الاضطرابات النفسية الحادة قبل نزول الدورة هل هي طبيعية أم لا؟

0 403

السؤال

السلام عليكم..

أنا فتاة عمري 23 عاما، لاحظت منذ عدة أشهر تقلب مزاجي بشكل مخيف، فقبل أسبوع إلى 10 أيام من الدورة الشهرية إلى أول يوم من الدورة الشهرية أصبح عصبية جدا وحادة المزاج، وأتوهم العداء مع من حولي، وأشعر بالاضطهاد والظلم، وأسبب الأذى النفسي لي ولمن حولي، وأرى أن لا جدوى من الحياة، ولا قيمة لها، ووارد جدا معاودة الضحك بعد قليل من الإحساس السوداوي.

وأما الأعراض الجسدية: فهي خفيفة، ومحتملة، مع ألم خفيف في العضلات، تبدأ هذه الأعراض قبل الدورة بيوم، وتنتهي ثاني يوم، مع إحساس بجفاف حاد وعطش قبل الدورة بيومين، ودورتي منتظمة -والحمد لله-، وأمارس الرياضة بشكل منتظم.

إن أردت أن أكتب جدولا للأعراض خلال الشهرين الماضيين، فما حدث كالتالي:
قبل موعد الدورة بخمسة أيام انفعلت جدا أثناء حديثي مع أحد أفراد العائلة، مما سبب مشكلة، وجرحت على إثره يدي عدة جروح، وقمت بشد شعري، وضرب وجهي بعنف شديد، ولم أعد قادرة على التحكم بنفسي، وشعرت بالرضا بعد أذيتي لنفسي، وفي الشهر التالي وقبل الدورة بيومين افتعلت مشكلة مع خطيبي الذي عقد عليه قراني منذ فترة قصيرة، ولم نتزوج بعد، فتوهمت أني مضطهدة ومظلومة، وأنه يظلمني، وافتعلت مشكلة على هذا الأساس، واستيقظت صباحا غير قادرة حتى على الابتسامة، ثم بعد استيقاظي بعدة ساعات بدأت فجأة وبلا سبب واضح بالبكاء، وكتبت له كلاما لا أعلم كيف فكرت به؟ مليء بالتظلم، وأصبحت أردد كلمات مثل: أنا خائفة منك، سوف تتركني وترميني، والكثير من الاتهامات التي لا أساس لها من الصحة، علما أنه كان قد تحملني قبل ذلك بيومين، حيث افتعلت مشكلة، ولكن بحدة أخف، حيث أصبحت علاقتنا على حافة الانهيار، تكلم معي وكان في غاية العصبية، ولم يتحمل، وهذا حقه، وأنا استمريت في مناقشته وفي عنادي وعصبيتي، وما لبث أن أقفل الهاتف بوجهي بعد أن أصبحت علاقتنا شبه منهارة، وندمت بسرعة غريبة لحظة إقفاله الهاتف.

هذا التبدل من الإحساس بالظلم إلى إحساس بالذنب تبدل خلال دقيقة واحدة بشكل غريب، وشعرت بأني مجرمة وظالمة، وخفت عليه من أن أتسبب له بنوبة قلبية بسببي، وخاصة أنه مغترب، وكل منا في بلد، ولم أعلم كيف تفوهت بهذا الكلام ولماذا؟ وهرعت لمراضاته فورا، ولكن من دون جدوى، فحتما قد ظن أني أراوغ، فكيف لإنسان طبيعي أن يتبدل رأيه بدقيقة واحدة؟

أغلب مشاكلي تكون قبل الدورة بأسبوع أو 10 أيام، حتى أني أفكر بأذية ذاتي، وأشعر برغبة جارفة بالبكاء، وأفكر بالانتحار، علما بأنها مجرد أفكار، ولا أظن نفسي قادرة على قتل روح منحني إياها الله، ولكني أخاف، ﻷنه سبق وجرحت نفسي، ولكن ليس بنية الانتحار، فقط لأني شعرت بأني سوف أرتاح عند أذية نفسي.

