعندما أرتاح أقول لنفسي: قد كفرت بالله عند الغضب والآن تبحثين عنه؟ لم أعد أطيق الكلام ولا السكوت، ضاق بي كل شيء خاصة عندما أفشل في كل شيء.
أدرس بجد وطوال الوقت، لكن عند الامتحان لا أستطيع الإجابة على أي شيء وأفشل فشلا ذريعا، وكلما حاولت شغل نفسي بشيء لا أفلح، وأفكر بكل شيء، لم أعد أستطيع البكاء لأني تعبت منه، بكيت خمس سنوات حتى أني لا أشعر بالحزن لحالي ولا على غيري، فقد تعبت من النوم والانتظار لغد قد يحمل لي شيئا ينهي معناتي، كلما خسرت قلت: الله أعلم مني فربما سأنجح في شيء آخر، لكن لم أنجح، خسرت دراستي وصحتي، صرت أنسى كثيرا، حتى الأشخاص حولي إذا لم أرهم أنسى أنهم موجودون، حتى أنسى أن لي أختا رابعة ما لم أرها، وخسرت نفسي وعائلتي بسبب تصرفاتي العصبية، اشتقت إلى ماض كنت فيه سعيدة لا أملك شيئا ولا أحتاج شيئا، فقد كنت أعرف نفسي وما تريد، لكن اليوم لا أعرف حتى أين أنا!
أرجو المساعدة، وجزاكم الله خيرا، شكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منال حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
رسالتك واضحة جدا، وأسأل الله تعالى أن تنتفعي بإجابتنا، وأنا أقول لك: إن هذه الاستشارات الالكترونية قصد منها أن تكون إرشادية وتوجيهية، واتباع ما يرد فيها نرى أنه سيكون مفيدا جدا، لكن في نهاية الأمر {لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} بمعنى أن التغيير يجب أن يكون من الإنسان نفسه.
أنا أوضح لك تشخيص حالتك وأقول لك: إنك تعانين من وساوس قهرية، كما أن شخصيتك تحمل سمات القلق والتوتر. هذا هو التشخيص.
العلاج له أربعة جوانب: الجانب الأول: دوائي، والجانب الثاني: سلوكي، والجانب الثالث: اجتماعي، والجانب الرابع: إسلامي.
بالنسبة للعلاج السلوكي، الطبيب الذي قام بفحصك وحولك إلى الأخصائي النفسي أعتقد أنه قد اتخذ القرار الصحيح، هذا النوع من الوساوس يجب أن تكون له متابعة سلوكية مباشرة مع المعالج، ومن خلال الجلسات النفسية -إن شاء الله تعالى- يحدث تغير كبير، فإذا أنا أؤمن على ما قام به الطبيب السابق والذي لم ترتاحي كثيرا لمنهجيته، فأرجو أن تعاودي الذهاب إليه حتى تتواصلي مع الأخصائي النفسي السلوكي، هذا من ناحية العلاج النفسي، وأود أن أضيف إليه من جانبي وأقول لك: كوني إيجابية في تفكيرك، لا تناقشي الأفكار الوسواسية، إنما أغلقي عليها وتجاهليها تجاهلا تاما، واجعلي لحياتك أهدافا تصرفك عن هذا الفكر، وضعي الآليات التي توصلك لهذه الأهداف.
من الناحية الاجتماعية، وهذا علاج أيضا مهم: أكثري من التواصل الاجتماعي المفيد، كوني بارة بوالديك، كوني إنسانا فعالا داخل أسرتك، واحرصي على أمور دينك، هذه كلها حين تجتمع مع بعضها البعض تصرف انتباهك عن الوساوس.
النقطة الأخيرة وهي المحور العلاجي الأخير: العلاج الدوائي، من المهم جدا أن تتناولي أحد مضادات الوساوس والتي تزيل القلق وتحسن المزاج، وهذه قطعا سوف يقوم الطبيب بوصفها لك حين تذهبين إليه.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.