السؤال
السلام عليكم.
الدكتور المحترم/ محمد عبدالعليم، أشكو حالتي إلى الله ثم إليك، فأنا رجل عمري 33 سنة، وصارت لي حالة قبل ثلاث سنوات؛ نوبات هلع وخوف، تأتيني منذ الخروج من المنزل، وتزداد بالليل، وظللت حابسا نفسي في البيت، ولا أذهب إلى العمل، وذهبت إلى أكثر من مستشفى، وعملت فحوصات، والحمد لله، الفحوصات سليمة، ونصحني الأهل أن أذهب إلى أحد المشايخ لأتعالج بالرقية الشرعية والأعشاب، وأحسست أن الخوف والقلق زادا.
لجأت إلى الطبيب النفسي، وأخبرني أني مصاب بالرهاب، وأعطاني عقار (السيروكسات 25 cr)، و(الريميرون 30) نصف حبة (15)، وأن أعمل تمارين استرخاء، والحمد لله، تحسنت حالتي، وصرت أراجع الدكتور شهريا.
في الشهر الخامس ذهبت العيادة لمقابلة الدكتور، وتفاجأت أنه مسافر، ولن يرجع، واستمررت على الأدوية سنتين ونصف، والمفاجأة الثانية أن عقار (الريميرون) انقطع في الصيدليات في بلدنا، ولا أعرف السبب!
استمررت على (السيروكسات)، ونويت أن أترك (السيروكسات)، وفعلا تركته ثلاثة أشهر، وصرت لا أستخدم أي أدوية، وبعد الشهر الثالث رجعت لي الحالة بشدة، وصرت حبيسا في البيت، وقدمت استقالتي من العمل، وأصابني أرق شديد، والحمد لله، أنا ملتزم بصلاتي.
بماذا تنصحني؟ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أشكر لك الثقة في إسلام ويب، وأقول لك: أبشر، ما دامت ثقتك في الله مطلقة فأنت -إن شاء الله تعالى- من المتعافين، هذا أمر لا شك فيه، فالله –تعالى- عند حسن ظن عبده به، كما قال في الحديث القدسي.
تجربتك الأولى كانت تجربة ممتازة وناجحة، والذي أود أن أقوله لك الآن: يجب أن تقتنع قناعة تامة أن حالتك هذه يمكن أن تعالج وتعالج بصورة فاعلة جدا.
أخي الكريم، أريدك أن تركز بصورة أفضل على الآليات السلوكية، وحين نتحدث عن الآليات أو العلاجات السلوكية نتحدث عن أمور موجودة في واقعنا وفي حياتنا، تطبيقات سهلة وميسرة ومفيدة في ذات الوقت تتطلب الالتزام، مثلا –أخي الكريم-: السعي للنوم المبكر، مع تجنب النوم النهاري، تجنب تناول المنبهات في فترة المساء، ممارسة الرياضة، الحرص على أذكار النوم...، هذا كله متاح وطيب وفاعل ويؤدي إلى نفع عظيم فيما يخص في موضوع النوم.
بالنسبة للمخاوف: أن تحقرها تحقيرا تاما، وأن تتجاهلها تجاهلا تاما، لكن في ذات الوقت يجب أن تنشط من آلياتك النفسية المعرفية السلوكية والاجتماعية، وأول الخطوات هي الحرص على الصلاة مع الجماعة في المسجد، هذا أفضل أنواع التعرض أو التعريض الاجتماعي، وأنا أقول للناس: تقدموا في الصفوف، حتى وإن بدأت في الصف الخلفي، تقدم تدريجيا حتى تكون خلف الإمام، بل تتصور أنك سوف تخلف الإمام إذا طرأ عليه طارئ. هذا –يا أخي الكريم– علاج حقيقي وواقعي، وفيه خير الدنيا والآخرة.
أيضا الرياضة الجماعية، أن تمارس مثلا كرة القدم مع بعض الأصدقاء مرة أو مرتين في الأسبوع، هذا وجدناه من أعظم العلاجات السلوكية التي تزيل الاكتئاب والمخاوف والقلق والتوتر.
الالتزام التام –أخي الكريم– بالصلات الاجتماعية الأساسية، وأهمها صلة الرحم، زيارة المرضى، المشي في الجنائز، تلبية الدعوات كالأفراح والأعراس وغير ذلك.
إذا –أخي الكريم– هناك تطبيقات عملية علاجية متاحة، وتطور من مهاراتنا، وتجعلنا نشعر بالرضا، هذا هو الذي أريدك أن تنتهجه، وحقر فكرة الاكتئاب، حقر فكرة الخوف، وأنت –أخي الكريم– حياتك فيها أشياء طيبة وجميلة، هذه دائما يجب أن تستذكرها، ولا تخف من الماضي ولا من المستقبل، توكل على الله، وكن صارما وقويا، وعش الحاضر بقوة وإنتاجية وتفاؤل وأمل ورجاء.
هذه هي الحياة، وهذا هو العلاج، وإن شاء الله –تعالى- أنت قادر على ذلك.
بالنسبة للعلاج الدوائي –أخي الكريم-: أقول لك تناول (الزيروكسات نفسه، CR)، لكني أريدك أن تبدأ بجرعة 12.5 مليجرام فقط، تستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم تجعلها خمسة وعشرين مليجراما يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم تجعلها 12.5 مليجرام لمدة عام، هذه جرعة كافية جدا في حالتك، لا تحتاج لأكثر من ذلك إذا طبقت السبل العلاجية الأخرى، وبعد انقضاء العام اجعل الجرعة 12.5 مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهرين، ثم 12.5 مليجرام مرة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهرين، ثم توقف عن تناول الدواء.
أيها الفاضل الكريم، لا مانع أن تدعم نومك من خلال تناول عقار يعرف تجاريا باسم (أنفرانيل Anafranil)، ويسمى علميا باسم (كلومبرامين Clomipramine)، جرعة صغيرة (خمسة وعشرين مليجراما) ليلا، وقطعا سوف تساعدك كثيرا، تلطف النوم، وأيضا هو له فعالية ضد القلق والرهاب، ويحسن المزاج.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.