علاقاتي بمن حولي تنهار وتتدمر، وأشعر بالذنب، يقتلني هذا الإحساس، فأنا أؤذي من يحبوني، ولا أستطيع إخبارهم، فلن يصدقوا أن الدورة هي السبب، فهل يوجد حل لما أعاني منه بدون الذهاب إلى طبيب نفسي؟ فأنا لا أثق بالأطباء النفسيين في المدينة التي أسكنها؟ وأخاف من الإدمان على دواء ما، وهل أنا طبيعية أم أني أعاني من شيء خطير؟

ساعدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مايا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أنا قمت بالاطلاع على رسالتك ودراستها، والذي وصلت إليه:
هو أنه لديك اضطراب مزاجي ما قبل الدورة، وهذه حالة نفسية معروفة، فهنالك شيء من الكدر، وهنالك شيء من العصبية، والتنفيس عن النفس من خلال إيذاء الذات، وهذا التقلب المزاجي بالفعل مزعج لصاحبه، وحتى إن لم يكن خطيرا يجب أن يعالج.

الأمر الآخر هو: أعتقد أن شخصيتك لديها لا أقول التوجس والشعور بالاضطهاد، لكن هنالك شيء من الارتياب وعدم الطمأنينة للآخرين، كما أنني أتصور أنه يصعب عليك تحمل أي فراغ زمني أو خواء نفسي، وهذا أيضا مرتبط بالتكوين النفسي لشخصيتك وتركيبتها.

لا أقول أنك مضطربة الشخصية، لأن هذا المسمى ليس طيبا، لكن شخصيتك لها سمات جعلتك عرضة للاضطراب المزاجي الذي يسبق الدورة الشهرية.

أيتها الفاضلة الكريمة: هنالك إجماع شبه تام بين علماء النفس والسلوك أن اضطرابات ما قبل الدورة يجب أن تعالج دوائيا، ومضادات الاكتئاب خاصة عقار مثل الـ (فلوكستين Fluoxetine) سيكون جيدا ومفيدا بالنسبة لك، وهذا الدواء بسيط، وغير إدماني، وغير تعودي، وفي كثير من الدول يصرف دون وصفة طبية، والجرعة هي أن تتناوليه يوميا (عشرون مليجراما) لمدة ستة أشهر مثلا، ثم تتوقفين عن تناوله.

وهنالك أيضا من يعطي مضادات القلق والتوتر عند منتصف الدورة الشهرية، أي أسبوعين مثلا قبل حدوث الدورة الشهرية، وهذه أيضا أحد الطرق التي تمارس، لكني أفضل الطريقة الأولى، وهي استعمال الفلوكستين لمدة ستة أشهر.

تمارين الاسترخاء أيضا مهمة جدا، والحمد لله تعالى أنك تمارسين الرياضة، والرياضة وجد أنها ذات مفعول إيجابي.

حاولي أن تنامي مبكرا أيضا، فالنوم المبكر يعطي شعورا بالارتياح ويزيل التقلبات المزاجية.

عبري عن انفعالاتك بصورة إيجابية، لأن هذا الأمر مطلوب خاصة في حديثك مع زوجك أو خطيبك، ولا تتسرعي ولا تتعجلي، وعبري عن ذاتك أول بأول، لأن الكتمان في بعض الأحيان يؤدي إلى احتقانات كثيرة.

أيتها الفاضلة الكريمة: قطعا أنت تواقة لأن تكوني من المتميزات والمتفوقات، فاحرصي في تحصيلك العلمي، هذا يأتيك -إن شاء الله تعالى- بخير كثير.

سؤالك: هل أنا طبيعية أم أعاني من شيء خطير؟ أنت طبيعية، وإن شاء الله تعالى لا يوجد شيئا خطيرا، مجرد ظاهرة وقد قمنا بشرحها لك، وكذلك السبل التي أسأل الله تعالى أن تساعدك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات